سيطرت قوات الحكومة السورية، على محافظة درعا في نهاية تموز/ يوليو 2018، بعد معركة خاضتها بدعم روسي مع فصائل المعارضة انتهت بتسوية بين الطرفين، ومعركة مع الفصيل المسمى بـ “جيش خالد بن الوليد” التابع لتنظيم “داعش”، انتهت بسيطرة القوات النظامية على منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي.
نتج عن المعركة، مقتل عدد من قادة وعناصر التنظيم، واعتقل عدد آخر، فيما توارى قسم عن الأنظار، وجرت لاحقا عملية تسوية خضع لها عشرات من قادة وعناصر التنظيم من أبناء درعا، لينضم عدد منهم للأجهزة الأمنية التابعة لحكومة دمشق وكذلك الفرقة الرابعة، وبقي قسم منهم متنقلا في مدن وبلدات المحافظة.
التنظيم بين تسويتين
شن التنظيم عمليات مختلفة، أهمها عمليات اغتيال، في الفترة ما بين عامي 2018 و2020، ومع نهاية العام 2020 توقف عن تبني أي عملية، حتى لو كانت من تنفيذ عناصره، بينما استمرت أصابع الاتهام تشير للتنظيم في عدة عمليات خاصة تلك التي جرت في ريف درعا الغربي.
في العام الماضي، أطلقت الأجهزة الأمنية سراح العديد من معتقلي التنظيم، ليعودوا إلى مناطقهم، فيما تشير معلومات مؤكدة أن تلك الأجهزة عملت على استغلال هؤلاء العناصر لتنفيذ عمليات اغتيال طالت معارضين.

ففي عملية اغتيال ( ف.ح) في ريف درعا الغربي عام 2021، أكد أحد أقرباء القتيل الذي كان منتسبا لجهاز الأمن العسكري بموجب التسوية، لموقع “الحل نت”، أن قريبه تعرض لمراقبة على مدى عدة أيام من شخصين، قبل أن يتم قتله في أمام منزله، ليتم التأكد أنهم من عناصر “داعش”، وجاءت عملية اغتيال الشاب (ف.ح)، لقيامه بتسريب معلومات حول حملات اعتقال لأبناء درعا من فرع الأمن العسكري. 

العديد من قادة التنظيم، وأبرزهم ماهر كنهوش من بلدة جباب، وهو أحد شرعيي التنظيم، ومعه عدد من العناصر يتنقلون في ريف درعا الشمالي، إضافة إلى قائد التنظيم في المحافظة أبو سالم العراقي، واسمه عبدالله البائع، وهو من محافظة الأنبار العراقية، والذي يتنقل بين محافظة درعا ومنطقة الصفا في بادية السويداء، هم متهمون بالوقوف وراء العديد من عمليات الاغتيال التي جرت في محافظة درعا.ولكن، لم يعد التنظيم يقوم بأي عمليات عسكرية في المحافظة، إنما يقتصر نشاطه على تنفيذ بعض عمليات الاغتيال ضد قادة وعناصر سابقين في المحافظة من الرافضين لعملية التسوية، دون الإعلان عن أي منها.

جاءت معركة درعا البلد الأخيرة في آب/أغسطس من العام الماضي بحجة اختلقتها الأجهزة الأمنية بوجود مجموعتين تابعتين للتنظيم، حيث اتهمت أهالي درعا البلد بإيواء مقاتلين من التنظيم، ولكن مع نهاية المعركة لم يتم العثور أو اعتقال أي عنصر من التنظيم، وإنما كان الهدف الوحيد إجراء تسوية جديدة للمعارضين الرافضين للتسوية الأولى، وتهجير من رفض منهم إجراءها.

الظروف غير مواتية لعودة التنظيم؟

تشير كل المعطيات إلى أن وجود التنظيم الإرهابي في المحافظة، فبصماته موجودة في بعض عمليات الاغتيال، بخاصة تلك التي تتم بواسطة عبوات ناسفة حيث يشتهر التنظيم بتنفيذها، وأن عناصره لا يزالون ينتشرون كخلايا في مناطق مختلفة، لكن دون أن تقوم بشن عمليات عسكرية، فالظروف غير مواتية لعودة التنظيم للظهور بشكل علني.

يقول أسامة الحوراني، إعلامي من منطقة حوض اليرموك، لموقع “الحل نت”، أن التنظيم في الأصل منبوذ من قبل الأهالي، بسبب الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها خلال سيطرته على مناطق في ريف درعا الغربي، إضافة إلى أنه ملاحق دوليا، وأي ظهور علني له ومحاولته إعادة السيطرة على أي منطقة سيدفع “التحالف الدولي” للضغط على دمشق وموسكو لشن عمليات عسكرية وإن كانت محدودة لمحاربة التنظيم، وفق تعبير الحوراني.

وأوضح أن ما تبقى من فصائل معارضة محلية، لن تسمح لأي من عناصر التنظيم بالتواجد في مناطقها، فحكومة دمشق تجد في التنظيم وتواجده مبررا لاقتحام أي منطقة، أو قصفها، أو اعتقال أبنائها بحجة التنظيم.
وأشار الحوراني، إلى أن العديد من العمليات التي شنها بعد التسوية سبقها إعلان منه عن تواجد عناصر داعش في المناطق التي يستهدفها، وذلك ما يصب في مصلحة النظام من جهة، وما يرفضه الأهالي من جهة أخرى.

كان للتسوية الأخيرة دور مهم في اختفاء عناصر تنظيم داعش في محافظة درعا، لاشتداد محاربة الأهالي لوجود التنظيم، حماية لأنفسهم، كما أن العديد من المعلومات تحدثت عن خروج قسم منهم إلى مناطق سيطرة التنظيم في البادية السورية، ويبقى هناك دائما تخوف من زيادة العمليات التي ينفذها التنظيم أو يقوم بتبنيها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.