تتوالى التصريحات من مسؤولين في الإدارة الجديدة في دمشق، وآخرين من قيادات كُردية في شمال وشرق سوريا، حول المفاوضات الجارية بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والحكام الجدد في سوريا.
وفي أحدث تصريح لوزير الدفاع في “حكومة تصريف الأعمال” السورية مرهف أبو قصرة، أكد أن المفاوضات مستمرة مع “قسد”، لكن الوزارة مستعدة لكافة الاحتمالات.
مفاوضات “قسد” مع دمشق
كما أكد وزير الدفاع السوري، الأربعاء، أن السلطات الجديدة التي تعهدت بحل الفصائل المسلحة ودمجها في إطار جيش موحد، تتفاوض مع القوات الكُردية، لكنها مستعدون للجوء إلى “القوة” إذا لزم الأمر.

وأردف أبو قصرة في لقاء مع صحافيين في دمشق بينهم مراسل “وكالة الصحافة الفرنسية”: “باب التفاوض مع (قسد)، التي يشكل الأكراد عمودها الفقري، في الوقت الحاضر قائم، وإذا اضطررنا إلى القوة فسنكون جاهزين”.
ولفت أبو قصر إلى أنه حتى اليوم “الرؤية غير واضحة” في التفاوض مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً والتي تسيطر على مناطق واسعة شمال شرقي البلاد.
هذا وعقب الإطاحة بنظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر العام الماضي على يد تحالف فصائل “المعارضة السورية” وعلى رأسها “هيئة تحرير الشام”، أعلنت السلطات الجديدة بدمشق في الشهر ذاته التوصل إلى اتفاق مع “كافة الفصائل المسلحة” يهدف إلى حلها ودمجها تحت مظلة وزارة الدفاع.
لكن الاتفاق لم يشمل قوات سوريا الديمقراطية. والتقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، أواخر الشهر الماضي، وفدا من “قسد”، على ما أفاد مسؤول مطّلع على الاجتماع، مشيرا إلى أن المحادثات كانت “إيجابية”.
وأردف أن الاجتماع كان “لقاء تمهيديا لوضع أساس للحوار المستقبلي”، مضيفا أنه “تم الاتفاق على مواصلة اللقاءات للوصول لتفاهمات مستقبلية”.
وأكد أبو قصرة بأن “قوات سوريا الديمقراطية لا يمكنها الدخول كجسم في وزارة الدفاع لأن ذلك لا يخدم المصلحة العامة”، مشددا على أنه “يجب على جميع الفصائل الانتقال إلى الدولة المؤسسية بما فيها هيئة تحرير الشام”.
لقاء الشرع وعبدي
اللقاء الذي جمع الجنرال مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية بأحمد الشرع في دمشق، قبل فترة ليست ببعيدة، رغم عدم دعوة الأول إلى الاجتماع الخاص بالفصائل العسكرية، وفق ما ذكر في لقاء خاص مع قناة “العربية“، يعكس رغبة لافتة من عبدي للوصول إلى تفاهمات سياسية وميدانية بشأن المرحلة المقبلة من دون إملاءات أو ضغوطات خارجية والاتجاه نحو دمشق، لاستباق أي خطوات من قوى إقليمية ترغب في تأزيم الوضع، وتعميق الهوة بين الأطراف السورية وقطع الطريق على الحوار والحل.
وقال عبدي إنه اقترح تشكيل “لجنة عسكرية مشتركة لدراسة موضوع دمج القوات العسكرية بالجيش الوطني وربطها بوزارة الدفاع وأن تكون قسد ككتلة عسكرية ضمن هذا الكيان، أي وزارة الدفاع السورية، وأن تتولى هذه اللجنة دراسة ومراجعة التفاصيل للاتفاق عليها لاحقا” ومؤكدا معارضته وجود جيشين بسوريا بل جيش واحد تابع لوزارة الدفاع.

تشهد سوريا في هذه الأيام جولات مفاوضات مكثفة، لبحث وضع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في ظل مساعي الإدارة الجديدة لتوحيد جميع الفصائل المسلحة تحت سلطة الجيش.
قال عبدي إنه بداية اللقاء بأحمد الشرع كان ثمة إشارة أو “لافتة جميلة” حد توصيفه عندما باغته بالرد باللغة الكُردية، غير أن مستقبل العلاقات في ظل التجاذبات السياسية الإقليمية، وما إذا كانت تساهم في تقارب أو تباعد الداخل السوري، تبدو متفاوتة، إذ قال قائد “قوات سوريا الديمقراطية” أن الوجود الأميركي والتحالف الدولي عامل مساعد لتقريب وجهات نظر السوريين، حتى لا ينفرد طرف على الموقف ضد باقي الأطراف.
أما تركيا فيبدو أن لها مخطط حيث تريد الهيمنة الكاملة على سوريا لحساب مصالحها الضيقة، ولفت مظلوم عبدي إلى أن القوى الدولية موجودة لهزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي وإنهاء تهديداته، لكنه وجود في المحصلة باعث للاستقرار وبمثابة عامل إيجابي.
كما نوّه عبدي في لقائه مع “العربية” إلى أن الإدارة الأميركية من المرجح بشدة أن يكون لها موقف مختلف عما كان سابقا في عام 2019، في إشارة لاحتمالات أن لا يتراجع الدعم الأميركي لحلفائهم في شمال شرقي سوريا، ودعم مناطقهم سواء ضد الإرهاب و”داعش” أو الهجمات التركية ورغبتها للتوغل.
وفي ما يبدو أن الحراك السياسي المحلي والإقليمي يشهد انعطافة قوية لإيجاد حلول تنهي تلك التوترات والأمنية بما ينعكس على سوريا الجديدة نحو الاستقرار، ونقلت وكالة “رويترز” للأنباء عن خمسة مصادر تأكيدهم بأن “مفاوضين دبلوماسيين وعسكريين من واشنطن وأنقرة ودمشق، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية، يبدون أكبر قدر من المرونة والصبر” في عملية التفاوض.
كما كشف 6 مصادر للوكالة، أن تلك المفاوضات “قد تكون توطئة للوصول إلى اتفاق في الأشهر المقبلة، ويشمل مغادرة بعض بعض المقاتلين الأكراد من شمال شرقي سوريا، ويحل مكانهم آخرون تحت قيادة وزارة الدفاع الجديدة في البلاد”. وهو الموقف ذاته الذي سبق وأعلن عنه مظلوم عبدي بخصوص إنهاء وجود المقاتلين الأجانب وانحصرت مهمتهم المؤقتة في محاربة إرهاب “داعش”.
وفي المحصلة، ما تزال مسار هذه المفاوضات والمآلات السياسية النهائية محل تردد، والبحث عن تسوية في ظل ربما تعارض أو تفاوت مصالح الفواعل الإقليميين، لا سيما في ما يخص دمج “قسد” في وزارة الدفاع ككتلة عسكرية وإدارة مناطقهم وفق اللامركزية، وهي كلها أمور كشف الجنرال مظلوم عبدي أنه قد طرحها في لقائه مع أحمد الشرع، بينما لم يوضح بدقة حجم التفاهمات أو الخلافات، والتي تبدو رهن المستقبل وقدرة الأطراف على الاستجابة للمتغيرات في سوريا والوصول لصيغة التعايش المشترك والاستقرار بدعم الأطراف الدولية وواشنطن.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

الشرع.. أول رئيس سوري يزور إدلب منذ سبعينيات القرن الماضي

مؤتمر باريس حول سوريا ينتهي دون موافقة أميركية.. ما توجه إدارة ترامب تجاه دمشق؟

هل أعاد الشرع تحالف دمشق مع روسيا لضبط الساحل السوري؟

الشرع يتلقى اتصالاً من بوتين.. والشيباني يزور العراق قريباً
الأكثر قراءة

وعود حكومية بلا تنفيذ.. هل توقفت بوادر حلول الأزمات السورية؟

وزير النقل السوري يتحدث عن آليات جديدة لتسعير السيارات.. ماذا قال؟

وزير الداخلية السوري: التعاون مع روسيا يخدم دمشق

وزارة الداخلية دفعت محمد الشعار إلى تسليم نفسه.. ماذا قالت؟

وثّقَ تعذيب السوريين بسجون الأسد.. تفاصيل جديدة عن “قيصر”

واشنطن تتحدث عن سحب قواتها من سوريا.. و”قسد” تؤكد عدم تلقيها خططا رسمية
المزيد من مقالات حول شرق أوسط

اللجنة التحضيرية للحوار الوطني السوري: “قسد” غير مدعوة للمؤتمر

“سيحاكمون”.. الشرع يرفض الطلب الجزائري بتسليم المقاتلين الجزائريين في صفوف الأسد

الشرع يتحدث عن أسباب رحلته إلى العراق وانضمامه “للقاعدة”

“حتى عام 2022 كان مقيماً فيها”.. ماهر الشرع من طبيب بروسيا إلى وزير بسوريا

الشرع: لم نفرض “التجنيد الإجباري” وآلاف المتطوعين يلتحقون بالجيش السوري الجديد


طهران: ندعم أي حكومة يؤيدها السوريون.. والشرع يزور تركيا غداً
