تعتبر العقوبات الأميركية على سوريا من أبرز العقبات التي تواجه دمشق، إذ تسعى الحكومة الانتقالية، على رأسها أحمد الشرع، إلى رفعها أو تجميدها بأقرب وقت للمضي قُدما للنهوض بالواقع الاقتصادي للبلاد وتحقيق الاستقرار السياسي والاستدامة. لكن ذلك ليس سهلا على دمشق في ظل وجود شروط وضعتها الإدارة الأميركية وسلمتها لوزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في آذار/مارس الماضي.

وسلّمت دمشق في 14 نيسان/أبريل الجاري ردّها لواشنطن على المطالب الثمانية في رسالة مكونة من 4 صفحات، لكن الرد لم يشمل كافة الشروط، إذ تجد الحكومة السورية صعوبة في بعضها، خاصة فيما يتعلق بالمقاتلين الأجانب.

تناولت 5 مطالب

الرسالة السورية، المكونة من أربع صفحات، بحسب وكالة “رويترز”، تتوافق مع كلمة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أمام مجلس الأمن الدولي يوم أمس الجمعة، وتحديداً فيما يتعلق بملف الأسلحة الكيميائية والبحث عن الأميركيين المفقودين في سوريا.

الحكومة السورية الانتقالية – انترنت

الوكالة نقلت عن دبلوماسي وصفته بـ”الكبير” وشخص آخر مطّلع على الرسالة، أن الرسالة سُلّمت في 14 نيسان/أبريل الجاري، وأنهما يعتقدان أنها تناولت 5 مطالب بالكامل، في حين تركت المطالب المتبقية معلقة.

كما أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تلقت رداً من السلطات السورية على طلب أميركي باتخاذ “تدابير محددة ومفصلة لبناء الثقة”.

وقال المتحدث: “نحن الآن بصدد تقييم الرد، وليس لدينا ما نشاركه في الوقت الحالي”، مضيفاً أن الولايات المتحدة “لا تعترف بأي كيان كحكومة سورية، وأن أي تطبيع مستقبلي للعلاقات سيتم تحديده بناءً على تصرفات السلطات المؤقتة”.

وتعهدت سوريا في الرسالة بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية للعثور على الصحفي الأميركي المفقود أوستن تايس، وأفصحت عن آلية تعاملها مع مخزونات الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك تعزيز التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

الرسالة لم تتناول بشكل مفصل مطالب رئيسية أخرى، بما في ذلك إبعاد المقاتلين الأجانب، ومنح الولايات المتحدة الإذن بشن ضربات في سوريا لمكافحة الإرهاب، وفق “رويترز”.

وجاء في الرسالة أن مسؤولين سوريين ناقشوا قضية المقاتلين الأجانب مع المبعوث الأميركي السابق دانييل روبنشتاين، لكن القضية “تتطلب جلسة تشاورية أوسع”.

وأضافت الوكالة أن ما يمكن تأكيده حتى الآن هو أن إصدار الرتب العسكرية للمقاتلين الأجانب قد تم تعليقه بعد الإعلان السابق بشأن ترقية ستة أفراد، في إشارة إلى تعيين مقاتلين أجانب في كانون الأول/ديسمبر الماضي، من بينهم أويغوري وأردني وتركي، في مناصب داخل القوات المسلحة السورية.

وبحسب مصدر مطلع على نهج الحكومة السورية، فإن دمشق تعتزم تأجيل التعامل مع هذا الملف قدر الإمكان، لا سيما أن وجهة نظرها ترى أن المقاتلين غير السوريين الذين ساعدوا في الإطاحة بنظام الأسد يجب معاملتهم بشكل جيد.

وقال مصدر سوري مطّلع في وقت سابق لـ “الحل نت“، إن الرد لم يتضمن المطلب الأميركي على عدم تولي مقاتلين أجانب مناصب قيادية، الأمر الذي تعتبره دمشق مسألة حساسة وتسعى إلى تجنب الخوض فيها، بينما رجّح المصدر أن يتم مناقشة المطالب مع الإدارة الأميركية عن قرب، خلال زيارة الشيباني لـ نيويورك.

مكافحة الإرهاب وإسرائيل

أما بخصوص طلب الولايات المتحدة الخاص بالتنسيق في مسائل “مكافحة الإرهاب وتنفيذ ضربات على أهداف إرهابية”، جاء في الرسالة أن “الأمر يتطلب تفاهمات متبادلة”. في حين تعهدت الحكومة السورية بعدم التسامح مع أي تهديدات للمصالح الأميركية أو الغربية في سوريا، مع التأكيد على اتخاذ “التدابير القانونية المناسبة”، دون الخوض في التفاصيل.

وقال مسؤول سوري مطلع على مضمون الرسالة، إن المسؤولين السوريين يبحثون عن سبل أخرى لإضعاف “المتطرفين” دون منح الولايات المتحدة إذناً صريحاً بتنفيذ ضربات، معتبرين أن ذلك يمثل خطوة مثيرة للجدل بعد سنوات من القصف الأجنبي للأراضي السورية.

الرسالة أكدت وجود تواصل مستمر بين سلطات مكافحة الإرهاب السورية وممثلي الولايات المتحدة في عمّان بشأن مكافحة تنظيم “داعش”، مع الإشارة إلى رغبة دمشق في توسيع هذا التعاون.

فيما يتعلق بالفصائل الفلسطينية، أوضحت الرسالة أن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع شكّل لجنة “لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية”، وأنه لن يُسمح للفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة بالعمل داخل الأراضي السورية.

وأضافت الرسالة: “بينما يمكن أن تستمر المناقشات حول هذه المسألة، فإن الموقف الشامل هو أننا لن نسمح لسوريا بأن تصبح مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل“.

وبدأت دمشق بتقييد وجود الفصائل الفلسطينية على الأراضي السورية، حيث نقلت بعض الفصائل مقارها إلى دول أخرى، بينما وضعت السلطات السورية يدها على عدد من مكاتب الفصائل في العاصمة.

كما اعتقلت القوات الأمنية السورية مسؤول “حركة الجهاد الإسلامي” الفلسطينية في سوريا خالد خالد ومسؤول اللجنة التنظيمية للساحة السورية أبو علي ياسر في العاصمة دمشق الأسبوع الماضي.

وأكد مسؤول سوري ومصدر أميركي مطلعان على الرسالة أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سيناقش محتوى الرسالة مع مسؤولين أميركيين خلال رحلته إلى نيويورك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة