موافقة الحكومة السورية على رفع سعر “المازوت” المدعوم للقطاع الزراعي، أثارت مخاوف من انعكاس ذلك على الأسعار في الأسواق السورية، الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر على الواقع المعيشي للسوريين.  

ووافق مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها، الثلاثاء، على رفع سعر “المازوت” المدعوم للقطاع الزراعي من 2000 ليرة إلى 5000 ليرة لليتر، وزيادة سعر المازوت للمنشآت الصناعية الزراعية من 8000 ليرة إلى سعر الكلفة. 

نقاش حاد

هذا القرار أثار نقاشاً حاداً وتبايناً في الآراء أثناء جلسة مناقشة “مجلس الوزراء”، تركزت على ضرورة الاستمرار بدعم القطاع الزراعي ومدخلات الإنتاج الزراعي، حرصاً على تمكين المزارعين من الاستمرار بعملهم، على اعتبار أن القطاع الزراعي هو الحامل للأمن الغذائي وتحقيق ما أمكن من الاكتفاء الذاتي في ظل الظروف التي يمرّ بها البلد. 

اجتماع للحكومة السورية برئاسة محمد غازي الجلالي - انترنت
اجتماع للحكومة السورية برئاسة محمد غازي الجلالي – انترنت

إذ يرى بعض الوزراء، أن رفع سعر “المازوت” سيؤدي، إلى زيادة أسعار المنتجات النهائية في الأسواق وسترهق المستهلكين من ذوي الدخل المحدود، معتبرين أنه لا بدّ أن تلحظ الحكومة ضرورة زيادة الرواتب والأجور تزامناً مع توجّهها لرفع أسعار المشتقات النفطية، وفق ما ذكرت صحيفة “الوطن” المحلية.  

 كان لابد من دراسة تسعيرة جديدة لـ “لمازوت” المدعوم بهدف تخفيف العجز الذي يبلغ 16 تريليون ليرة سنوياً، بحسب قدور، لافتا إلى أنه وبعد الإجراءات الحكومية بزيادة أسعار “مازوت” التدفئة و”المازوت” الزراعي سينخفض العجز إلى 10 تريليونات ليرة سنوياً. 

رئيس الاتحاد العام للفلاحين، أحمد إبراهيم، قال إن دعم الفلاح بشكل حقيقي هو دعم مستلزمات الإنتاج، وإن عدم توفر المحروقات وارتفاع أسعارها يعتبران من أبرز المشكلات التي تواجه المزارعين خلال الأعوام الماضية. 

تراجع المستوى المعيشي

الخبير الاقتصادي، الدكتور شفيق عربش، تخوَّف من ارتفاع الأسعار في البلاد، بعد رفع الحكومة سعر “المازوت” الزراعي المدعوم إلى 5 آلاف ليرة ورفع سعر “المازوت الموزّع على المنشآت الصناعية لسعر التكلفة.

سوق في العاصمة السورية دمشق - رويترز
سوق في العاصمة السورية دمشق – رويترز

عربش أوضح أن هناك العديد من العوامل التي تساهم برفع الأسعار، لكن قرار الحكومة الحالية زاد من تأثير هذه العوامل، وأن هذه القرارات مجتمعة ستؤدي إلى تراجع المستوى المعيشي للسوريين. 

وأضاف أن الحكومة الحالية مستمرة بنفس سياسة الحكومات السابقة مع تغير البيانات الإنشائية التي تقدمها فقط، وأسعار النفط تنخفض عالمياً وترتفع في سوريا.  

ولفت إلى أن أسعار المواد أساساً ترتفع دون رفع أي سلعة حكومية، فكيف إذا قامت الحكومة برفع سعر “المازوت”، مشيراً إلى أن نِسب الارتفاع التي سيخلّفها هذا القرار غير واضحة بسبب كثرة عوامل الارتفاع. 

حول مبررات الحكومة برفع سعر “المازوت” بشقّيه الزراعي والصناعي في محاربة السوق السوداء، قال عربش، في حديثه لموقع “أثر برس” المحلي، إن رفع السعر وعدم تأمين المادة سيؤدي إلى رفع سعر المازوت في السوق السوداء وليس محاربتها.  

التمويل بالعجز

عربش دعا الحكومة إلى الانسحاب من السوق، بمعنى أن تحصر دورها في تأمين مناخات العمل وإتاحة المجال للراغبين بالعمل في السوق. 

سوق الحميدية دمشق - موقع "يكي ميديا"
سوق الحميدية دمشق – موقع “يكي ميديا”

إذ إن القرارات الحكومية لم تساهم في تحسين مستوى المعيشة حتى اللحظة، أو على الأقل الحدّ من مستويات التراجع في المعيشة، وذلك على اعتبار أن الحكومة استمرت بسياسات التمويل بالعجز لفترة طويلة، سيما وأن البلاد تفتقر إلى الموارد، وفق عربش. 

وأضاف أن تكاليف طباعة الورقة النقدية من فئة الـ 5000 ليرة توازي أكثر من 60 بالمئة من قدرتها الشرائية، بالتالي أصبحت طباعة الأوراق النقدية عملية خاسرة. 

وأشار إلى أن الأسرة السورية المكونة من 4 أشخاص أصبحت بحاجة لـ 4 ملايين ليرة سورية شهرياً، إذا أرادت تأمين وجبة غذائية واحدة يومياً. 

يبدو أن الحكومة السورية لجأت إلى معالجة نقص توريد المحروقات برفع الأسعار، حيث سيخلق ذلك صدمة في السوق وتراجع الطلب، لكن هذا الحل سيكون مؤقتا وغير ناجع، إذ أشار وزير النفط، فراس قدور، إلى وجود صعوبات حالياً تواجه عملية توريد المحروقات لكن الحكومة تسعى لتأمين الكميات اللازمة لكل القطاعات. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات