أسواق دمشق قبيل العيد: بشر بلا شراء والأسعار “صامدة” رغم وعود الانخفاض

حنان دعدوش

تشهد أسواق دمشق، قبيل عيد الأضحى، ازدحاماً لافتاً في الشوارع والمراكز التجارية، بدءاً من الحريقة وسوق الحميدية، وصولاً إلى الميدان والقصاع، تكتظ الأرصفة بالمتسوقين، وتزدان الواجهات بألوان الزينة، فيما تفوح رائحة المعمول والبرازق من محال الحلويات، غير أن هذه المشاهد التقليدية لا تعكس بالضرورة تحسناً في الواقع الاقتصادي، إذ تزداد التساؤلات حول حقيقة الحركة الشرائية، في ظل ارتفاع الأسعار، رغم تراجع الدولار وتخفيض الرسوم الجمركية.

في الوقت الراهن، تبدو المؤشرات الاقتصادية على الورق أكثر تفاؤلاً، إلا أن الواقع يكشف عن فجوة متزايدة بين المعروض والقدرة الشرائية، وسط شكاوى متكررة من محدودية الدخل، وغياب انعكاس التحسن النقدي على أسعار السلع الأساسية.

حركة نشطة لا يقابلها شراء

تشهد الأسواق في دمشق ازدحاما في الأيام التي تسبق عيد الأضحى، لكن من دون انعكاس ذلك على المحال التجارية، إذ يعود السبب إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي ما زالت متدنية، في حين أن الأسعار لم تنخفض، رغم ارتفاع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي وما سبقه من تخفيض الرسوم الجمركية على البضائع. إذ أكد أصحاب المحال التجارية أن الازدحام في الأسواق لا يعني بالضرورة ارتفاعاً في المبيعات.

باب توما بدمشق – “الحل نت”

مصطفى، صاحب محل ألبسة في سوق “الحريقة”، قال لـ “الحل نت” إن هناك ازدحاماً يوميّاً في السوق، إلا أن ذلك لا يُترجم إلى عمليات شراء حقيقية، إذ غالبية الزبائن يكتفون بالمشاهدة أو السؤال عن الأسعار، دون إتمام عمليات الشراء “حتى عند تقديم حسومات، تبقى المبيعات منخفضة جداً”.

يعود ذلك إلى الأسعار التي ما زالت “مرتفعة للغاية” وضعف القدرة الشرائية والدخل، بحسب نوال، موظفة حكومية وأم لثلاثة أطفال.

“كنت آمل أن أتمكن هذا العام من شراء ملابس جديدة لأطفالي بمناسبة العيد، لكن الأسعار لا تزال مرتفعة للغاية مخصصاتي الشهرية لا تكفي لشراء طقم واحد لطفلين، فكيف بثلاثة؟ خرجت من السوق دون شراء أي شيء“، أضافت نوال لـ “الحل نت”

رغم تراجع سعر صرف الدولار بنسبة ملحوظة خلال الأسابيع الماضية، إلا أن هذا الانخفاض لم ينعكس فعلياً على أسعار السلع، وخاصة الملابس والأحذية.

بحسب سامر، تاجر جملة في “الحلبوني”، فإن الأسواق لا تتفاعل فوراً مع تغيّرات سعر الصرف، فمعظم البضائع الموجودة حالياً تم استيرادها أو تصنيعها حين كان الدولار أعلى، كما أن التكاليف الأخرى لم تتغير، من ضرائب وشحن وكهرباء، وبالتالي فإن الأسعار بقيت على حالها.

وأضاف أن تخفيض الرسوم الجمركية خطوة إيجابية، لكن أثرها يحتاج وقتاً ليظهر، ولا يمكن أن يُقارن بحجم التكاليف التي يتحملها التاجر المحلي.

موسم باهت واحتفال رمزي

رغم التراجع في سعر الصرف وتخفيضات الرسوم، إلا أن الأسواق السورية، خصوصاً في دمشق، ما تزال تعاني من ضعف حقيقي في القوة الشرائية، إذ يتحدث أصحاب محال الألبسة عن موسم باهت، لا يرقى لمستوى الأعياد السابقة وعلى الرغم من محاولات التنزيل والترويج، إلا أن الإقبال ما يزال ضعيفًا.

بسطة ألعاب أطفال في “القيمرية” بدمشق – “الحل نت”

وقال مالك محل ألبسة في منطقة “الشعلان”، إنه أعلن عن تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة، ومع ذلك لم نشهد أي تحسّن في المبيعات. وأشار إلى أن المواطن يبحث عن السعر الأرخص، حتى لو كانت الجودة منخفضة، و”هذا ما لا نقدر على توفيره في ظل ارتفاع كلفة الإنتاج.”

“بات من الصعب علينا تأمين حاجياتنا اليومية، فكيف بمستلزمات العيد؟ هذا العام، قررنا عدم شراء ملابس جديدة، والتركيز فقط على شراء الحلوى والزينة الرمزية، إن أمكن.”

هناء، ربة منزل لـ “الحل نت”

أما محال الحلويات، تشهد حركة نسبية، وإن كانت المشتريات مقتصرة على كميات صغيرة، إذ ما زال هناك إقبال على شراء الحلويات، لكن الكميات تراجعت بشكل كبير معظم الزبائن يطلبون نصف كيلو أو أقل، وغالباً بكميات محددة للأطفال أو للضيافة، بحسب جهاد، صاحب محل حلويات في حي “الميدان”.

وأضاف لـ “الحل نت”: “خفّضنا الأسعار قدر الإمكان، لكن ارتفاع أسعار المواد الأولية يحدّ من هامش المناورة.”

رغم التصريحات الحكومية حول تحسن المؤشرات الاقتصادية، إلا أن الشارع لا يشعر بتغيير ملموس، وسط اتهامات بغياب الرقابة وعدم وجود تسعيرة واضحة. حيث يُجمع التجار والمواطنون على أن “العيد لم يعد كما كان”، وأن الاحتفال بات رمزياً أكثر منه اقتصادياً، في انتظار إجراءات أكثر فاعلية، تترجم التحسن المالي إلى أسعار واقعية يشعر بها الجميع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات