في اليوم الأول من تسلم الحكومة الانتقالية لمقاليد السلطة في سوريا، بدأت الحياة بالعودة إلى طبيعتها في معظم المحافظات السورية، خاصة في العاصمة دمشق، بينما انحسرت المظاهر المسلحة في الشوارع، حيث اقتصرت على وجود حماية للمؤسسات العامة فقط، منعا للعبث فيها.
وتسلمت الحكومة الانتقالية برئاسة محمد البشير مقاليد السلطة رسمياً، أمس الثلاثاء، بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، حيث عقدت الحكومة اجتماعاً بحضور رئيس الوزراء السابق محمد الجلالي.
أولويات الحكومة
بالنسبة للحكومة الانتقالية، التي سيشكلها البشير، فإن مدتها ستكون 3 أشهر فقط، أي لغاية آذار/مارس المقبل، بحسب مصدر مطلع على مجريات الأحداث بدمشق، إذ أوضح في حديث لـ “الحل نت” ملامح المرحلة المقبلة.

المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، قال إن الحكومة ستبدأ بالعمل على الأولويات التي تمس الواقع المعيشي للسوريين، من حيث تأمين الخدمات والعمل على تحسينها ضمن الموارد المتاحة، لكن هذا سيكون لفترة مؤقتة، إلى حين البدء بوصول المحروقات وغيرها من الموارد الأساسية لتحسين واقع البنية التحتية.
من غير المتوقع أن تشهد سوريا تحسنا ملحوظاً خلال فترة قصيرة، بالمقارنة مع واقع البلاد، بعد أكثر من 10 سنوات من الحرب، لكن بالتأكيد هذا الموضوع سيكون على رأس سلم الأولويات، وفق المصدر.
وأشار إلى أن هناك قرارات ستصدر بما يخص حل الأجهزة الأمنية وقوانين الإرهاب، بينما يجري العمل على إعادة تريب المؤسسة العسكرية، إذ تعتبر الحكومة الانتقالية أن هذا من الأولويات بالنسبة لها، لإحلال الأمن وعدم الوصول إلى حالة فوضى في البلاد. بينما أكد أن هناك تركيز على إنهاء المظاهر المسلحة في الشوارع في الوقت الحالي.
رئيس وزراء النظام السوري السابق، محمد الجلالي، أكد أن حكومة تسيير الأعمال أصبحت تتحكم في القرارات الاستراتيجية في سوريا، مشيراً إلى أن عملية تسليم الوزارات جرت بسلاسة دون التأثير على سير العمل.
وأضاف الجلالي أن التعاون بين مختلف الأطراف أسهم في استمرار تقديم الخدمات في مؤسسات الدولة، مؤكداً أن رواتب الموظفين في الدولة السورية مؤمنة عبر البنك المركزي، ولا يوجد ما يدعو للقلق بشأنها.
مسؤولان أميركيان ومساعد بالكونغرس اطلعا على الاتصالات الأميركية الأولى مع هيئة تحرير الشام، قالوا إن إدارة الرئيس جو بايدن حثت الجماعة على عدم تولي قيادة البلاد بالتبعية بل على إدارة عملية شاملة لتشكيل حكومة انتقالية.
وقال المسؤولون إن واشنطن تعتقد أن الحكومة الانتقالية يجب أن تمثل رغبات الشعب السوري ولن تدعم سيطرة هيئة تحرير الشام دون عملية رسمية لاختيار قادة جدد.
الأوضاع في دمشق
بعد ساعات من سقوط النظام، الأحد الماضي، دخلت دمشق بحالة الفلتان الأمني، نتيجة توافد آلاف السوريين إلى العاصمة من كل المحافظات، وسط انتشار للأسلحة في شوارع العاصمة، بعد إلقائها من قبل عناصر قوات النظام والهروب باللباس المدني.

حيث حدثت تجاوزات في بعض المناطق بدمشق وريفها، لكن بدأت الأوضاع تعود كما كانت في السابق، إذ أكد أهالي يعيشون في العاصمة، لـ “الحل نت” أن الحياة عادت إلى طبيعتها في الأحياء الدمشقية، بنسبة تفوق الـ 70 بالمئة، وفق ما ذكر محمد شموط، الذي يعيش في حي الميدان.
بالنسبة للأسواق والمحلات التجارية عادت إلى العمل بشكلها الطبيعي والمواد الغذائية متوفرة وهناك انخفاض بالأسعار بالمقارنة مع ما قبل سقوط الأسد، بينما بدأت المظاهر العسكرية بالتراجع في الشوارع بشكل واضح، وفق شموط.
وأعلنت إدارة العمليات العسكرية، اليوم الأربعاء، إلغاء حظر التجوال في مدينة دمشق، ودعت السكان للعودة “إلى أعمالهم ومؤسساتهم والمساهمة معنا في بناء سوريا الجديدة”.
في مناطق ريف دمشق، لم يختلف المشهد كثيراً، إذ أكد، زياد أبو زايد، الذي يعيش في جديدة عرطوز، أن الأوضاع في الشوارع طبيعية وأن المظاهر العسكرية انحسرت بشكل كبير، بينما عادت المحلات التجارية والأسواق إلى العمل، مشيرا إلى أنه رصد ذلك في عدة مناطق، بينها معضمية الشام وداريا.
مصرف سوريا المركزي، أكد استعداده للمرحلة القادمة، معلنا عن خطوات تهدف إلى إعادة تنظيم القطاع المالي والمصرفي وضمان استمرار الأنشطة الاقتصادية.
وطمأن المصرف المودعين بشأن أمان ودائعهم في جميع المصارف العاملة في البلاد، بينما أكد أن العملة المعتمدة في التداول داخل سوريا هي الليرة السورية بجميع فئاتها، نافياً صحة الأخبار المتداولة حول سحب أي فئة من التداول.
ماذا عن المحافظات الأخرى؟
في محافظة درعا، قال محمد المحاميد، لـ “الحل نت” إن الأوضاع في مركز المدينة طبيعية وعادت إلى ما كانت عليه في السابق، وإن الأسعار شهدت انخفاضا، سواء المواد الغذائية أو المحروقات، بينما تقتصر المظاهر العسكرية في محيط الدوائر الحكومية فقط. في حين رُصد، اليوم الأربعاء، دخول سيارات الدفاع المدني السوري إلى درعا، للبدء بإعادة الخدمات إليها.
والتقى القيادي في “إدارة العمليات العسكرية”، أحمد الشرع، بالقيادي في “غرفة عمليات الجنوب”، أحمد العودة، في دمشق، لتنسيق الجهود المدنية والعسكرية، إذ اعتبرت “عمليات الجنوب” أن الاجتماع خطوة مهمة نحو توحيد جهود قوى الثورة بقيادة مركزية موحدة تحفظ حقوق الجميع.

في محافظة اللاذقية، بدأت الأوضاع تعود إلى طبيعتها بعد أن شهدت فوضى عارمة في الفترة التي تبعت سقوط النظام، خاصة في اليوم الأول، حيث عمل البعض على الدخول إلى المؤسسات الحكومية والعب بمحتوياتها، بينما أُحرقت بعضها.
وقالت الناشطة المجتمعية، مريم عطا الله، إن الواقع الخدمي في المدينة لم يتحسن بعد، موضحة أن المياه غير متوفرة نتيجة عدم استقرار الكهرباء، حيث يعتمد الأهالي على تأمين المياه للمنازل عن طريق شرائها من “الصهاريج”.
“اللاذقية وضعها حساس جداً ومختلف عن باقي المحافظات، الناس فرحانة والبعض بعبر بقوة عن سقوط النظام، لكن بالمقابل في ناس خايفة وهذا الخوف ناتج عن التغيير المفاجئ وبحاجة لاحتواء وتطمين”، بحسب حديث عطا الله لـ “الحل نت”.
بالنسبة للأسواق، أشارت عطا الله إلى أن أسعار المواد الغذائية لم تستقر بعد، في ظل غياب الضوابط، بينما بدأت بعض المواد التي فُقدت في الفترة الماضية بالعودة تدريجياً. في حين بدأت المظاهر المسلحة بالتلاشي بعد تطبيق حظر التجوال.
وأضافت أن التنقل بين الأحياء في مدينة اللاذقية ضعيفة، وهي مماثلة للوضع بين الريف والمدينة، مشيرة إلى ضعف توفر المحروقات.
مراسل “الحل نت”، عبد الرزاق الأحمد، زار، اليوم الأربعاء، مدينة اللاذقية، إذ أفاد أن الأوضاع داخل المدينة طبيعية، ولا يوجد مظاهر عسكرية، باستثناء مرفأ اللاذقية، الذي تعمل قوات من “إدارة العمليات العسكرية” على حراسته بعد أن شهد عمليات نهب للممتلكات العامة والخاصة، في اليوم الأول من سقوط النظام.
أما بخصوص محافظات الشمال السوري، حلب وإدلب وحماة، فقد عادت الحياة إلى طبيعتها قبل أيام، إذ إن هذه المحافظات سيطرت عليها فصائل المعارضة في الأيام الأولى من انطلاق عملية “ردع العدوان”، حيث عملت على إعادة الأوضاع إلى مجرياتها، بينما شهدت استقراراً سريعاً.
ودخلت “إدارة العمليات العسكرية”، في وقت مبكر، صباح اليوم الأربعاء، إلى مدينة دير الزور، شرقي البلاد، بعد انسحاب “قوات سوريا الديمقراطية” من المدينة.
بدوره، قال قائد “إدارة العمليات” أحمد الشرع، إن انهيار النظام السوري يمهد الطريق لإعادة الإعمار والاستقرار في البلاد، مؤكدًا أن السوريين منهكون من الحرب وغير مستعدين لصراع جديد. ودعا الحكومات الأجنبية إلى الاطمئنان بشأن الوضع في سوريا، حيث تتجه البلاد نحو التنمية والسلام.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

الشرع.. أول رئيس سوري يزور إدلب منذ سبعينيات القرن الماضي

مؤتمر باريس حول سوريا ينتهي دون موافقة أميركية.. ما توجه إدارة ترامب تجاه دمشق؟

هل أعاد الشرع تحالف دمشق مع روسيا لضبط الساحل السوري؟

الشرع يتلقى اتصالاً من بوتين.. والشيباني يزور العراق قريباً
الأكثر قراءة

وعود حكومية بلا تنفيذ.. هل توقفت بوادر حلول الأزمات السورية؟

وزير النقل السوري يتحدث عن آليات جديدة لتسعير السيارات.. ماذا قال؟

وزير الداخلية السوري: التعاون مع روسيا يخدم دمشق

وزارة الداخلية دفعت محمد الشعار إلى تسليم نفسه.. ماذا قالت؟

وثّقَ تعذيب السوريين بسجون الأسد.. تفاصيل جديدة عن “قيصر”

واشنطن تتحدث عن سحب قواتها من سوريا.. و”قسد” تؤكد عدم تلقيها خططا رسمية
المزيد من مقالات حول سياسة

درعا تُعيد بناء نفسها.. حملة تبرعات للمستشفيات والبدء بإزالة آثار الحرب

الشرع.. أول رئيس سوري يزور إدلب منذ سبعينيات القرن الماضي

طهران تتلقى “رسائل إيجابية” من الشرع.. تفاصيل

الشيباني من باريس يكشف مصير الأسد والعقود الروسية والبعثات القنصلية

السجناء السوريون بلبنان يضربون عن الطعام.. وهذا مطلبهم

وسط استياء شعبي.. روسيا تؤكد استمرار المفاوضات على وجودها العسكري في سوريا

مؤتمر باريس حول سوريا ينتهي دون موافقة أميركية.. ما توجه إدارة ترامب تجاه دمشق؟
