الوضع المأزوم في الساحل السوري على خلفية المجازر التي شهدتها عدة مناطق، ما تزال تسجل اليوم تلو الآخر أعدادا جديدة في الضحايا، وكلما تضاعفت الأرقام تعمقت مشاعر الحزن والإحباط. إذ قضى مدنيون من الطائفة العلوية، وقد جاءت عمليات القتل لتبرز وجهها الطائفي المشؤوم وتراكم على المشهد السوري غبارا كثيفا لا يقل قتامة عن ذلك الذي كان يخلفه نظام بشار الأسد المخلوع.
منذ ما يقارب الأربعة أيام، ارتفعت وتيرة الأحداث الدموية بينما لا يزال من الصعوبة التوصل بدقة إلى أعداد محددة، نهائية وحاسمة، للضحايا المدنيين والقتلى من صفوف قوات الأمن العام، إلا أن رصد “الحل نت” لشهادات متفرقة من مناطق الساحل السوري، يشير إلى احتمالات وصول أعداد الضحايا المدنيين الذين قتلوا خلال الأيام الماضية لأكثر من 1500 شخص، حيث إن الرقم قابل للزيادة نظرا لصعوبة الوصول إلى كل الضحايا.
وقال صحفي وناشط ميداني خصّ “الحل نت” بشهادته، إن ثمة أكثر من قرية ومن بينها (قرية الصنوبر) بريف الساحل السوري، قد تخطى عدد ضحايا المدنيين فيه لمئة شخص، وهذه كحصيلة أولية.
الساحل السوري.. 44 مجزرة
نحو ذلك، قال مدير “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، رامي عبد الرحمن، إنه تم توثيق 1093 مدنيا غالبيتهم من أبناء الطائفة العلوية وبعض الأشخاص من المسيحيين.
وأشار لـ”فرانس 24” إلى أنه تم توثيق مقتل 25 شخص من السُنة قتلتهم فلول النظام البائد، وأنه اُرتكب 44 مجزرة على الأقل خلال 4 أيام داخل الأراضي السورية، منها إيجاد مدنيين مقتولين داخل منازلهم في مدينة جبلة الساحلية، ومجزرة في منطقة حريصون راح ضحيتها 10 أشخاص وأيضا مجزرة في الحطانية بريف بانياس وفي أحد المزارات الدينية.
ومع إشارة لافتة إلى أنه يتم تحريف الحقائق في هذه المرحلة عبر الماكينة الإعلامية الدعائية للتعمية عن الأحداث وبتر الوقائع والتشويش على الملابسات والنتائج وتمييع التفاصيل حتى يتم التخفيف من وطأة ما جرى، وتهدئة نبرة المعارضة والانتقادات الحقوقية، خاصة بعد أن تجاوز عدد القتلى 1000 مدني.
وأظهرت أشرطة مصوّرة إعدامات ميدانية نفذها مقاتلون من فصائل سورية محسوبة في نهاية المطاف على الإدارة السورية الجديدة، وبالتالي تتحمل حكومة دمشق المسؤولية، وهذا أفضل بكثير من محاولات الهروب والتملص منها.
يقول مدير “المرصد السوري” إن “عمليات إزالة الأدلة تجري حاليا من خلال غسل الشوارع والأبنية ونقل الجثث في محاولة لطمس الحقيقة، وأن الحل الوحيد هو محاكمة مرتكبي هذه الجرائم، في حين مرت لجنة التحقيق دون أن يلاحظها أحد في بعض المناطق على الساحل”.
ماذا جرى في قرية السلاطة؟
وبحسب مصادر محلية لـ”الحل نت”، فإن ثمة هدوء نسبي ولكن عدة مناطق ما تزال تتعرض لاقتحامات وتشهد إطلاق للنار بشكل مكثف، بينما لم نتمكن حتى كتابة هذه السطور تدقيق المعلومات والتأكد من سلامتها.
وقد أوضحت المصادر أنه في قرية السلاطة وحارة بيت سعيد بريف اللاذقية دخل رتل عسكري وتم إطلاق النار بشكل مكثف أمس عند حدود منتصف الليل، ما تسبب في نزوح بعض العائلات وحدوث حرائق في عدد من بيوت القرية.
وأشارت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها نظرا لحساسية الوضع، إلى أن السلطات أعطت تعليمات بتوزيع أرتال عسكرية في مختلف أنحاء المنطقة وذلك بغية إقامة نقاط تفتيش (حواجز)، وأنها لن تقوم بعمليات تفتيش أو أي شيء آخر.
وعن أسباب الحرائق في قريتي السلاطة وحارة بيت سعيد، قالت المصادر ذاتها إن بعض أبنائهما هم من بدأوا بإطلاق النار على الرتل العسكري، ما أدى إلى رد حارق في بعض المنازل، وعلى إثره نزح سكان القريتين خوفا من الانتهاكات بحقهم.
ومن ثم، قالت المصادر المحلية إن الأمن العام وصل إلى قرية السلاطة بريف القرداحة في اللاذقية وتمت السيطرة على الوضع، كما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يقول إن “الأمن العام قام بإجلاء المدنيين من قرية السلاطة إثر اشتباكات مع مجموعات تابعة للنظام السابق وتجار مخدرات في المنطقة”.
ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الدفاع السورية انتهاء العمليات العسكرية على الساحل السوري، قائلة أنها “حققت أهدافها”.
عموما وفي ظل هذا النزيف الوطني الذي شهدته سوريا، لم يكن هناك مفر من دعوات حقوقية تتجه بشدة إلى الإلحاح على ضرورة تدشين خطاب عقلاني جنبا إلى جنب مع إجراءات محاسبة ومسائلة قانونية تتسم بالشفافية والوضوح، وإنهاء مناخات الاستقطاب الطائفي، التي توفر في ظل بيئة متشنجة وعنيفة شروط الاقتتال والصراع على أساس الهوية، حيث إن خطاب الكراهية وتعميم نظرة سلبية عنهم كونهم “فلول النظام” والتبعية لـ”الأسد”، فضلا عن خطاب التكفير، قد ساهم كل منهما في مضاعفة جرعة الاضطهاد والعنف.
- مؤتمر “وحدة الموقف والصف” الكردي يعلن بيانه الختامي.. تفاصيل
- في ظل غياب العدالة الانتقالية.. استمرار أعمال التصفية والانتقام في سوريا
- مروان الحلبي.. طبيب الخصوبة الذي ارتقى لسُدة التعليم العالي
- رد دمشق على واشنطن تناول 5 مطالب… تفاصيل الرسالة السورية حول شروط رفع العقوبات
- تديّن أم موضة؟.. هجوم حاد من سارة نخلة على حجاب حلا شيحة “الموسمي”
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

هوية تُمحى.. استبدال اسم قرية مهجّرة بسوريا يثير مخاوف من تغيير ديموغرافي

أم سورية تناشد لإعادة أبنائها الثلاثة المخطوفين من الساحل

اختطاف النساء في الساحل السوري و”سبيهن”.. ما القصة؟

تحقيق أميركي يكشف تفاصيل مروّعة عن مجازر الساحل السوري
الأكثر قراءة

واشنطن تتسلّم رد دمشق على متطلبات تخفيف العقوبات.. تفاصيل

هل تحمل زيارة وزير الخارجية الأردني لدمشق رسائل بعد حلّ “اللواء الثامن” بدرعا؟

مسؤول أميركي: لا ثقة بدمشق حتى الآن وهذه أولوياتنا في سوريا

مرهف أبو قصرة: من حقول حلفايا لوزارة الدفاع السورية.. رحلة مثيرة للجدل!

محمد البشير: من حكومتي الإنقاذ وتصريف الأعمال إلى وزارة الطاقة.. السيرة الكاملة

مباحثات أوروبية حول إمكانية تخفيف العقوبات عن سوريا
المزيد من مقالات حول شرق أوسط

هوية تُمحى.. استبدال اسم قرية مهجّرة بسوريا يثير مخاوف من تغيير ديموغرافي

وسط غياب المحاسبة.. دوافع طائفية وانتقامية وراء تصاعد القتل ضد المدنيين بسوريا

أم سورية تناشد لإعادة أبنائها الثلاثة المخطوفين من الساحل

الأمن السوري يعتقل قياديين في “الجهاد الإسلامي” بدمشق.. ما دلالات ذلك؟

اختطاف النساء في الساحل السوري و”سبيهن”.. ما القصة؟

تحقيق أميركي يكشف تفاصيل مروّعة عن مجازر الساحل السوري

إلهام أحمد: تطبيق اللامركزية سيخفف الأعباء عن دمشق
