على الرغم من نفي مصرف سوريا المركزي عزمه على إصدار عملة ورقية جديدة بقيمة عشرة آلاف ليرة، تستمر الشائعات التي تؤكد إدخال ثاني أكبر فئة نقدية للمعاملات التجارية في البلاد، وسط تحذيرات متزايدة من هذه الخطوة، والتي اعتبرتها مصادر اقتصادية في دمشق واحدة من الحلول المقترحة بقوة للمناقشة على طاولة الحكومة في دمشق. خاصة وأن مصرف المركزي السوري يمول تجار الأزمات بتحويلات المغتربين، ويتجنب العقوبات من خلال خلق مجموعة متشابكة من الشركات الوهمية.

10 آلاف ليرة قريبا في الأسواق

العملة التي أثارت الجدل منذ تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، أكدت مصادر محلية مقربة من الحكومة السورية، استعداد الأخيرة لإصدار عملة جديدة بقيمة عشرة آلاف ليرة سورية، في خلال الأشهر القادمة من هذا العام، لتلائم احتياجات تعاملات السوق اليومية.

ويخطط المصرف المركزي في سوريا، لإحداث فئة جديدة، إذ تزايد الطلب عليها بشكل ملح بسبب ارتفاع معدلات التضخم وخسارة كبيرة في قيمة شراء العملة المحلية.

وفقا للمصادر التي نقل عنها موقع “باز” المحلي، فإن الحكومة السورية ستطبع أموالا إضافية، لتغطية عجز الموازنة الذي يتفاقم بسبب انخفاض قيمة مداخيل الدولة. وأكد ذلك شفيق عربش، عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق.

حيث قال عربش، إن العجز أكبر بكثير من المبلغ المعلن في الميزانية، وأنه من المرجح أن تتم مواجهته بطباعة المزيد من العملة السورية. في حين تكهن الخبير الاقتصادي، منذر محمد، بأن الحكومة ستستمر في إنتاج فئات كبيرة من العملات، بسبب الطلب على المزيد من النقد. ولأنها ستقلل من تكاليف الطباعة إذا كانت الفئات المطبوعة كبيرة.

وفي حديث سابق عن ذات الموضوع، أشار الباحث والمحاضر في مجال الاقتصاد في مركز “جسور للدراسات”، والحاصل على الماجستير في العلاقات الاقتصادية الدولية من دمشق، “خالد التركاوي”، لـ(الحل نت)، أنّ الأثر المترتب على طرح العملة الجديدة والذي سيلمسه المواطن هو ارتفاع الأسعار.

للقراءة أو الاستماع: عملة جديدة في سوريا.. هل ينهار الاقتصاد قريباً؟

لفتة خطيرة.. مصرف سوريا المركزي يموّل تجار الأزمة

مع ارتفاع معدلات الحوالات التي يتلقاها السوريون تزامنا مع اقتراب شهر رمضان المبارك، أكد مصرف سوريا المركزي مجددا أنه لن يرفع سعر الحوالات – رغم ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية – ما يعيد فتح باب الجدل من جديد حول هذا القرار.

عن ذات الموضوع، أكد نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، علي كنعان، على ضرورة تعويم سعر الصرف كالأجور والرواتب والاستثمارات وإصدار تصاريح الاستيراد. وذكر خلال حديثه لصحيفة “الوطن” المحلية، أن سعر الصرف الرسمي للحوالات هو 2500 ليرة. وهو يندرج ضمن توزيع الدخل لمصلحة الأغنياء.

وشرح كنعان ذلك، بأن مصرف سوريا المركزي يحصل على النقد الأجنبي من الحوالات الواردة، ثم تمول واردات كبار التجار والمستوردين بنفس السعر. والذين بدورهم يسعرون المستوردات في السوق المحلية بدولار السوق السوداء.

فالفرق الفعلي بين سعر الصرف الرسمي 2500 ليرة، والسعر الذي تقوم عليه أسعار السلع في السوق المحلي. والذي يصل إلى 5 آلاف ليرة، يذهب إلى جيوب المستوردين والتجار الأغنياء. مما يعزز حالة عدم المساواة في توزيع الدخل بين المواطنين.

ونتيجة لذلك، أثبت كنعان، أن المصرف المركزي في سوريا يمول تجار الأزمات. والذين يسعون لتحقيق أعلى ربح بأي ثمن. وهو ما ينفي ادعاءات البنك بمحاربتهم ومواجهة الحكومة لهم عبر التصريحات الإعلامية اليومية.

ولفت إلى أن المصرف المركزي، اعترف بأن حجم الحوالات الرسمي التي تصل عبر شركات الصرافة المرخص لها بالعمل يومياً بحدود 7 ملايين دولار، في حين يرتفع هذا الرقم مع احتساب الحوالات التي تصل بطرق غير رسمية حيث يقدر حجم هذه الحوالات ما بين 3-5 ملايين دولار يومياً.

وتوقع كنعان، تضاعف حوالات السوريين خلال شهر رمضان المقبل. لأنه جرت العادة مضاعفة السوريين في الخارج لحوالاتهم خلال الشهر الكريم وإرسال الكثير منهم الزكاة والصدقات إلى المحتاجين بالداخل.

للقراءة أو الاستماع: خسائر تجارية كبرى في الاقتصاد السوري بمليارات الدولارات

الشركات الوهمية لعبة الوزراء

في السياق ذاته، كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية، اليوم الثلاثاء، عن وثائق رسمية تثبت تورط سوريا باستخدام متاهة الشركات الوهمية لتجنب العقوبات على النخبة الحاكمة في سوريا. حيث أثبتت الوثائق، تفاخر وزير في الحكومة، بأن التهرب من العقوبات المالية أصبح “حرفة سورية”.

وتوضح الوثائق، غير المتاحة للجمهور، ما لا يقل عن ثلاث شركات تم تأسيسها في سوريا في نفس اليوم. بغرض صريح يتمثل في العمل كواجهة لشراء الأسهم وإدارة شركات أخرى. كما تظهر علاقة واضحة بين مالكي الشركات الوهمية الجديدة، والرئيس السوري، بشار الأسد والنخبة القوية اقتصاديا في سوريا. وبما في ذلك الأفراد الخاضعين للعقوبات.

ففي تشرين الأول/أكتوبر الماضي ، قال وزير الاقتصاد السوري، محمد سامر الخليل، إن “التهرب من العقوبات أصبح حرفة سورية”، ودعا المستثمرين الأجانب الراغبين في الانضمام إلى السوق بسبب العقوبات “بعدم الظهور بأسمائهم الحقيقية في السوق المحلية”.

كل من الشركات الوهمية الجديدة، التي تأسست في تشرين الأول/أكتوبر 2021، وهي شركة “ترابس”، و”جينراس”، و”سوبر براندي”. مملوكة في الأغلب لشخص مرتبط بالحكومة السورية من خلال شبكة معقدة. وهو علي نجيب إبراهيم، وهو شريك في ملكية شركة “تيل سبيس”. وهي شركة مملوكة جزئيا لمخدم الاتصالات الجديد في سوريا “وفا تيليكوم”. والتي تم ترخيصها في أوائل عام 2022 لتصبح ثالث مشغل اتصالات في البلاد.

يُشار إلى أن ياسر حسين إبراهيم، وهو أحد مالكي شركة “وفا”، وهو مستشار الأسد ورئيس المكتب الاقتصادي والمالي للرئاسة، ويخضع للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

للقراءة أو الاستماع: زيادة أعداد الشركات الوهمية في سوريا.. أسباب خفية وغريبة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.