تتصاعد ظاهرتي الاتجار بالبشر واستغلال النساء والفتيات القاصرات في سوريا، وتحديدا بمناطق سيطرة الحكومة السورية، لاسيما في مجال “الدعارة غير المرخصة“، مع تنامي الأزمات الاقتصادية وتزايد كبير لنسبة الفقر في سوريا، إضافة إلى العنف الأسري الذي يدفع العديد من الفتيات إلى الهرب من منازل عائلاتهم.

حالات الإتجار تستهدف النساء بالدرجة الأولى

رئيس النيابة العامة في العاصمة دمشق، نبيل الشريباتي، أكد أن أكثر من 80 بالمئة، من حالات الاتجار بالأشخاص تتعلق بالنساء والأطفال واستغلالهم جنسيا.

وقال شريباتي في تصريحات لموقع “المشهد” المحلي، يوم أمس السبت، إن السنوات الأخيرة شهدت تصاعدا في جرائم الإتجار بالبشر في سوريا، ووصلت في بعض الحالات إلى تهريب الأشخاص إلى خارج الحدود لاستغلالهم في الخارج.

وكشف تحقيق الموقع المحلي، عن حالات بيع للفتيات في سوريا، وتهريبهم إلى خارج الحدود لاستغلالهن وبيعهن في دول مجاورة.

قد يهمك: القانون السوري “ينأى بنفسه” عن معاقبة الرجل المُعنّف لزوجته

جمع النساء وإرسالهم في مجموعات عبر طرق التهريب

وحول ذلك أضاف شريباتي: “تم ضبط حالات يتم فيها جمع نساء ونقلهم تهريبا أو حتى بشكل نظامي إلى بلدان أخرى لتشغيلهن في الدعارة، وهناك يتم استغلال جهلهم وضعفهم في بلد غريب، وتحجز جوازات سفرهم لمنع هربهن”.

كما أكد أن تلك الجرائم وصلت إلى ذروتها عامي 2014 و2015، تزامنا مع تصاعد وتيرة التهريب في سوريا، لا سيما في المحافظات الحدودية مع دول الجوار.

وكشف رئيس النيابة العامة عن تراجع بعدد الجرائم التي وصلت ذروتها في أعوام 2014-2015، فيما تعتبر دمشق واحدة من أقل المحافظات تسجيلا لجرائم اتجار الأشخاص، كون الدعوى تؤسس في المحافظة التي يلقى فيها القبض على المجرمين، وغالبا ما تكون محافظات حدودية إذا كان الجرم تهريب بقصد الإتجار، حيث سجل في دمشق 16 دعوى خلال 2021، تم فصل 11 منها.

ويقول تحقيق “المشهد” إن العديد من حالات الاتجار بالأشخاص التي وثقها تكون برضى الضحية، إلا أن رئيس النيابة أكد أن الرضى “في هذه الحالات ليس له قيمة، وفي جميع الحالات لا يعتد بموافقة الضحية، فلم ينصّ القانون على عقوبة لضحية الإتجار، بل اعتبرها محط رعاية في مراكز متخصصة، على عكس جرائم أخرى -كالدعارة مثلا- والتي تعاقب فيها الداعرة عند إلقاء القبض عليها”.

مكافحة الاتجار بالبشر في سوريا

وفي سوريا، تم إقرار قانون مكافحة الإتجار بالبشر عام 2010، وذلك بمرسوم من قبل الرئيس السوري بشار الأسد، إذ حدد المرسوم استدراج أشخاص أو نقلهم أو اختطافهم أو ترحيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم لاستخدامهم في أعمال أو لغايات غير مشروعة، مقابل كسب مادي أو معنوي أو وعد به أو بمنح مزايا.

كما يعد بحكم الاتجار بالأشخاص “الاستخدام الجنسي للطفل بأي من أشكال الممارسة، أو بتصوير أعضائه الجنسية، أو بالعروض الداعرة الإباحية لقاء أي شكل من أشكال العوض مباشرا أو غير مباشر“، الى جانب انشأ او ادار جماعة إجرامية هدفها أو من بين أهدافها الاتجار بالأشخاص.

وحدد المرسوم العقوبة في هذه الحالات “بالاعتقال المؤقت لمدة لا تقل عن سبع سنوات، وبغرامة من مليون إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية“، مع مراعاة التشديد في حال “ارتكبت الجريمة ضد النساء أو الأطفال أو بحق أحد من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإذا استخدم فيها سلاح أو هدد باستخدامه“.

لكن وبحسب محامين، هناك ثغرة بالقانون، تتيح لمن يرغب بالاتفاق مع من يرغب لممارسة الدعارة في منزلهم الخاص طالما لا توجد شكوى من جوار، حيث لا يمكن للشرطة أو أي قسم اقتحام حرمة منزل أو السؤال عن وجود ذكر وأنثى في منزل واحد دون عقد زواج لمجرد الشك، وطالما الاتفاق كان بين طرفين، وخاصة إن كانت الأنثى لا تمارس ذلك من أجل منفعة مادية، كون جرم الدعارة مرتبط باستخدامه للمنفعة المادية.

قبل عام 2011، كانت الدعارة (تجارة الجنس) في سوريا محددة في أماكن خاصة علما أنها “مهنة” غير مرخصة، ففي دمشق كانت فنادق المرجة تجذب زبائنها علنا عبر “شقيعة” ينادون على الزبائن في الساحة، بينما كانت الدعارة متاحة بسهولة في الملاهي الليلية المنتشرة بمنطقة معربا على سبيل المثال، بحسب تقرير نشره موقع “الحل نت” مطلع العام 2021.

وأخذت الدعارة قبل 2011 أشكالا مختلفة إضافة إلى الدعارة التقليدية، فقط ظهرت أنواع مثل زواج المتعة والمسيار والزواج السياحي (فترات العطل والإجازات).

ونشر عنها موقع “دويتشه فيله” الألماني تقريرا في عام 2010 يتحدث فيه عن تلك الأنواع من الزيجات وانتشارها في سوريا والتي كان أغلب أبطالها رجال خليجيون ونساء سوريات لأسباب مادية بحتة.

وبحسب دراسة لـ”مركز حرمون للدراسات” تحت اسم “الدمار المجتمعي”، فقد “نمت ظاهرة الدعارة في سوريا في السبعينيات، من خلال السماح بانتشار بيوت ممارسة الدعارة بشكل غير معلن، لكن بإشراف الأفرع الأمنية وبوساطة المكاتب العقارية بدمشق تحت عنوان السياحة الاقتصادية”.

ووفقا للمركز، “قدر عدد بيوت الدعارة حينها بأكثر من 40 ألف دار، وحصل التفاف على عدم وجود قانون يرخص هذه الدور بترخيص نقابة الفنانين لكل اللواتي يعملن في الملاهي الليلية على أنهن فنانات”.

للقراء والاستماع: العنف ضد المرأة السورية.. مواجهة الواقع المرير أسلوب حياة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.