أظهر تقرير صادر عن “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” تقديرات صادمة بشأن سوريا، حيث أكد أنها بحاجة إلى أكثر من 50 عامًا على الأقل لتتمكن من استعادة المستويات الاقتصادية للبلاد في مرحلة ما قبل الحرب في حال حققت نموًا قويًا.
وفي تقرير جديد بعنوان “تأثير الصراع في سوريا” ذكر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن “أربعة عشر عاماً من الصراع في سوريا قد أبطلت ما يقرب من أربعة عقود من التقدم الاقتصادي والاجتماعي والبشري”.
وأوضح التقرير الصادر مؤخرًا، أن سوريا خسرت نحو 800 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي خلال 14 عامًا من الحرب في سوريا، مشددًا على ضرورة زيادة معدل النمو الاقتصادي بسرعة خلال العقد المقبل لضمان التعافي.
تأخر التقدم الاقتصادي
وفقًا للتقرير فإن سنوات الحرب في سوريا أدت إلى تأخر التقدم الاقتصادي والاجتماعي بنحو 40 عامًا، كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بنسبة 50 بالمئة، وارتفع معدل الفقر من 33 بالمئة قبل الحرب إلى 90 بالمئة حاليًا، بينما بلغت نسبة الفقر المدقع 66 بالمئة.

وقال التقرير إن 9 من كل 10 أشخاص في سوريا يعيشون في فقر، وإن واحدًا من كل أربعة عاطل عن العمل.
كما أشار إلى أن 75 بالمئة من السكان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، تشمل الرعاية الصحية والتعليم والوظائف والأمن الغذائي والمياه والطاقة والمأوى.
وذكر التقرير أن إنتاج الطاقة في البلاد انخفض بنسبة 80 بالمئة وتضرر 70 بالمئة من محطات توليد الكهرباء، ما أدى إلى انخفاض قدرة الشبكة الوطنية بنسبة 75 بالمئة.
العودة لمستويات ما قبل الحرب
تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أشار إلى أن ما بين 40 و50 بالمئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و15 عامًا لا يذهبون إلى المدرسة، وأنه دُمر أو تضرر بشكل شديد نحو ثلث الوحدات السكنية خلال سنوات النزاع، ما ترك 5.7 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى دعم في مجال الإيواء.

وفي ظل المعطيات السابقة، أكد تقرير الأمم المتحدة، أن الاقتصاد السوري يحتاج إلى 55 عامًا للوصول إلى مستوياته قبل الحرب إذا استمر النمو الحالي عند 1.3 بالمئة.
وحذر التقرير الأممي من استمرار حالة النمو البطئ التي تعيشها سوريا (1.3 سنويًا) في الوقت الحالي، مؤكدًا أن حصول ذلك سيجعل من المدة اللازمة لتعافي الاقتصاد تمتد أكثر من نصف قرن.
وأشار التقرير إلى أنه في العام الذي سبق اندلاع الحرب، كان الناتج المحلي الإجمالي لسوريا 62 مليار دولار، وكان لديها معدل نمو يتجاوز 5 بالمئة على مدار الخمس سنوات السابقة، أما حاليًا، يبلغ الناتج المحلي الإجمالي أقل من نصف ذلك، بحسب الأمم المتحدة.
استراتيجية شاملة
تأثرت سوريا أيضًا من حيث التنمية البشرية، حيث تراجعت 40 عامًا في متوسط العمر المتوقع، ومستويات التعليم، والدخل الفردي.

وبحسب مساعد مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية، عبد الله الدردري، فإن مستقبل سوريا يعتمد على نهج قوي للتعافي التنموي.
وأوضح أن تحقيق ذلك، يتطلب استراتيجية شاملة تعالج إصلاح الحكم، والاستقرار الاقتصادي، وتنشيط القطاع، وإعادة بناء البنية الأساسية، وتعزيز الخدمات الاجتماعية.
وأضاف، أنه من خلال تنفيذ هذه الإصلاحات المترابطة، يمكن مساعدة سوريا على استعادة السيطرة على مستقبلها، والحد من الاعتماد على المساعدات الخارجية، وتمهيد الطريق لمستقبل مرن ومزدهر للجميع في سوريا.
أسباب تأخر التعافي
من جهته علق الخبير الاقتصادي، جورج خزام، على التقرير، مشيرًا إلى أنه استند إلى عدة عوامل بتقديراته، وعدد تلك العوامل التي جاء في مقدمتها، انعدام الأمن والأمان في سوريا، بسبب انتشار عصابات الخطف والقتل والسرقة دون معاقبة الفاعلين بشكل علني حتى أصبحت البلاد أخطر مكان للعيش بالعالم.
وأضاف أن الإنتاج في سوريا يشهد حالة من الانهيار، ما أدى إلى ظهور جيش من العاطلين عن العمل، ووصف أيضًا أداء إدارة “المصرف المركزي” بالفاشل، مردفًا بأنها أعلنت الحرب على التجار والصناعيين والمواطنين وفرضت عليهم العقوبات الاقتصادية التي كان أولها تقييد السحب إضافة إلى تجفيف السيولة، قائلًا: “كأن التحرير لم يشمله من الاستعمار الاقتصادي والسياسي السابق وما تزال إدارته السابقة”- وفق تعبيره.

وسلط الخبير الاقتصادي الضور على أداء المسؤولين في مراكز اتخاذ القرار الاقتصادي والمالي، الذي وصفه بالضعيف، حيث يعتمدون على ثقافة دعم وتشجيع الاستيراد للبضائع التركية من أجل تخفيض الأسعار بالقوة للقضاء على المصانع الوطنية وزيادة البطالة، بحسب منشور له على موقع التواصل “فيسبوك”.
وأفاد بأنه لا يوجد تخطيط و لا تنفيذ تقديم التسهيلات والتخفيضات الجمركية للمستوردات التركية حتى أصبح الاستثمار بالصناعة غير مجديًا، لأن الإستيراد أصبح أرخص من التصنيع، مضيفًا أيضًا أن الصرافين في الخارج يتحكمون بسعر صرف الدولار من خلال صفحات الفيسبوك المجهولة المصدر مع عدم وجود منصة رسمية بالمركزي لبيع و شراء الدولار لمعرفة ما هو سعر التوازن الحسابي الحقيقي بين العرض والطلب على الدولار في ظاهرة غريبة هي الأولى على مستوى العالم.
وأردف قائلًا: “إذا استطاعت سوريا بعد 55 سنة العودة لما كانت عليه قبل 14 عامًا سيكون مُتأخرين 69 سنة عن أنفسهم، ومتأخرين أكثر من 200 سنة عن أوروبا والصين وأميركا”.
وتعول القيادة السورية الجديدة على رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، والتي تعتبرها أحد العوامل الرئيسة، التي تؤثر على التعافي الاقتصادي في البلاد.
وتحسّن واقع الليرة السورية عقب سقوط النظام السوري، حيث وصلت إلى 7 آلاف ليرة أمام الدولار بعدما كانت 15 ألف في عهد الأسد المخلوع، لكنها شهدت حالة من التذبذب خلال الأيام الماضية وتراجعت إلى 10 آلاف أمام الدولار، بحسب موقع “الليرة اليوم“.
لكن هذا التحسن لم ينعكس في الأسواق، مع غياب القدرة الشرائية، وفقدان السيولة، مع سياسة المركزي السوري بحبسها، والحديث عن مضاربة التجار على الليرة.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة
الأكثر قراءة

وفد من “رجال الكرامة” يلتقي وزير الدفاع بدمشق.. ومحافظ السويداء يزور الهجري والحناوي

وصفوها بأنها “كبرت”.. نادين نجيم تردّ بقوة على منتقديها

وسط تحديات رئيسية.. ما السيناريوهات المتوقعة للاقتصاد السوري؟

هل يمكن أن تلعب الإمارات دورًا محوريًا في تعافي الاقتصاد السوري؟

نجل ممثل مصري يدهس شاباً.. وسعد الصغير أمام القضاء من جديد!

نادين الراسي بـ “فستان النوم” في الشارع وتنتقد جرأتها.. ما القصة؟
المزيد من مقالات حول اقتصاد

ارتفاع جنوني في أسعار الذهب بسوريا.. هل يشهد تراجعًا؟

شبح الإفلاس يهدد شركات الصرافة.. ومخاوف بشأن تحكم مُقربين من “الشرع” بالسوق

هل تنقذ اتفاقية “الأمم المتحدة” البنوك السورية؟.. وخطة مساعدات ضخمة خلال 3 سنوات

تفاصيل “الرحلة الأخيرة” لتهريب الأسد ثروات سوريا.. إلى أين اتجهت؟

انتشار “مافيا الكهرباء” وتصاعد سرقات الشبكات.. ماذا يحدث في الجنوب السوري؟

شحنة نفط روسي تصل إلى سوريا خلال أسبوع.. هل أصبحت موسكو بديلًا لإيران؟

“الشرع” ومعركة رفع العقوبات الأميركية.. هل ينجح في تهدئة مخاوف إدارة ترامب؟
