بعد عقود من كوارث نظام الأسد.. ماذا قال الشرع عن رؤيته الاقتصادية لمستقبل سوريا الجديدة؟

“سوريا مرت بالكثير من الكوارث منذ 54 عامًا تحت سيطرة النظام السابق”، كلمات لخص بها رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، حال بلاده أثناء حكم “آل الأسد” والتركة التي خلفها للنظام الجديد. 

الرئيس الشرع سلط خلال أول مقابلة تلفزيونية له بعد توليه منصبه، مع مجلة “الإيكونوميست” البريطانية، الضوء على الوضع الاقتصادي السوري وحالة الدمار التي تعرضت لها القطاعات الاقتصادية، خاصة وأن النظام البائد كان لم يعمل على بناء اقتصاد للبلد نفسه بل كان يحاول سرقة ثرواتها لجمع الأموال وتصديرها بشكل غير قانوني إلى الخارج، بحسب حديثه. 

تحديات يواجهها الاقتصاد 

في مقابلة “الإيكونوميست”، تناول الرئيس الشرع الشأن الاقتصادي للبلاد، والتحديات التي يواجهها، عارضا رؤيته للمرحلة الانتقالية ومستقبل سوريا الجديدة، وإعادة بناء الدولة السورية المحطمة والممزقة والمفلسة، بحسب ما وصف. 

بداية أوضح الرئيس الشرع أن المرحلة القادمة ستمتد نحو خمس سنوات ستدور حول إعادة بناء الدولة على أسس جديدة وحديثة، وستقوم على العدل والمشورة، وستقوم على مشاركة كل فئات المجتمع في إدارة البلاد. 

 وتابع حديثه بأن السنوات الخمس القادمة ستشهد محطات عدة، متمنيًا أن يتم تجاوز كل هذه الصعوبات والعقبات بشكل سلس، معولًا على حكمة الشعب السوري والتسامح الذي تظهره كل فئات الشعب السوري. 

 وأكد أن سوريا بحاجة إلى بناء اقتصاد قوي، ويتم العمل على إعادة تأهيل الاقتصاد في البلاد، ومشيرًا إلى أن ما يزيد من معاناة الشعب السوري، العقوبات الأميركية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على النظام لأنه كان يقتل شعبه، وهذه العقوبات ما زالت قائمة. 

مشاريع استثمارية  

بشأن الوضع الاقتصادي الصعب في سوريا، وحاجتها إلى الدعم المالي وإمكانية الاعتماد في ذلك على دول الخليج والمساعدة في استقرار اقتصاد الباد، قال الرئيس الشرع إنه يحاول قدر الإمكان ألا تعيش سوريا على المساعدات والدعم، بل أن تبني اقتصادها. 

سوريا لديها فرصة كبيرة للاستثمار، ودول الخليج تستطيع من خلال صناديقها السيادية أن تستثمر بشكل واسع فيها في ظل وجود فرص كثيرة لها، والسعودية وقطر دولتان تحبان سوريا كثيراً، وسارعتا إلى دعم الشعب السوري منذ اللحظة الأولى، ويتم مناقشة إقامة مشاريع استثمارية كبيرة تبني البنية التحتية وتخلق فرص عمل، وفي نفس الوقت تعود عليهما بالفائدة من خلال العائد الاستثماري للمشاريع التي تنفذانها. 

الرئيس السوري أحمد الشرع

وعن حاجة سوريا إلى رفع العقوبات، وخاصة العقوبات المالية من أميركا، تحدث الرئيس الشرع قائلًا إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تولت السلطة مؤخراً ولم يحدث أي تواصل حتى الآن، ولكن الإدارة الجديدة في سوريا تسعى خلال الأيام المقبلة إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأميركية. 

وبيّن أنه حال إعادة العلاقات مع أميركا سيبدي الجانب السوري اعتراضه على استمرار العقوبات، مردفًا: “اعتقد أن الرئيس ترامب يسعى إلى السلام في المنطقة، ومن أولوياته رفع العقوبات، والولايات المتحدة الأميركية ليس لديها أي مصلحة في استمرار معاناة الشعب السوري”.

خطة اقتصادية

في سياق متصل كشف الرئيس الشرع في مقابلة مع “تلفزيون سوريا”، أمس الإثنين، عن وجود فريق اقتصادي من السوريين داخل البلاد وخارجها، يعمل على وضع خطة اقتصادية استراتيجية لعشر سنوات. 

وأوضح أن الخطة ستتضمن مرحلة طارئة وصفها بأنها “إسعافية”، ومرحلتين على المدّيين المتوسط والبعيد، وتهدف إلى “إعادة هيكلة الاقتصاد السوري”، مشددًا على أن الكثير من التغييرات ستحدث على المستوى الاقتصادي، منها “النظام الاشتراكي” الذي وصفه بأنه “تسبب في العديد من المشكلات”. 

الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع (يسار) وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (يمين) في قصر اليمامة بالرياض – انترنت

لم يوضح الشرع طبيعة هذه الخطة، ولكن تصريحاته اللاحقة خلال المقابلة تكشف أن المرحلة الأولى ستركز على إعادة إحياء البنية التحتية، قائلاً: “الخدمات المصرفية، والاتصالات، والبنية التحتية مثل الطرق والمياه ضرورية لدعم الاقتصاد، ومن ثم تأتي السياسات الاقتصادية التي تستلزم إصلاح المؤسسات لضمان بيئة استثمارية جاذبة”. 

الرئيس الشرع لفت إلى أن البلاد تعمل على إصلاح ما يتعلق بحقوق الملكية والسياسات الضريبية والخدمات، بالإضافة للأمن، وذلك بهدف “توفير بيئة استثمارية جاذبة”، معتبراً أن تسهيل الاستثمار سيوفر فرص عمل كثيرة. 

وأكد أن المؤسسات التي تديرها الدولة حالياً “خاسرة”، ولا يجب على الدولة مزاحمة المستثمرين، مشيرًا إلى أن سوريا تمرّ بنكبة كبيرة، لكنها في ذات الوقت فرصة استثمارية هائلة، نظراً لحاجة البلاد إلى كل شيء، مضيفاً أن البلاد طرحت العديد من الأفكار الاستثمارية مع وفود دول زارت سوريا مؤخراً، وحظيت بـ “ترحيب واسع”. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة