بعد الاجتماع الخماسي الذي عقده الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مع نظرائه السوري واللبناني والقبرصي ورئيس الوزراء اليوناني، أصدر قصر “الإليزيه” الفرنسي “خريطة طريق” بشأن سوريا، تهدف إلى دعم عملية الانتقال السياسي في البلاد، تضمن تعهدات برفع العقوبات والدعم الاقتصادي.  

لكن هذه التعهدات مرهونة باستجابة السلطات السورية بتنفيذ خطوات تقوم بها الحكومة الانتقالية، أي إنها قائمة على مبدأ “خطوة مقابل خطوة”. 

على ماذا اتفق القادة الخمسة؟

الأسبوع الماضي شارك الزعماء في قمة خماسية حول سوريا جمعت الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مع نظرائه السوري أحمد الشرع واللبناني جوزيف عون، نيكوس كريستودوليديس، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.

الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون – انترنت

ورحّب القادة بفتح مسار جديد للنقاش حول الوضع في سوريا، بمشاركة دول الجوار في شرقي المتوسط، بهدف دعم عملية الانتقال نحو سوريا موحدة ومستقرة وسليمة، حيث اتفق الزعماء الخمسة على عدد من الخطوات بعد مناقشاتهم. 

يتمثل ذلك في رفع العقوبات والدعم الاقتصادي، إذ أعرب القادة عن دعمهم لمواصلة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وفقاً لاستنتاجات مجلس الاتحاد الأوروبي الصادرة في الـ 20 آذار/مارس الماضي. 

في هذ السياق اتفقت فرنسا واليونان وقبرص على مواصلة جهودها داخل الاتحاد الأوروبي لرفع المزيد من العقوبات، وكذلك تشجيع الشركاء الدوليين الآخرين على اتخاذ خطوات مماثلة، مع الاستمرار في مراقبة الوضع في سوريا عن كثب.

واستنادا إلى مؤتمر بروكسل التاسع، الذي عُقد في الـ 17 آذار/مارس الفائت، التزم القادة بزيادة الدعم الاقتصادي لإعادة إعمار سوريا. 

ما المطلوب من دمشق؟

القادة الأوروبيون أطلقوا هذه الالتزامات على أساس التنفيذ الفعّال من جانب السلطات الانتقالية السورية لمجموعة من الخطوات، تتمثل في التزام السلطات بدمشق بـ الانتقال السياسي والحكومة الشاملة من خلال تشكيل حكومة شاملة تحترم وتمثل جميع مكونات المجتمع السوري بمختلف أصوله وانتماءاته الدينية.

وأُعلن في قصر الشعب مساء السبت الماضي عن تشكيلة الحكومة الانتقالية، والتي ضمّت 23 حقيبة وزارية، 22 وزيرا ووزيرة واحدة، إضافة إلى وجود وزراء من الأقليات، إذ تم تعيين وزير كردي للتعليم ووزيرة مسيحية ووزير درزي، بينما بقيت الوزارات السيادية، مثل الدفاع والخارجية والداخلية، تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام”.  

ولقيت الحكومة الجديدة ترحيبا دوليا وعربيا، إذ اعتبرت معظم الدول أن تشكيل هذه الحكومة “خطوة إيجابية”، لكنها طالبت بالمزيد من الخطوات لرفع العقوبات. 

فيما يخص الأمن ومكافحة الإرهاب، أكد “الإليزيه” على التنسيق الفعّال بين قوات السلطات السورية والآليات الدولية القائمة المخصصة لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك “التحالف الدولي المناهض لداعش”. 

بينما رحب القادة الأوربيون بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، في 10 آذار/مارس الماضي، بين السلطات الانتقالية و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد). 

وأكدت “خريطة الطريق” على ضمان الحماية الفعالة لجميع المواطنين السوريين بغض النظر عن أصولهم وانتماءاتهم الدينية، ومساءلة حقيقية تستند إلى الأدلة بشأن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال العنف الأخيرة في الساحل السوري. وأكد القادة الأوربيون أن العدالة الانتقالية الشاملة ضرورية لتحقيق المصالحة.

أما فيما يخصّ عودة اللاجئين، فقد أعرب القادة الأوربيون عن دعمهم لنهج إقليمي يشمل الجهات المانحة الدولية ذات الصلة، والدول المضيفة للاجئين السوريين والنازحين داخلياً، والوكالات المتخصصة، والبنوك التنموية. 

ويهدف هذا النهج لدمج المساعدات الإنسانية مع جهود إعادة الإعمار الأوسع، وإعادة بناء سبل العيش، والتنمية الاقتصادية، لضمان بيئة مناسبة لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم بأمان وكرامة. 

ترسيم الحدود البحرية

القادة الأوربيون أعربوا عن دعمهم لترسيم الحدود البحرية السورية استناداً إلى القانون البحري الدولي، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، مع مراعاة مصالح الجيران الأوروبيين، وإنشاء لجان متخصصة لهذا الغرض. 

إذ إن هناك مخاوف من احتمال أن تقوم الحكومة السورية الانتقالية وتركيا بترسيم مناطقهما الاقتصادية الخالصة من دون التشاور مع قبرص، الأمر الذي قد تعتبره قبرص تعدّياً على مناطقها الخاصة. 

الرئيس القبرصي، نيكوس خريستودوليديس، أكد على أهمية قانون البحار واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، مشيراً إلى أن هذه القضايا تم تضمينها كمتطلبات نصّية، وهي الشروط التي يجب أن تتحقق لكي نبحث في مسألة رفع العقوبات الإضافية عن سوريا. 

وجاء ذلك خلال قداس أُقيم بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس “منظمة إيوكا”، إذ قال خريستودوليديس، إن أي رفع للعقوبات عن سوريا لن يكون دائما، مشدداً على أن قرار حكومة بلاده بالموافقة على رفع العقوبات مستقبلاً “سيعتمد على التطورات التي نشهدها في قضايا محددة”. 

“العوامل التي سيُبنى عليها القرار تتضمن أن تكون الحكومة السورية الانتقالية شاملة، وأن يتوقف استهداف السكان المدنيين على أساس عرقهم أو دينهم، بالإضافة إلى ضرورة احترام القانون الدولي”، أضاف خريستودوليديس.

فيما يخصّ السيادة السورية والانسحاب الإسرائيلي من سوريا، شدد القادة الأوربيون على دعمهم الكامل لاحترام سيادة سوريا، بما في ذلك مواجهة أي انتهاكات أو تدخلات من قبل الأطراف الأجنبية، ودعوا إلى الانسحاب الكامل من الأراضي السورية. 

وقال رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في تصريحاته خلال القمة، إن سوريا تواجه تحديات أمنية كبيرة على حدودها الجنوبية، مشدداً على أن الوجود الإسرائيلي في سوريا يمثل تهديدا مستمرا للسلام والأمن الإقليمي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة