بعد التصعيد التركي على شمال وشرق سوريا في الأيام الماضية، أجرت واشنطن وأنقرة مباحثات حول قضايا الدفاع والأمن والتطورات الأخيرة في المنطقة والإقليم. إذ جاءت هذا المباحثات في اتصال هاتفي بين وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، ونظيره التركي يشار غولر، أمس الثلاثاء.   

وزارة الدفاع التركية، قالت في بيان مقتضب عبر حسابها في “إكس”، إن غولر وأوستن، تبادلا خلال اتصال هاتفي، الثلاثاء، وجهات النظر حول قضايا الدفاع والأمن الثنائية والإقليمية. 

التصعيد التركي  

مباحثات وزيري الدفاع الأميركي والتركي، تطرقت إلى التصعيد الإسرائيلي وتوسيع نطاق الحرب من غزة إلى لبنان إلى سوريا وإيران، والمخاطر الأمنية الناجمة عن ذلك، وفق ما ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط“.  

وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، ونظيره التركي يشار غولر في لقاء سابق - انترنت
وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، ونظيره التركي يشار غولر في لقاء سابق – انترنت

لكن ما يجمع واشنطن وأنقرة هو شمال وشرق سوريا، حيث يوجد قواعد عسكرية أميركية في المنطقة، بينما تدعم واشنطن “قوات سوريا الديمقراطية”، لذلك فإن تركيز المباحثات كان على التصعيد التركي الأخير.  

إذ قالت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، إن هناك تنسيقا وتواصلا جيدا بين بلاده وتركيا فيما يتعلق بالعمليات التي نفّذتها القوات التركية ضد أهداف إرهابية في سوريا في أعقاب الهجوم الإرهابي على شركة صناعات الطيران التركية “توساش”.

وقال المتحدث باسم “البنتاغون”، باتريك رايدر، في مؤتمر صحفي، أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تدرك مجددا المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا”، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تعتبر “بي كي كي تنظيما إرهابيا.”

وركّزت الضربات الجوية والبرية التركية، بشكل أساسي على محطات النفط والطاقة، والبنى التحتية، والمنشآت الصحية والخدمية، إلى جانب الضربات الجوية على مواقع “حزب العمال الكردستاني” في شمال العراق. حيث بدأ الجيش التركي بالتصعيد بعيد ساعات من هجوم أنقرة.  

القوات التركية كثّفت من عملياتها الجوية والبرية بشمال سوريا والعراق، في أعقاب هجوم تبنّاه “حزب العمال الكردستاني” على مقر شركة صناعات الطيران والفضاء التركية “توساش” بأنقرة، في الـ 23 من تشرين أول/أكتوبر الجاري. 

وقالت السلطات التركية إن انتحاريَين نفّذا الهجوم على الشركة بالقنابل والأسلحة، جاءا من سوريا، في حين نفى قائد قوات “قسد”، الذراع العسكرية لـ “الإدارة الذاتية” في شمال شرق سوريا، مظلوم عبدي، بعد إجراء تحقيق داخلي، أن يكون منفّذو الهجوم، دخلوا من الأراضي السورية كما تقول تركيا. 

الجيش التركي شنّ 1031 هجوماً باستخدام الطائرات الحربية، المسيرة، وقذائف الهاون على مناطق متفرقة من شمال وشرق سوريا، بما في ذلك عين العرب (كوباني)، منبج، تل تمر، وعين عيسى. حيث بلغت حصيلة الضحايا 17 قتيلا و65 جريحاً، بالإضافة إلى تدمير محطات الكهرباء والمياه التي تخدم أكثر من 150 ألف عائلة، وفق “الإدارة الذاتية“.  

بالنسبة لأنقرة، فإنها تطالب واشنطن باستمرار بالتخلّي عن دعمها لـ “وحدات حماية الشعب الكردية”، أكبر مكونات “قسد”، حيث تعدّها أنقرة امتداداً في سوريا لـ “حزب العمال الكردستاني”، المصنّف من جانبها وحلفائها الغربيين “منظمة إرهابية.” 

عملية عسكرية تركية 

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لوّح عقب هجوم أنقرة، بشنّ عملية عسكرية موسّعة على مواقع “قسد” في شمال وشرق سوريا، إذا لزم الأمر، “من أجل القضاء على الإرهاب في منبعه”. 

حقل السعيدة النفطي بعد استهدافه من الجيش التركي - انترنت
حقل السعيدة النفطي بعد استهدافه من الجيش التركي – انترنت

بينما أعاد التأكيد، أمس الثلاثاء، أن تركيا ستواصل عملياتها العسكرية في شمال العراق وسوريا ضد مواقع “حزب العمال الكردستاني” بهدف “القضاء على تهديد الإرهابيين.” 
وقال الرئيس التركي: “نحن نمنع الإرهابيين الذين يعيشون على حدودنا من التنفس… حتى قيام دولة ومنطقة خالية من الإرهاب، سنواصل هذه المعركة بعدة أبعاد”، مشيرا الى العمليات الجارية في العراق وشمال سوريا. 

وتوقّعت وسائل سورية محلية، أن تنفّذ تركيا عملية برّية محدودة ضد “قسد”، لكنها أشارت إلى عدم توصّلها إلى تفاهمات مع أميركا وروسيا لشن الهجوم، برغم الحشود والتعزيزات التي استقدمها الجيش التركي إلى مناطق التماسّ مع «قسد»، والضربات الجوية المكثّفة على مواقعها في الأيام الأخيرة. 

وذكرت صحيفة “الوطن” المحلية، أن تركيا لم تتوصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة وروسيا لشنّ عملية عسكرية جديدة في سوريا، رغم الحشود والتعزيزات التي استقدمها الجيش التركي إلى مناطق التماس مع “قسد”، والضربات الجوية المكثّفة على مواقع الأخيرة. 

واعتبرت الصحيفة أن الظروف الإقليمية والدولية غير مواتية حالياً كي تنفذ تركيا عملية برّية، لا سيما مع انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية، ورغبتها بوقف التصعيد في غزة ولبنان وبين إيران وإسرائيل، مضيفة أن تسيير القوات الأميركية دورية على طول الشريط الحدودي في الحسكة يحمل رسالة لتركيا ويدل على رفض واشنطن إضعاف “قسد”. 

تعزيزات مكثفة 

أمس الثلاثاء، استقدمت القوات التركية رتلاً عسكرياً عبر “معبر باب الهوى”، باتجاه النقاط العسكرية في ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي، يتألف من أكثر من 17 شاحنة مغلقة محمّلة بالعتاد العسكري واللوجستي، بالإضافة إلى شاحنات لنقل المحروقات، كما يرافقه حوالي 30 مدرعة ناقلة للجند وآليات متطورة متخصصة في تحديد ورصد مواقع المدفعية، وفق “المرصد السوري لحقوق الإنسان”. 

 

آليات عسكرية أميركية في مناطق قصفتها تركيا في مواقع سيطرة «قسد» شمال سوريا (أ.ف.ب)
آليات عسكرية أميركية في مناطق قصفتها تركيا في مواقع سيطرة «قسد» شمال سوريا (أ.ف.ب)

ودفعت تركيا بتعزيزات قبل يومين من “معبر باب السلامة” الحدودي إلى نقطة مريمين في عفرين بريف حلب الشمالي، ضمن منطقة “غصن الزيتون”، التي تُعد إحدى النقاط في خطوط التماس مع مناطق انتشار “قسد” والقوات السورية، وسط تحليق لطيران الاستطلاع التركي على الحدود، بحسب “المرصد”.  

يُذكر أن تركيا أبرمت مع كلٍّ من أميركا وروسيا تفاهمين منفصلين، في تشرين أول/أكتوبر 2019، وافقت بموجبهما على وقف عملية “نبع السلام” العسكرية ضد “قسد” في شرق الفرات، مقابل إبعادهما “قسد” عن حدودها الجنوبية مسافة 30 كيلومتراً. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة