في أول اجتماع للحكومة السورية الجديدة برئاسة رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، ركز الأخير بشكل خاص على أهمية التكامل في عمل الوزارات من أجل وضع خطط إسعافية بالدرجة الأولى تراعي أولوية المواطن السوري لجهة تنشيط الاقتصاد، بما يؤثر إيجابا على احتياجاته اليومية، أي بالمجمل تحسين وتيرة عمل الاقتصاد السوري المتهالك على كل الأصعدة.
فما زال الاقتصاد السوري بحاجة إلى عوامل عديدة لتنشيط أداءه ورفع كفاءته، فضلا عن التعافي من التراكمات التي تعيق مسيرته نحو الاستقرار والتنمية والاستدامة. وليس من المتوقع حدوث ذلك إلا بالتكامل بين المؤسسات المختلفة ووجود رؤية سياسية تنموية تضع الأولوية على جذب الاستثمارات من خلال بيئة صالحة للمشاريخ وضخ الأموال، وكذا وجود إشارات إيجابية في المجتمع الدولي لناحية السلطة الجديدة بما يؤدي لرفع العقوبات وإعادة الإعمار، الأمر الذي يتطلب إصلاحات الحوكمة.
لكن ما كان لافتا في الاجتماع، وبما يثير السخرية في ذات الوقت، أنه وبينما كان الشرع يتحدث عن أولوية تحسين اقتصاد البلد ومعيشة المواطنين، كانت على طاولة الاجتماع زجاجات مياه معدنية لا تبدو محلية الصنع.
وعليه، أجرى “الحل نت” بحثا بسيطا، ليتبين أن زجاجات المياه المعدنية تعود لشركة المشروبات التركية “أولوداغ“.
الحكومة السورية تبعث بإشارات سلبية
يثير ذلك تساؤلات عديدة بشأن الرسائل التي تعطيها هذه الصورة عن تقوية الإنتاج المحلي، خاصة أن الحكومة السورية الجديدة عندما تتداول منتجات بسيطة غير محلية، تبعث بإشارات سلبية، وتفقد الثقة في الاقتصاديات الوطنية التي بحاجة إلى دعم في هذا الوقت الحساس.

هذا فضلا عن ما تضاعفه الصورة من تصورات حول التبعية السياسية في ظل التوغل التركي الذي يسعى إلى ملء فراغ روسيا وإيران في سوريا.
وفي الوقت ذاته، تتميز سوريا بوجود الأنهار والينابيع العذبة، ومنها نبع عين الفيجة العريق، الذي يُعد من أهم مصادر المياه بسوريا، إذ يُغذي العاصمة دمشق وضواحيها بالمياه العذبة. ويتميز نبع الفيجة بغزارة مياهه ونقاوتها العالية. وثمة شركة سورية محلية تُسمى “فيجة” نسبة إلى نبع “عين الفيجة”، تُنتج مياهها من النبع نفسه. إضافة إلى ذلك، توجد شركات محلية أخرى للمياه المعدنية، منها “بقين” و”السن” و”دريكيش”.

يأتي هذا في وقتٍ تشهد فيه الأسواق السورية ارتفاعا كبيرا في واردات المنتجات التركية عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد أواخر العام الماضي. وقد أدى ذلك إلى اختلالٍ متزايد بين حجم الواردات التركية الكبير وضعف صادرات المنتجات السورية المصنعة محليا، والتي تكاد تكون معدومة.
هل تهدد المنتجات التركية الاقتصاد السوري؟
مع صعود تحالف “المعارضة السورية”، بقيادة “هيئة تحرير الشام”، إلى دفة الحكم بسوريا، امتلأت الأسواق السورية، وحتى الأكشاك بالشوارع، بوفرة من المنتجات التركية، التي كانت تقتصر على محافظة إدلب قبل سقوط نظام الأسد.
وفي هذا الصدد أشارت الباحثة الاقتصادية، الدكتورة رشا سيروب، إلى أن نسبة النمو في مستوردات سوريا من تركيا بلغت معدل 20 بالمئة بين كانون الأول/ ديسمبر 2024 وشباط/ فبراير 2025، منوهة إلى أن بذلك احتلت دمشق المرتبة 22 من الدول الأكثر استيرادا من أنقرة، بعد أن كان ترتيبها 31، وفق ما نشرت عبر صفحتها بموقع التواصل “فيسبوك“.
وأكدت أن استمرار الوضع بهذه الطريقة، سوف يؤدي إلى تجاوز قيمة المستوردات نحو 5 مليار دولار كحد أدنى خلال عام واحد، وهو ما ينذر بارتفاع احتمالية توقف العديد من الأنشطة الإنتاجية المحلية.
وأوضحت الباحثة الاقتصادية أن غالبية المستوردات هي سلع منافسة وبديلة للسلع المحلية من مواد غذائية واستهلاكية بسيطة، مُنبهة إلى أن ذلك سيؤدي أيضا إلى حدوث موجة جديدة لخروج رؤوس الأموال والكفاءات المترافقة من سوريا، مع زيادة أكبر في معدلات البطالة الناتجة عن التسريح في القطاع الخاص، وهو ما يعني أن البلاد ستحتاج مزيد من الوقت للبدء في عملية التعافي الاقتصادي.
وأرجعت سيروب السبب وراء ارتفاع وتيرة الاستيراد من تركيا، إلى عدم شفافية حكومة تصريف الأعمال السابقة وتخبطها في قراراتها خلال فترة إدارتها شؤون البلاد من بينها قرارات تحرير التجارة ورفع أسعار الوقود التي أرهقت المنتج المحلي.
قرارات حكومة تصريف الأعمال السابقة أدت إلى خروج الكثير من أصحاب رؤوس الأموال وتوجههم نحو التجارة في دول الجوار، مع سحب أموالهم من الدولة السورية بعد سقوط نظام الأسد، على الرغم من بعض التسهيلات التي تم تقديمها مؤخرا، وهذه الحركة من المتوقع أن تستمر حال اتخاذ الحكومة الانتقالية الجديدة النهج ذاته.
- مع دخول الصيف.. أزمة الكهرباء تفاقم الأوضاع في الحسكة ومطالب بالرقابة على “المولدات”
- تسلا في دمشق: هل تعود الحياة الفارهة للسوريين بعد رفع العقوبات؟
- “سوريا لا تقبل وصاية”.. الشيباني يطلق رسائل خلال القمة العربية ببغداد
- القمة العربية تقف مع سوريا.. تفاصيل
- وزارة الداخلية تكشف عن خطة أمنية لإدارة سوريا.. تفاصيل
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة
الأكثر قراءة

هل تكون العملة الجديدة حلا سحريًا لاستعادة الثقة في الليرة السورية؟.. خبير يوضح

هل تستطيع سوريا النجاة من نيران الطائفية؟

نتائج زيارة الوزير الشيباني إلى نيويورك: بين الخلط والفشل!

محمد رمضان يتجاهل محاكمته بتُهمة إهانة العَلم المصري بأسلوب استفزازي!

ماهر مروان: سيرة مشبوهة وقرابة نافذة بالشرع.. ما أهليّته لقيادة دمشق؟

لا قرار رسمي.. نقل مراكز الامتحانات يثير مخاوف طلبة الحسكة
المزيد من مقالات حول اقتصاد

مع دخول الصيف.. أزمة الكهرباء تفاقم الأوضاع في الحسكة ومطالب بالرقابة على “المولدات”

الوجود الأميركي في سوريا: فصل اقتصادي جديد؟

عملة سورية جديدة تطبع في النمسا: ما الفئات والرموز؟

من الرياض إلى أبوظبي.. حصيلة مكاسب “ترامب” الاقتصادية خلال جولته الخليجية

الليرة من الانهيار إلى الانتعاش.. هل تعاد الثقة في العملة السورية بعد قرار واشنطن؟

هل تنتعش جيوب السوريين بعد رفع العقوبات الأميركية.. خبير يوضح

الحسكة: سوق عمل هشّ وفرص غائبة
