منذ نهاية شباط/فبراير الفائت، استحوذ غزو الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لأوكرانيا على اهتمام العالم. لكن مع نقص المراقبة الدولية، يعمل بوتين على تعزيز الوجود العسكري لروسيا في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو تطور عسكري تعتبره السلطات العسكرية والسياسية في المجتمع الدولي خطرا على الأمن الدولي.

وبالرغم أن سياسة بوتين في الشرق الأوسط ولا سيما سوريا كانت واضحة وفعالة، فهو سعى إلى إقامة شراكات أمنية مع قادة الصف الأول في الدولة، وأولئك الذين تم رفضهم أو تجاهلهم من قبل الولايات المتحدة وأوروبا. لكن مراقبون يرون أن هناك احتمالية أن تقايض روسيا ملف أوكرانيا مقابل إيجاد آلية مناسبة ترضي جميع الأطراف في سوريا، بما يؤدي إلى ضبط شكل النفوذ الروسي، فهل ينجح ذلك؟

أجواء المقايضة الروسية

مع سعي موسكو لتنفيذ كل خططها في أوكرانيا، يعتقد الباحث في مركز “جسور للدراسات”، وائل علوان، لـ”الحل نت”، أنه من المبكر جدا التنبؤ بمصير المعارك الدائرة في أوكرانيا، وتأثيراتها على الملف السوري سلبا أو إيجابا. وخاصة أن الهجوم على كييف وشيك.

ويضيف علوان، “لا ندري ما هي فرص الروس في السيطرة الكاملة، أو ما هي حتى درجة الاستنزاف التي يمكن أن يواجهها في أوكرانيا، ثم بعد كييف إلى أين سيتجهون، وإلى أي حد ممكن أن تنجح المفاوضات أو الوساطة التركية الإسرائيلية وما تثمر عن تفاهمات”.

ويوضح علوان، أنه ما تزال بشكل عام مبادئ التفاهمات ضعيفة الحظوظ ما بين الغرب وما بين روسيا. فمن المتوقع أن  الحديث عن تأثيرات مباشرة على الملف السوري ألا يكون هناك تأثيرات مباشرة حالية على الملف، وأن التفاهمات في سوريا تحرص كل الدول على بقائها.

ورغم أنه بدأت عملية الاصطفاف الكامل للحكومة السورية بإرسال المقاتلين إلى روسيا. لكن هذا بنظر الباحث السوري، لن يؤثر على الاستقرار النسبي للخريطة في المستقبل القريب. بمعنى أنه السيناريوهات مفتوحة ويمكن أن تكون سوريا جائزة ترضية إن قبلت روسيا بالتنازل عن ملفات في أوكرانيا أو العكس.

ومن جهته، استبعد الكاتب والباحث السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، خلال حديثه لـ”الحل نت”، مسألة المقايضات، فيرى أن كل ملف على حدى، مضيفا “نحن نتكلم عن دولة كبيرة جدا لها القدرة على أن أن تتعامل مع جميع الملفات.

ولذلك يشير أوغلو، إلى أن الملف الأوكراني والصورة السورية مختلفان جدا. فأولوية الغرب وأميركا في الملف السوري لا تشبه أولوياتهما في الملف الأوكراني. والأهمية بالنسبة للملف الأوكراني واضح أنه أكبر بكثير جدا، والغرب ليس مختلف مع روسيا في تواجده في سوريا.

للقراءة أو الاستماع: روسيا تنشر الإرهاب في أوروبا؟

التغير قائم ومحتمل

آراء المحللين لم تنف بشكل أن يتم الضغط على روسيا بالنسبة للملف السوري. إذ قال أوغلو، أنه يمكن الضغط من قبل تركيا على روسيا في الملف السوري لإيجاد صيغة لإنشاء يعني حل وسط سياسي بين الأطراف المتقاتلة. ولكن ذلك يحتاج إلى وقت.

وفي السياق ذاته، توقع المحلل في الشأن الروسي، ديمتري بريجع، خلال حديثه لـ”الحل نت”، بأنه في الوضع الحالي يمكن أن يحدث تغيير نوعي في الملف السوري. إذ يمكن أن تتخذ الولايات المتحدة الأميركية موقفا مختلفا تجاه ما يحدث في سوريا.

واستغلالا لحشد روسيا لمرتزقة من سوريا، أشار بريجع، إلى أن “أميركا سوف تبدأ بدعم المعارضة أو قوات معينة في سوريا لإسقاط النظام السوري للضغط على روسيا. ولتحويل وفتح جبهة أخرى في منطقة أخرى، ولإنهاك القدرات الاقتصادية لروسيا والكرملين”.

العملية العسكرية الروسية وجلب المتطوعين من الطرفين هو تتحول الصراع من محلي إلى صراع أطراف ثالثة. والواضح بأن جلب أطراف ثالثة سوف يتحول الصراع في سوريا إلى الحلبة وهذا الانعطاف جدا خطير، بنظر بريجع. كونه سوف يحول المنطقة إلى منطقة صراعات كثيرة بين أطراف كثيرة.

وتحاول روسيا أن تظهر نفسها كقوة عظمى، كما أنها تحتل موقع الصدارة في الشؤون العالمية، كقوة دافعة للأوضاع الدولية. لكن مع قتال بوتين الكامل بالفعل للمقاومة الأوكرانية الشرسة، ينظر الخبراء إلى أهدافه التوسعية في الشرق الأوسط وإفريقيا على أنها تهديد محتمل طويل الأجل. وليست خطرا حاليا على أوروبا أو منظمة حلف شمال الأطلسي.

يشكل الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، منعطفا هاما في تاريخ العلاقات الروسية السورية،. لا سيما مع وجود العديد من العوامل والمصالح السياسية المشتركة بين الجانبين. إلا أن العديد من التغيرات، لا سيما طلب موسكو لقوات عسكرية سورية للقتال في أوكرانيا، قد يسجل خصومة مرتقبة بين الجانبين إذا ما تدخل الغرب.

للقراءة أو الاستماع: ليس للقتال.. سوريون يصلون إلى أوكرانيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.