أفادت إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية” لشمال وشرق سوريا، في عدة مقابلات صحفية، بأن “وجود إدارات ذاتية في مختلف المناطق السورية من شأنه أن يخفف العبء عن كاهل دمشق”، مشددة على الحاجة الملحة لبناء نظام لامركزي يمنح المناطق إدارة شؤونها بنفسها، مع انخراطها في إطار النظام السياسي السوري.
وأشارت أحمد إلى أن مطلب اللامركزية ليس طرحا خارجيا، بل جاء من السوريين أنفسهم، ما يعكس، برأيها، أهميته كضمانة للاستقرار المستدام ومشاركة جميع المكونات في صناعة القرار الوطني السوري.
وفي تقدير أحمد، فإن رفض اعتماد نموذج اللامركزية قد يدخل سوريا في نفق جديد من الصراعات، مضيفة أن “الإدارة الذاتية” تبحث عن المشاركة بغية أن تكون جزءا من جهود صياغة الدستور ورسم ملامح المستقبل السوري.
كما عبّرت أحمد عن قلقها من أن انفراد حكومة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع برسم مستقبل سوريا دون توافق وطني قد يُفضي إلى صراعات طويلة الأمد، خاصة في ظل ما وصفته بـ”الإرث الانتقامي” الذي خلّفه نظام “حزب البعث” السابق، المبني على التهميش والانتقام.
“اللامركزية” مفتاح الحل
نحو ذلك، أردفت أحمد لوكالة “هاوار” المحلية، أن “الآراء أكدت أن العودة إلى حقبة ما قبل 2011 لم تعد ممكنة”، وأشارت إلى وجود آراء تدعو إلى نظام لامركزي وأخرى إلى نظام فدرالي، وهو ما يتفق عليه معظم السوريين، حيث أصبح من الواضح أن النظام المركزي القاسي لم يعد خيارا مستداما.

ونوّهت أحمد إلى أن نموذج “الإدارة الذاتية” المطبق في شمال وشرق سوريا منذ نحو 14 عاما، يمثل إرادة سياسية لمكونات المنطقة، حيث تمكنت المرأة والمكونات المختلفة من بناء إدارة سياسية تشاركية ضمن هذا النموذج، مما أثار اهتمام العديد من القوى والجهات السياسية. وأضافت: “الجميع يرى ضرورة أن تدار سوريا بشكل تشاركي”.
كذلك، تطرقت إلهام أحمد خلال مشاركتها في “منتدى السليمانية” التاسع، الذي تنظمه الجامعة الأميركية في إقليم كُردستان العراق، أهمية تطبيق اللامركزية في سوريا، معتبرة أنه يمثل حجر أساس في بناء دولة مستقرة وشاملة تستوعب مختلف مكوناتها.
وجاء “منتدى السليمانية” بمشاركة نخبة من القادة والمسؤولين المحليين والدوليين. وانعقد المنتدى تحت شعار “سلام المنطقة”، وتناول أبرز القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية التي تؤثر على العراق والمنطقة والعالم.
وخلال المنتدى أشارت أحمد إلى أن تجربة إقليم كُردستان العراق حدثت في سياق وظروف معينة وساهم بإنجاحها أن الإقليم من لون واحد، في حين أن الواقع السوري مختلف ويتميز بتنوع مكوناته.
وأوضحت أحمد أن الضمان الحقيقي لحقوق المكونات السورية يكمن في تبني نظام لامركزي، ويكفل ذلك في الدستور، مشددة على أن الأنظمة المركزية الصارمة أثبتت فشلها، وأن سوريا بحاجة إلى نموذج جديد يتيح لكل منطقة إدارة شؤونها ضمن إطار وطني موحد.
ورأت أحمد أن رفض خيار اللامركزية من شأنه أن يدفع البلاد نحو موجة جديدة من الصراعات، مؤكدة أن “الإدارة الذاتية” تسعى إلى المشاركة الفعلية في صياغة مستقبل سوريا ودستورها الجديد.
موعد المؤتمر الكُردي
في سياق آخر متصل، أبدت أحمد تفاؤلها بأن تتمكن القوى والأحزاب الكُردية من توحيد رؤاها وتشكيل لجنة تتولى المفاوضات مع سلطة دمشق، بهدف تحقيق حقوق الكُرد ضمن إطار دستور سوريا الجديد.
وأضافت في مقابلة مع شبكة “رووداو” الإعلامية، أن المفاوضات بين “المجلس الوطني الكُردي” (ENKS) و”حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD) قد بلغت مرحلتها النهائية، مشيرة إلى ضرورة عقد المؤتمر الكُردي خلال الشهر الجاري.

وشددت أحمد على أن “الحكم الذاتي يعد مطلبا رئيسيا للطرفين”، مؤكدة أهمية الاعتراف بالخصوصية الثقافية واللغوية في سوريا من خلال دعوتها لأن “تكون جميع اللغات في سوريا رسمية”.
ورأت أحمد أن “وجود إدارات ذاتية في المناطق السورية سيخفف العبء عن كاهل دمشق”، مشيرة إلى ضرورة إجراء تعديلات على مسودة الإعلان الدستوري لضمان حقوق جميع المكونات.
المفاوضات مع دمشق
أما بخصوص ما يتعلق بوقف إطلاق النار، كشفت أحمد عن إمكانية الإعلان عن اتفاق حول “سد تشرين” خلال الأيام المقبلة، مبينة أنه كيفية إدارة السد ضمن دائرة المباحثات الحالية.
وفي مستهل حديثها عن الوضع الأمني والسياسي في شمال شرق سوريا، أكدت إلهام أحمد، أنه لا توجد مؤشرات على تهديد مباشر من دمشق تجاه مناطق “الإدارة الذاتية”، مشيرة إلى أن “دمشق لا تملك مصلحة حقيقية في مهاجمة شمال شرق سوريا”، وأضافت: “لم نرَ أي تهديد فعلي منها حتى الآن”.
وفي ما يتعلق بالعلاقات مع تركيا، كشفت أحمد أن “الإدارة الذاتية اتخذت خطوات ملموسة باتجاه تحقيق السلام”، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تلعب دورا رئيسيا في مسار المفاوضات مع كل من دمشق وأنقرة، وهو ما يُعد تطورا لافتا في محاولة تقليص التوتر الإقليمي.
كما ثمنت أحمد دور إقليم كُردستان العراق، ووصفت دعمه ووساطته في ملف الحوار بين الأطراف الكُردية بـ”الإيجابي والجيد”، مؤكدة أن ذلك الجهد يستحق الشكر والاعتراف بأهميته في تقريب وجهات النظر بين الأطراف.
الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وصفت علاقتهم مع أميركا وأوروبا بـ “الجيدة”، وأضافت بالقول: “نعتقد أن علاقاتنا مع واشنطن والغرب ستتحسن من الآن فصاعدا”.
- الخطر الذي يتسلل مجدداً.. عن احتمالات عودة “داعش” إلى سوريا
- هيئتان لـ العدالة الانتقالية والمفقودين… ما المطلوب لضمان عمل مستقل؟
- “الليرة الجديدة”.. هل تنقذ الاقتصاد السوري أم تعمّق أزمته؟
- هل أصبحت سوريا مؤهلة لتلقي التمويلات الجديدة؟.. البنك الدولي يجيب
- وزير الدفاع يعلن دمج كافة الوحدات العسكرية.. ما دور بريطانيا بإعادة هيكلة الجيش؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة
الأكثر قراءة

وسط ترقب لانفراجة من واشنطن.. “المركزي السوري” يخفض سعر الدولار مقابل الليرة

وسط اتهام للمقاتلين الأجانب.. الأمن العام يفتح تحقيقا في مقتل أربعة أشخاص باللاذقية

هل تنجح قرارات المركزي الأخيرة في إعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي السوري؟

هل تنتعش جيوب السوريين بعد رفع العقوبات الأميركية.. خبير يوضح

هل تبيع الحكومة الجديدة القطاع العام السوري كاملًا؟.. مستشار وزير الاقتصاد يجيب

نجوم سوريا يتفاعلون مع رفع العقوبات.. فرح وشكر من كل الأطراف!
المزيد من مقالات حول شرق أوسط

“لنرحم بعضنا قبل أن نطلب الرحمة من الآخرين”.. الهجري يعلق على رفع العقوبات

بعد رفع العقوبات.. الشرع يلقي خطاباً للسوريين

“رايتس ووتش”: فصائل سورية مسلحة تحتجز المدنيين وتواصل الابتزاز

سوريا: انتهاكات مستمرة وخاطفون يطالبون عائلة 130 ألف دولار للإفراج عن طفلها

“لا غناء ولا أمان”.. المداهمات الأمنية تهدد مطاعم دمشق القديمة

سلام يتفقد الحدود مع سوريا وفرنسا تسلّم لبنان خرائط لدعم ترسيم الحدود

استيلاء على منازل في حي عش الورور بدمشق تحت التهديد بالاعتقال والضرب
