قطر تزود سوريا بالغاز الأميركي.. ما حقيقة دور الدوحة في مساعدة دمشق؟

أعلنت “حكومة تصريف الأعمال” في سوريا، منذ أيام عن اقتراب وصول إمداداتٍ من الغاز القطري إلى سوريا عبر الأراضي الأردنية، ضمن مساعي دمشق للحصول على مصادر للطاقة في ظل أزمتها الخانقة حاليًا. 

لكن مصادر كشفت مفاجأة بهذا الشأن، وهي أن الغاز الذي وصل إلى سوريا عبر الأردن، مصدره سفينة التخزين وإعادة التغوير العائمة في “ميناء العقبة”، وليس من دولة قطر مباشرة، بحسب ما نقلت منصة “الطاقة”. 

حقيقة الدور القطري

أوضحت المصادر ذاتها أن منحة الغاز القطري إلى سوريا، رغم كونها قادمة من مصدر وسيط، فإن الدوحة بصدد دفع ثمن هذا الغاز، ومن المنتظر في وقت لاحق أن يكون التوريد على متن ناقلات قطرية تتجه مباشرة إلى دمشق. 

وكان القائم بأعمال السفارة القطرية في سوريا، خليفة عبدالله آل محمود الشريف، أعلن عن مبادرة لتوفير إمدادات معتمدة من الغاز الطبيعي إلى سوريا عبر الأراضي الأردنية لمدّة محددة، حيث تكفي تلك الإمدادات لتوليد نحو 400 ميغاواط من الكهرباء، ورفعها تدريجيًا بدعم من صندوق قطر للتنمية. 

وتهدف المبادرة إلى الإسهام في معالجة النقص الحاد في إنتاج الكهرباء وتحسين أداء البنية التحتية في البلاد، وتخفيف معاناة الشعب السوري وتحسين الظروف المعيشية. 

وبحسب منصة “الطاقة“، فإن المصادر نفت في تصريحاتها أن تكون منحة الغاز القطري إلى سوريا، التي أُعلِنَت خلال اليومين الماضيين، قادمة من قطر من الأساس، إلّا أنها أوضحت أن هذا الغاز بتمويل قطري، إذ ستدفع الدوحة ثمنه. 

وأوضحت أن هناك مساعي لحل أزمة الكهرباء في سوريا، من خلال إيجاد مصادر للغاز الطبيعي، بما يكفل إمداد محطات التوليد بكميات كافية من الوقود لتلبية حاجة المواطنين. 

خط الغاز العربي 

كان مدير العلاقات العامة في وزارة النفط والثروات المعدنية أحمد سليمان قال في تصريحات سابقة، إن سوريا ستحصل على الغاز القطري عبر “خط الغاز العربي”. 

يمتد “خط الغاز العربي” من الأراضي المصرية، وتحديدًا العريش ثم طابا، إلى العقبة ثم رحاب في الأردن، ومنها يمرّ بجابر إلى حمص بسوريا، ثم منطقة دير عمار في لبنان، ويعادل طوله 1200 كيلومتر، وتبلغ قدرته الاستيعابية نحو 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا. 

الأردن يؤدي دورًا مهمًا، من خلال هذا الخط الذي من المقرر نقل الإمدادات عبره، إلى محطة دير علي، لتوليد الكهرباء في جنوب سوريا، لا سيما أن المملكة لديها -حاليًا- وحدة غاز مسال عائمة بميناء العقبة تحمل اسم “غولار إسكيمو”. 

بينما قال وزير الكهرباء في “حكومة تصريف الأعمال”، المهندس عمر شقروق، إن قطر ستُسهم في دعم قطاع الطاقة لدى بلاده، من خلال توفير مليونَي متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا، وذلك لتوليد 400 ميغاواط إضافية من الكهرباء، وتحسين التغذية وزيادتها بمعدل 2-4 ساعات يوميًا، بما ينعكس إيجابًا على الحياة اليومية. 

غاز أميركي 

في وقتٍ انتشرت فيه التصريحات الإعلامية المنسوبة لوزير الكهرباء بشأن وصول الغاز القطري إلى سوريا خلال 12 ساعة بكثرة، فإن المعلومات المؤكدة حاليًا أنه لا توجد أيّ ناقلة تحمل الغاز القطري إلى سوريا في خليج العقبة، ولم تصل أيّ ناقلة غاز قطرية إلى العقبة حتى خلال الشهور الماضية، إذ إن الغاز الذي وصل إلى الأردن حتى الآن هو غاز أميركي، وفق ما كشف خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي. 

وأكد الحجي، أن استيراد الغاز عن طريق الأردن، بغضّ النظر عن مصدره، هو الحل الأمثل لسوريا حاليًا، لأنه يمكن إيصال الغاز إلى محافظات دمشق وريف دمشق وحمص بسهولة. 

وأضاف: “الفكرة هي استيراد الغاز المسال إلى محطة إعادة التغويز في العقبة، ثم إرسال الغاز عبر خط الغاز العربي إلى سوريا، ولا يمكن الاستفادة من جلب سفينة إعادة تغويز إلى الساحل السوري لعدم وجود بنية تحتية لنقل الغاز”. 

وأشار إلى أنه كان واضحًا منذ البداية أن التصريحات المتعلقة باستيراد الغاز القطري إلى سوريا غير صحيحة، لعدم استيراد الأردن الغاز من قطر، ولعدم وجود أيّ ناقلة غاز مسال قطرية في طريقها إلى المنطقة. 

وتابع: “بسبب قصر الوقت من جهة، وعدم مرور ناقلات الغاز المسال في البحر الأحمر من جهة أخرى، أفضل طريقة هي ما حصل فعلًا، وهي استيراد الغاز الأميركي الموجود مسبقًا في منطقة البحر المتوسط، وجلبه عن طريق قناة السويس”. 

حاجة سورية لاستمرار الإمدادات 

وفق الحجي، فإن قطر تدفع ثمن الشحنة، وهذا هو ما حدث بالفعل، فالغاز أميركي، والمشتري هو قطر، مضيفًا: “أيّ ناقلات غاز مسال قطرية يجب أن تمرّ في البحر الأحمر، وهذا غير متوقع في الوقت الحالي”. 

سوريا في حاجة إلى استمرار إمدادات الغاز بهذا الشكل لسنوات قادمة، وبكميات متزايدة، لذلك فهي بحاجة إلى إبرام عقود مستقبلية، وربما إبرام عقد مع ناقلة عائمة تتمركز في خليج العقبة خلال السنوات المقبلة. 

خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي

هذا بينما نقلت وكالة الأنباء “رويترز” عن مسؤول أميركي، منذ أيام قوله إن صفقة الغاز حصلت على موافقة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دون أن يوضح كيف تم التواصل بهذا الشأن. 

وقال دبلوماسي غربي مطلع على خطة الغاز إنها تأتي في إطار جهود الدوحة لمتابعة الدعم السياسي من دول الخليج العربية بما في ذلك المملكة العربية السعودية وقطر بمساعدة ملموسة لدعم “الإدارة السورية الجديدة”. 

وعود حكومية بلا تنفيذ 

في فترة ما قبل الحرب خلال العام 2010 بلغ حجم إنتاج الكهرباء في سوريا نحو 6.5 ميجا واط، من أصل نحو 9 ميجا واط تحتاجها البلاد، وفي عام 2021 توقف استيراد الكهرباء من تركيا والأردن، ومع حلول 2024 سجلت الأضرار المباشرة نحو 40 مليار دولار.

وتمثل هذه الخطوة انفراجة لأزمة الكهرباء المستمرة منذ سنوات في سوريا، حيث تتواصل معاناة السوريين اليومية من انقطاع الكهرباء لمدة تصل إلى 22 ساعة في اليوم، وسط وعود حكومية معلقة حتى الآن بلا تنفيذ بتحسين تغذية التيار الكهربائي والتخفيف من حدة الأزمة التي تفاقمت خلال فترة النظام البائد. 

وكانت سوريا خلال حكم الرئيس الهارب بشار الأسد، تعتمد على نفط إيران لتوليد الطاقة، بينما الأخيرة توقفت عن هذا الدور بعد سقوط حكم الأسد على يد المعارضة بقيادة “هيئة تحرير الشام” في كانون الأول/ ديسمبر الماضي. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة