خلال الغزو الروسي لأوكرانيا منذ أكثر من شهرين، لاحقت روسيا عدة خسارات ولم تحقق أهدافها العسكرية بالوقت الذي خططت له، نتيجة المقاومة الأوكرانية، لذا أصبحت في مواجهة صعوبات جمة نتيجة لذلك، وحالة من التخبط، وقد ظهر ذلك جليا عندما كثفت ضرباتها على المناطق السكنية وتدمير البنى التحتية وخاصة في مدينة ماريوبول، فضلا عن العديد من الضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية الدولية التي وضعت روسيا في حُجّرة ضيقة.

وفي سياق موازٍ، فإن فشل أي وساطة دولية بين الجانبين الروسي والأوكراني لإنهاء هذا الصراع حتى الآن يساهم يوما بعد يوم في تضييق الأفق أمام أي حلّ لإنهاء هذه الحرب أو التوصل إلى هدنة ولو مؤقتة، وكل هذا بسبب التعنت الروسي وعدم جديته في المحادثات، والرغبة في بسط سلطتها على الدول المجاورة لها.

إن مواكبة وتيرة الحرب بهذه الطريقة، قد تؤدي إلى دخول أطراف أخرى وبشكل غير مباشر في هذا الصراع، والتي قد تتمثل بمجموعة من المليشيات والجماعات الإرهابية المرتزقة أي (الحرب بالوكالة)، وبالتالي اتجاه الحرب إلى نقطة أكثر تعقيدا، مما سيطيل أمدها على مدى سنوات طويلة، وكل هذا على حساب الشعبين الأوكرانيين وكذلك الروسي.

موسكو ترفع من سقف مطالبها

إن وجود روسيا كإحدى القوى الدولية الكبرى وفق الرؤية الروسية، بات من الصعب التعايش معها من قبل المجتمع الدولي، خاصة بعد غزو موسكو لأوكرانيا، حيث تسعى واشنطن مع حلفائها الغربيين لوضع خطة تهدف في عزل وإضعاف روسيا إلى أجل غير مسمى وطويل الأمد.

حيث بدأت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وحلفاؤها الأوروبيون التخطيط لعالم مختلف تماما، حيث يسعون بنشاط لعزل وإضعاف روسيا ضمن استراتيجية طويلة الأمد، بحسب تقارير غربية.

ويرى الأكاديمي والباحث السياسي في مركز “لندن” للدراسات السياسية والاستراتيجية، مايكل مورغان، أن الأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أو السلام في أوكرانيا يتضاءل كل يوما بعد يوم، خاصة بعد زيادة الهجمات الروسية على المرافق الحيوية والطبية في أوكرانيا خلال الساعات القليلة الماضية، مما يصعب المهمة أكثر على المفاوضين الحصول على اتفاق سلام في ظل هذه الهجمات العنيفة.

ويعتقد الأكاديمي السياسي، خلال حديثه لموقع “الحل نت”، أن “الخسائر التي تكبدها الجيش الروسي في ظل المقاومة العنيفة من الشعب الأوكراني بقيادة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي قد أغضب بوتين بشكل كبير، مما يحول دون التوصل إلى اتفاق ما حتى يعوض بوتين ما خسره على الأرض من خلال الحصول على كامل طلباته، التي قدمها قبل الحرب ولكن البعض يرى أن سقف مطالبه سيرتفع بسبب الخسائر والعقوبات الاقتصادية التي تكبدها من الغرب خلال الفترة الماضية.

وأضاف مورغان، في حديثه الخاص لـ “الحل نت”، “أعتقد أن تصعيد العقوبات الاقتصادية من قبل البرلمان الأوروبي أمس وتصويت الأغلبية على الحدّ أو منع استيراد مواد الطاقة من روسيا، وهو أهم مصدر دخل لروسيا، وإعلان بوتين سابقا بتصدير النفط والغاز بالروبل الروسي بدلا من الدولار الأمريكي، يضع الجانبين في موقف صعب جدا”.

قد يهمك: هل تنجح الأمم المتحدة في إنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا؟

هل سيشهد العالم حرب عالمية؟

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قال يوم أمس، إن “روسيا فشلت في تحقيق أهدافها بأوكرانيا، داعيا إلى إنهاء الحرب والعمليات العسكرية التي تشنها موسكو ضد كييف”.ولفت بلينكن إلى أن الدبلوماسيين الأميركيين سيعودون إلى كييف هذا الأسبوع، وتابع بلينكن في حديثه: “تتعهد واشنطن بتقديم أكثر من 713مليون دولار إضافية من المساعدات لأوكرانيا و15 دولة في وسط وشرق أوروبا”، على حد وصفه.

تجتمع واشنطن في ألمانيا مع حوالى أربعين دولة حليفة بغية توفير مزيد من الأسلحة لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، فيما حذرت موسكو من جانبها، من خطر “حقيقي” لنشوب حرب عالمية ثالثة.

وفي خضم التوترات الغير مسبوقة بين روسيا والدول الغربية، لمح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافرورف باحتمال توسع نطاق الحرب وتحولها إلى نزاع عالمي.

وبالعودة إلى الباحث السياسي في مركز “لندن” للدراسات السياسية والاستراتيجية، الذي تحدث لموقع “الحل نت”، فيقول: إذا تراجع أحد الطرفين (الروسي أو الأوكراني) عن موقفه فهو إعلان عن خسارته في المعركة، وإذا لم يتراجع أحد الطرفين، فهذه مواجهة مباشرة قد تكون شرارة “الحرب العالمية الثالثة”، وخاصة بعد دعم الصين لبوتين وروسيا من خلال اتفاقيات التبادل الاقتصادي الضخمة المبرمة بين البلدين في ظل غياب الدولار الأمريكي.

وفي تقدير الأكاديمي السياسي، أن ” تلويح السعودية أيضا بترتيب تصدير النفط السعودي بالعملة الصينية إلى جمهورية الصين الشعبية، الأمر الذي يهدد الدولار والاقتصاد الأمريكي بشكل مباشر، وهو أمر في منتهى الخطورة “، مما يزيد من احتمالية حدوث “حرب عالمية ” رغم استبعادها الكلي حاليا.

كما أن بشاعة المناظر في مدينة بوتشا في مقاطعة كيييفسكا الأوكرانية يعتبر عقبة رئيسية في مسار المفاوضات، واستبعاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عضوية روسيا في المجلس، الأمر الذي يعتبر أيضا تصعيدا ضد بوتين، وفقا للباحث السياسي مايكل مورغان.

قد يهمك: روسيا بين فكيّ كماشة في أوكرانيا

مجريات الحرب

وأفاد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اليوم الثلاثاء، إن مستوى الإشعاع في مفاعل تشرنوبيل “غير طبيعي”. وفي غضون ذلك، قال أنطونيو غوتيريش: “أعلم أن لدينا … تفسيرات ورؤى مختلفة لما يحدث في أوكرانيا. ولكن هذا لا يحد من إمكانية إجراء “حوار جاد للغاية” حول أفضل السبل التي يمكننا العمل بها لتقليل معاناة الناس”. وذلك خلال زيارة لغوتيريش لموسكو، اليوم الثلاثاء.

وفي محاولة سابقة من تركيا، مستغلة الوضع في أوكرانيا، حيث قامت قبل أسابيع بإجراء مبادرة تفاوضية بين الجانبين الروسي والأوكراني، لكن فشلت هذه المفاوضات فشلا كبيرا، ولم تؤدِ إلى أي نتائج إيجابية وحتى على المستوى الإنساني أو المعنوي.

في هذا السياق، يقول الأكاديمي السياسي مايكل مورغان: “في الشهر الماضي، كانت هناك محاولات من قبل تركيا للتوصل إلى اتفاق بين الجانبين الروسي والأوكراني، حيث أرادت تركيا فرض نفسها على الساحة الدولية، وأيضا الإعلان عن علاقتها القوية مع روسيا، لكن هذا الدور انتهى بعد أن واصلت روسيا هجومها على أوكرانيا بالتزامن مع إجراء المفاوضات”، في إشارة إلى عدم وجود أي ثقل لتركيا في أي حرب أو صراع في العالم، حيث ترجح الكفة إلى ثقل الولايات المتحدة على طاولة الحوار مع روسيا، وهذا الحوار الذي يمكن أن يحقق اتفاقا أو مرحلة تحول جديدة وحاسمة بشأن الحرب في أوكرانيا.

قد يهمك: 3 أشهر على الغزو الروسي لأوكرانيا.. كيف فشلت موسكو عسكرياً واقتصادياً؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة