وفقا للخبراء، شهدت مواد البناء مثل الإسمنت والحديد في سوريا ارتفاعات في الأسعار مؤخرا بأكثر من 100 بالمئة، والمشكلة مع الأسمنت ليست فقط سعره المرتفع في السوق، ولكن أيضا ندرته وشح مصادره في الوقت الحالي، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف البناء والإكساء، والذي بدوره أثر على أسعار العقارات وجعلها بأقل من التكاليف المدفوعة.

الأسمنت في سوريا لا يكفي حاجة السوق

في سوريا، لا يوجد سوى عدد قليل من مصانع الأسمنت العاملة، مما يعني أن هناك ندرة مؤكدة في المواد في هذا الوقت، ووفقا لما أكده الخبير في الاقتصاد الهندسي، الدكتور محمد الجلالي، يبيع التجار الأسمنت بمعدلات وأسعار مختلفة، ويستشهد كل تاجر بالزيادة في تكاليف مواد البناء كسبب في ذلك.

وبحسب حديث الجلالي، لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد، فإن الركود في حركة بيع وشراء العقارات في سوريا، أدى إلى تراجع واضح في بناء وحدات سكنية جديدة، بسبب قلة الطلب على العقارات التي لم تتطور قيمتها رغم ارتفاع تكاليف الأسمنت، مشيرا إلى أن المشكلة الحالية، هي أن سوق العقارات لا يوفر وحدات سكنية جديدة، وأن تكاليف البناء والكسوة ارتفعت إلى درجة توقف فيها العمل في معظم مشاريع بناء المساكن.

وأوضح الجلالي، أن أسعار العقارات حاليا في حالة ركود مقارنة بأسعارها قبل نحو خمسة أشهر، بسبب ضعف حركة البيع والشراء، وذلك في بعض المناطق مثل ضاحية قدسيا وغيرها من المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق، حيث تراجعت الأسعار بنسبة ضئيلة تراوحت بين 10 و20 بالمئة لنفس السبب.

ركود في حركة الإعمار

وبسبب ندرة الإسمنت وتكاليفه الباهظة في السوق السوداء التي تزيد عن 50 ألف ليرة سورية مقابل كيس بوزن 50 كيلوغراما، توقفت معظم أنشطة البناء في دمشق ومحيطها.

ارتفاع سعر الإسمنت، بحسب مقاول بناء في ريف دمشق، يعني خسارة المقاولين، بمن فيهم من يملكون شققا لم تُباع بعد، وسيضطرون إلى رفع الأسعار مجددا، تاركين الأمل في بيعها.

وكشف المقاول لوسائل إعلام محلية، أن المحاضر التي ضمن طور البناء، توقفت عدة مرات قبل نحو شهر بسبب تقلبات أسعار الأسمنت، ثم توقفت نهائيا قبل أسبوع على الأقل بسبب اختفاء المادة من السوق وارتفاع سعرها بين المحتكرين.

من ناحية أخرى، يرى أحد الاقتصاديين أن فقدان الأسمنت وما تلاه من ارتفاع في سعره لهما عواقب اجتماعية وخيمة، حيث يمتد تأثيرها إلى ما هو أبعد من رفع أسعار الشقق، بل إلى تسريح عشرات الآلاف من العمال في هذا القطاع، مما يضع أسرهم معرضين لخطر الفقر والعوز.

أمراء الحرب نحو سوق العقارات

بعد أن تضاءلت حدة النزاعات في سوريا، سعى قادة مليشيات محلية للبحث عن فوائد مالية جديدة من خلال شراء العقارات والممتلكات من أجل غسل الأموال التي حصلوا عليها خلال الحرب.

وقالت تقارير صحفية إن عددا كبيرا من المكاتب العقارية في المدينة غيرت مهامها إلى شركات غير قانونية، لخدمة أمراء الحرب الباحثين عن حماية أموالهم التي جنوها من الحرب.

هذه المهام تشمل شراء أراض غير مستثمرة، وتحويلها إلى مزارع أو مشاريع سكنية، وبيعها عدة مرات لأشخاص بهويات مزيفة عبر عقود بيع وشراء منتظمة.

لقد بنى بعض قادة المليشيات في السلمية مكاتب عقارية للسبب نفسه، بما في ذلك شركة “النمر” التي يسيطر عليها بهاء سلامة، زعيم مليشيا محلية وابن شقيق اللواء أديب سلامة، مدير المخابرات الجوية في حلب سابقا.

الجدير ذكره، رغم أن الأسعار في الأسواق السورية شهدت منذ بداية العام الجاري، ارتفاعا حادا، وذلك نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا ونتائج هذه الحرب بدأت تظهر تدريجيا على الاقتصاد السوري، إلا أن غلاء الأسمنت بين ليلة وضحاها كان دليل على أن السلطات في دمشق غير قادرة على التحكم في أهواء التجار.

رغم ادعاء الحكومة بأنها تخطط لتجنب هذه التداعيات، فضلا عن تضارب تصريحات الجهات الحكومية حول الأمر، إلا أن أسعار الأسمنت الأسود قفزت إلى نحو 700 ألف ليرة سورية، بعد أن كان يباع قبل خمسة أيام فقط في السوق المحلي بنحو 400 ألف ليرة، مما يعني أن معدل الزيادة بلغ نحو 75 بالمئة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.