“الإدارة الذاتية” في سوريا تشعل غضب الأهالي بزيادة أسعار المحروقات 50%.. ما مبرراتها؟

دون قرارٍ رسمي، رفعت الإدارة العامة للمحروقات التابعة لـ “الإدارة الذاتية” في شمال وشرق سوريا أسعار الوقود (المازوت والبنزين) بنسبة 50 بالمئة في مناطق سيطرتها، رغم أن المنطقة غنية بالنفط وتوجد فيها أهم حقول النفط السورية. 

وارتفع سعر اللتر من مادة المازوت من 4000 إلى 6200 ليرة سورية ما أثار استياءً شعبياً واسعاً، لا سيما أن المنطقة التي تعتمد على الزراعة بشكل رئيسي، ويعاني مزارعوها في هذا الموسم من قلة هطول الأمطار وشحّها ما يعني لجوئهم إلى سقاية أرضهم من الآبار ويحتاجون الوقود (مازوت) لتشغيل آلات ضخ المياه. 

مُبررات رفع الأسعار

أبلغت “إدارة المحروقات” أصحاب محطات الوقود بالتسعيرة الجديدة وطلبت منهم الالتزام بها بدءاً من الأحد، موضحة أن بعض المحطات أعلنت عبر مجموعاتها الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي بدء تطبيق التسعيرة الجديدة، من دون توضيح أسباب هذا الارتفاع حينها. 

وبررت “الإدارة الذاتية”، صباح اليوم الإثنين، رفع أسعار المحروقات في مناطق سيطرتها بوجود أزمة مالية خانقة في خزينتها العامة، نتيجة عجز في الخزينة العامة، ما دفع إلى اتخاذ هذه الخطوة، إضافة إلى وجود أسباب أخرى، أبرزها ارتفاع كلفة استخراج المحروقات ونقلها. 

وبيّن مسؤول في “الإدارة الذاتية”، أن الزيادة شملت المازوت الحر والبنزين الحر فقط، بينما بقيت أسعار المحروقات المخصصة للقطاعات الخدمية دون أي تعديل، بما فيها بنزين سيارات الأجرة العمومية، بحسب ما نقل موقع “نورث برس” المحلي. 

كما لفت إلى أن المحروقات المدعومة لم تتأثر بالزيادة، إذ يستمر تسليم مازوت الأفران ومولدات الأمبيرات بسعر 125 ليرة لليتر، وتوزيع مازوت التدفئة بسعر 7 سنتات، ومازوت الزراعة بسعر 10 سنتات. 

وأردف المسؤول أن سعر مازوت السير العمومي بلغ 525 ليرة لليتر الواحد، بينما يباع بنزين السير العمومي بـ 425 ليرة، مشيراً إلى أن هذه الأسعار تشمل عمولة المحطات. 

موجة من الغضب 

أثار القرار، موجة غضب بين السكان الذين اعتبروا أن رفع السعر في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة قرار جائر، وسط تحذيرات من انعكاسات سلبية على أسعار السلع والخدمات الأساسية الأخرى المرتبطة بالمازوت. 

اعتبر عدد من السكان أن قرار رفع سعر المازوت يفاقم معاناتهم اليومية، لا سيما أن المنطقة تُعد واحدة من أغنى المناطق بالنفط، ومع ذلك يفتقر سكانها إلى أبسط مقومات الحياة الأساسية. 

وتسبب رفع سعر المحروقات في ارتفاع مباشر في أسعار الشحن والمواد الغذائية والبضائع وأجور النقل إلى جانب تكبد المزارعين خسائر كبيرة من جراء اعتماد أصحاب الأراضي المروية على شراء المازوت بسعره الحر بعد عدم حصولهم على مخصصاتهم من مادة المازوت. 

تكاليف باهظة  

قال أحد المزارعين من ريف الحسكة إن عدم حصول المزارعين على مخصصاتهم من مادة المازوت وموجة الجفاف وقلة الأمطار اضطرتهم إلى شراء دفعتين من المازوت بالسعر الحر، الأمر الذي كبدهم تكاليف باهظة

وأشار إلى أنه ينتظر منذ أيام التزوّد بـ خمسة آلاف ليتر من المازوت ليتفاجأ اليوم بإعلام محطة المحروقات له بارتفاع سعر لتر المازوت إلى 6200 ليرة سورية، مشيرًا إلى أن الارتفاع الجديد في سعر المازوت سوف يكلفه 11 مليون ليرة سورية إضافية عن السعر القديم المقدر بعشرين مليون ليرة سورية. 

وبحسب المزارع فإن قلة الأمطار هذا العام أرغمت المزارعين أصحاب الأراضي المروية إلى سقاية أراضيهم لثلاث مرات وهناك حاجة للسقاية مرتين أخريين على الأقل مما يرفع تكاليف الإنتاج بشكل كبير. 

وتوفر “الإدارة الذاتية” مادة المازوت للأراضي المروية المرخصة لديها بسعر 1350 ليرة سورية لليتر الواحد على دفعات، ولكن غالبا ما يقتصر توفير المادة لدفعتين أو ثلاث دفعات وبكميات قليلة في حين تحتاج الأراضي لست دفعات على الأقل وفق ما يؤكده مهندسون زراعيون. 

انتقادات ومطالب بإعادة النظر بالقرار 

من جهته أصدر حزب “الوطن السوري” بياناً، نشره على موقعه الرسمي، انتقد فيه قرار “الإدارة الذاتية” بشأن رفع أسعار المحروقات، وقال إنه “في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمرّ بها شعبنا من جفاف متفاقم وتراجع كبير في القدرة الشرائية، يأتي هذا القرار ليضيف عبئا جديدا على كاهل المواطنين، بدل أن يخفف عنهم”. 

حذّر الحزب من تبعات سلبية على مختلف القطاعات الحيوية، من الزراعة إلى النقل والصناعة، وعلى أسعار المواد الأساسية التي تمسّ حياة الناس اليومية، داعيًا “الإدارة الذاتية” إلى إعادة النظر في هذا القرار، والبحث عن حلول بديلة تُراعي العدالة الاجتماعية وتُحافظ على التوازن بين الحاجة إلى تمويل الخدمات العامة وبين قدرة المواطن على التحمل. 

فيما رجّح أحد المواطنين من ريف مدينة القامشلي، ارتفاع أسعار غالبية المواد مع هذا القرار لاسيما الخبز والنقل والمواد الغذائية، وأضاف: “يبدو أن أصحاب القرار في وادٍ وحياة الناس في وادٍ آخر”. 

فيما أكد تاجر خضار في مدينة الحسكة، أن سعر شحن الخضار ارتفع بشكل فوري بنسبة 30 بالمئة بعد قرار رفع سعر المازوت. 

وأوضح التاجر أن تكاليف شحن الخضار والفواكه والمواد الغذائية والبضائع من الداخل السوري والمعابر مع تركيا وإقليم كردستان سوف تشهد ارتفاعاً بنسبة لا تقل عن 10 بالمئة بسبب ارتفاع تكاليف الشحن. 

يذكر أن عموم مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، تشهد أزمة محروقات كبيرة، خاصة مادة المازوت سواء المخصّص للسيارات والآليات أو للمشاريع الزراعية والصناعية والتدفئة. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات