قدّرت الأمم المتحدة أن نحو مليون لاجئ سوري سيعودون إلى بلدهم في الأشهر الستة الأولى من عام 2025، بعد أن أطاحت فصائل المعارضة بالرئيس السابق بشار الأسد هذا الشهر، والقضاء على سبب فرارهم خارج سوريا منذ أكثر من عقد مع بدء الأزمة السورية في عام 2011.
وقالت مسؤولةٌ في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ريما جاموس إمسيس: “نتوقع الآن، بل نأمل بعودة نحو مليون سوري بين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو من العام المقبل، لذلك شاركنا هذه الخطة مع المانحين، وطلبنا دعمهم”، مشيرة إلى أن مليون شخص نزحوا منذ بدء تقدم قوات المعارضة.
وأشارت إلى أن آلافًا فرّوا من سوريا هذا الشهر عقب سيطرة قوات المعارضة على السلطة، بينما عاد الآلاف أيضاً إلى البلاد معظمهم من تركيا ولبنان والأردن.
تحذيرات دولية من العودة القسرية
فور سقوط الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الجاري، بدأ آلاف اللاجئين السوريين العودة إلى البلاد من لبنان عبر “معبر المصنع” الحدودي الرسمي، ومعابر أخرى غير رسمية، ومن تركيا عبر “معبري باب الهوى وباب السلام” الحدوديين في شمال غرب سوريا.
واعتبرت إمسيس، أن “بعض الفارين ربما مرتبطون بالحكومة السابقة أو من الأقليات الدينية التي تشعر بالقلق على وضعها في ظل السلطة الجديدة التي تقودها هيئة تحرير الشام التي كانت لها علاقات بتنظيم القاعدة”.
وأوضحت أن “الدول يجب أن تتحلى بالصبر ريثما يفكر اللاجئون السوريون في العودة”، مبيّنة أنه “من المهم الإبقاء على هذه الحماية للسوريين الذين وجدوا بالفعل ملجأً في البلدان المضيفة، وألا تتم إعادتهم قسراً إلى سوريا”.
وأكدت على تحذير البلدان بعدم إعادة اللاجئين، مشيرة إلى أنه من السابق لأوانه جداً اتخاذ هذا القرار بشأن سلامة واستقرار سوريا، إذ إن هناك أسئلة كثيرة يتعين الإجابة عليها.
وكانت العديد من الدول الأوروبية، قد شرعت في تعليق طلبات اللجوء التي تقدّم بها سوريون حتى إشعار آخر، بعد ساعات من سقوط نظام بشار الأسد في سوريا عقب سيطرة فصائل المعارضة المسلحة.
يمثل السوريون أكبر نسبة للاجئين حول العالم 13 مليونًا و800 ألف سوري، بين نازح داخل البلاد ولاجئ خارجها، توزعوا حول العالم منهم من لجأ إلى دول الجوار مثل لبنان وتركيا ومصر والأردن والعراق، يُقدر عددهم بأكثر من خمسة ملايين بحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
بحسب أحدث بيانات “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” وصل عدد النازحين داخلياً إلى 7.2 مليون شخص، بينما بلغ عدد اللاجئين المسجلين في الدول المجاورة 4.8 مليون شخص.
أما بالنسبة لتوزيع اللاجئين السوريين في الدول المجاورة، فإن تركيا تستضيف العدد الأكبر من هؤلاء اللاجئين، فقد بلغ عددهم أكثر من 3.9 مليون شخص، بنسبة 61%. تليها لبنان في المرتبة الثانية، حيث تستضيف نحو 768.3 ألف لاجئ، بنسبة 15.9%.
العودة على مراحل
في هذا الصدد أوضح الخبير الاقتصادي، عدنان عبد الرزاق، أن طبيعة اللاجئين السوريين تختلف بحسب البلاد الموجودين فيها، مشيرًا إلى أن لاجئي لبنان متوقع أن يعودوا جميعهم، بينما لاجئي تركيا ربما يعود معظمهم، ولكن بعد انتهاء العام الدراسي.
كما توقع خلال حديثه لـ”الحل نت” أن عودة اللاجئين في الدول لن تكون سريعة كونها تحتاج إلى ترتيب أمور هؤلاء اللاجئين من ممتلكات والحصول على أوراق رسمية، وتجهيز أمور أُسرهم وتأمين بدائل في سوريا، فلن يتدفقوا إلى بلدهم بسرعة كبيرة ليكونوا على مراحل ودفعات، حيث من المتوقع عودة مليون لاجئ خلال الفترة المقبلة القصيرة، ولكن لاحقا قد يعود نصف أو معظم مَن هم بالخارج.

وقال إن بعض اللاجئين المستقرين هم مرتبطين بوطنهم السوري، لكن بات لديهم ارتباطات وأعمال وتنسيق في بلدان أخرى، لافتًا إلى أن بعضهم قد يعود لبلده كسائح أو ابن وطن يعود للزيارة فقط، مشيرًا إلى أن النازحين داخل سوريا ربما يعودون بسرعة كبيرة وهم ليسوا قلة، فهناك نحو خمسة مليون نازح في المخيمات وعلى الحدود غيّروا أماكن سكنهم، فربما يعاودوا للاستقرار في أماكنهم الطبيعية ومنازلهم الأصلية خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر، لافتًا إلى أن ذلك يُعد هدفًا أساسيًا للحكومة الانتقالية حيث أعلنت استمرار الترميم وإعادة الإعمار.
وأكد أن سوريا الحالية ليست مستعدة لتمويل عيش من فيها، فالرئيس الهارب بشار الأسد سرق مقدرات البلاد وسيولتها المالية بعد أن هدم حلم السوريين ووقف بوجه ثورتهم في عام 2011.
انعكاسات عودة اللاجئين على الاقتصاد السوري
وذكر أن بالنسبة لعودة اللاجئين هناك حلول كثيرة، منها على سبيل المثال أن أمس الأول قام الاتحاد الأوروبي برفع نسبة المساعدات إلى تركيا بشكل كبير وذلك كي تؤمن عودة اللاجئين ومساعدتهم، وأيضًا دول الاتحاد الأوروبي التي بدأ يعود اللاجئين منها ستقدم مساعدات، متوقعًا أن يقدم المجتمع الدولي مساعدات لعودة اللاجئين السوريين وتوطينهم.
وأضاف أن السوريين حينما يعودون بعد فترة قصيرة سينخرطون في سوق العمل ويدبرون أمورهم، مشيرًا إلى أن بعض اللاجئين سيعودون بمبالغ مالية تكفي ترميم منازلهم وتدبر معيشتهم، حيث ستضخ كتل نقدية جديدة في السوق أتى بها اللاجئ ليتحرك السوق والاقتصاد من خلالهم، سواء كانوا قوة عمل ستنخرط في السوق وتبدأ بتشغيل المنشآت والمشاريع إضافة إلى أن بعضهم لديه سيولة مالية يضخّها في السوق، منبّهًا إلى أن سوريا الآن دولة منهكة بُددت مواردها وإن جاء اللاجئون ككتل كبيرة دون تأمين وعمل، سيمثلون عبئًا إضافيًا لإعاقة نمو سوريا.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

بعد عقود من كوارث نظام الأسد.. ماذا قال الشرع عن رؤيته الاقتصادية لمستقبل سوريا الجديدة؟

ماذا ينتظر الاقتصاد في سوريا بعد تنصيب أحمد الشرع رئيسًا انتقاليًا؟

تباطؤ معدل التضخم السنوي.. إلى أين يتجه الاقتصاد السوري؟

وزير التجارة الداخلية: يمكن النهوض بالاقتصاد السوري وهذه أهم الأدوات
الأكثر قراءة

وعود حكومية بلا تنفيذ.. هل توقفت بوادر حلول الأزمات السورية؟

وزير النقل السوري يتحدث عن آليات جديدة لتسعير السيارات.. ماذا قال؟

وزير الداخلية السوري: التعاون مع روسيا يخدم دمشق

وزارة الداخلية دفعت محمد الشعار إلى تسليم نفسه.. ماذا قالت؟

وثّقَ تعذيب السوريين بسجون الأسد.. تفاصيل جديدة عن “قيصر”

واشنطن تتحدث عن سحب قواتها من سوريا.. و”قسد” تؤكد عدم تلقيها خططا رسمية
المزيد من مقالات حول اقتصاد

بريطانيا تعتزم تعديل نظام العقوبات المفروضة على سوريا.. ما شرطها الوحيد؟

ما تفاصيل لجنة “الشرع” لاستهداف رجال الأعمال الموالين للأسد؟

حماية المستهلك يراهن على “السوق الحر” ويؤكد: انخفاض قريب بالأسعار

اللاجئون السوريون.. ما هي أصعب التحديات التي تقف عقبة أمام عودتهم؟

بعد أزمة فصل الموظفين.. القطاع العام السوري نحو تقليص العدد أم إعادة الهيكلة؟

انعكاسات محتملة.. ما مردود قرار تركيا رفع القيود عن الواردات السورية؟

رغم رفع جزء من العقوبات.. لماذا تفشل الإدارة السورية في جذب استثمارات جديدة؟
