مضى نحو 7 أعوام على ارتكاب نظام بشار الأسد المجزرة الثانية باستخدام السلاح الكيماوي في مدينة دوما بريف دمشق، حيث حاولت روسيا والنظام المخلوع آنذاك تضليل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي عبر شهادات مزورة.

وارتكب نظام الأسد في 7 نيسان/أبريل 2018، مجزرة في مدينة دوما بريف دمشق، إذ استخدم غاز الكلورين السام، ما أدى إلى مقتل 43 مدنيا وإصابة العشرات، بينما أرغم النظام لاحقاً، بمساعدة من روسيا، شهودا على تكرار روايته أمام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في هولندا.

كيف حصل ذلك؟

الطبيب ياسر عبد المجيد، كشف عبر حسابه الشخصي، في موقع “فيس بوك” تفاصيل ما حصل معه بعد دخول جيش النظام إلى مدينة دوما بريف دمشق في نيسان/أبريل 2018، وسفره إلى هولندا للإدلاء بشهادته أمام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي.

عبد المجيد، هو أحد أطباء الجراحة العامة الذي لم يغادر مدينة دوما طيلة سنوات الثورة، وكان يعمل في المستشفيات الميدانية في المدينة، بحسب روايته.

وقال الطبيب، إنه لم يكن يعلم أن بقاءه في دوما وعدم الخروج إلى الشمال السوري سيعرضه لاستغلال روسيا والنظام المخلوع وإجباره على نفي حدوث الهجوم بالأسلحة الكيماوية.

في الـ 8 من نيسان/أبريل 2018، أي بعد المجزرة بيوم واحد، دخلت “الباصات الخضر” إلى مدينة دوما للبدء بنقل الراغبين بالذهاب إلى الشمال السوري، بعد اتفاق الهدنة.

وأضاف عبد المجيد: “لم يكن لدي متسع من الوقت والصفاء الذهني للتفكير بعقلانية هل أخرج أم أبقى كما بقي قرابة 100 ألف شخص، ويشهد الله أنه لم يخطر ببالي أننا سنكون مجبرين على نفي حدوث هجوم بالأسلحة الكيماوية وأن بقائي مع أهلي في مدينتي سيُستغل بخُبث وإرهاب لتلميع صورة النظام من غير حول مني ولا قوة.”

قرار البقاء، وفق عبد المجيد، كان لأسباب عائلية وظروف خاصة، حيث قرر البقاء مع أهله “خوفا من المجهول إذا خرجت (علماً أن البقاء أيضاً كان مجهول).”

ما دور وزارة الدفاع الروسية؟

بحسب عبد المجيد، فقد اقتادته الأجهزة الأمنية إلى أحد الفرع مع عائلته وأهله حيث تم احتجازهم، قبل أن يُرغم على مقابلة تلفزيونية ليتحدث فيها برواية نظام الأسد حول المجزرة بحضور العميد، أحمد نوح. حيث أُطلق سراحه بعد ذلك لكنه بقي يتردد إلى “فرع الخطيب” و”الأمن الوطني”، بنا على اتصالات وردته، بينما طُلب منهم تأمين صور شخصية، ليتم استصدار جوازات سفر وأخبروه أنهم على موعدة للسفر من دون علم الوجهة أو أي معلومة أخرى، وفق قوله.

طفل مصاب عقب الهجوم الكيماوي على دوما ـ (الدفاع المدني)

وأضاف الطبيب، أنه طُلب منه التوجه إلى “الأمن الوطني” قبل السفر بيوم أو يومين، حيث كان من بين الحضور شخصيات روسية لـ “تملي علينا ما يجب أن نقول، ونقوم بعمل بروفا أمامهم وتعديل بعض الجُمل والعبارات”، في حين أنهم ظلوا في “فرع الخطيب” إلى حين موعد السفر، والتي كانت إلى موسكو، حتى يتسنى الحصول على التأشيرات للسفر إلى هولندا، وفق ما علم بعد وصوله إلى العاصمة الروسية.

“بعد عصر ذلك اليوم توجهنا إلى مبنى وزارة الدفاع الروسية لعمل بروفا أخيرة أمام مجموعة كبيرة من موظفي الخارجية والدفاع. ثم سافرنا إلى هولندا – لاهاي فجر اليوم التالي”، أضاف عبد المجيد.

وقال: “دخلنا مبنى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. لم يكن في القاعة أحد من مندوبي المعسكر الغربي، فقط النظام وروسيا ومن لفّ لفهم. حتى رئيس المنظمة لم يكن موجود لأننا لم نستوفي شروط الشهود ولأن المتهم هو من جاء بنا”.

بحسب عبد المجيد، فإنه كرر رواية روسيا ونظام الأسد “مكرها وخائفا” أمام عدد من الصحفيين أيضاً، بينما عاد بعد ذلك إلى دمشق برفقة “العميد خالد”، الذي كان موجودا معه طوال الرحلة، حيث تم استدعاؤه عدة مرات إلى “فرع الخطيب” قبل السماح له بالعودة إلى دوما.

وحدثت مجزرة دوما في إطار الحملة العسكرية التي شنتها روسيا ونظام الأسد على الغوطة الشرقية، والتي بدأت في شباط/فبراير 2018، ونتج عنها سيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية على معظم بلدات الغوطة الشرقية، وتهجير أهالي القطاع الأوسط وحرستا قسرياً إلى الشمال السوري في 8 نيسان/أبريل من نفس العام. حيث جاءت المجزرة بعد يوم من فشل المفاوضات بين روسيا و”جيش الإسلام”، ما دفع الأخير بعد المجزرة بالقبول باتفاق التهجير القسري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات