تعد مقولة “البحصة بتسند جرة” شائعة بين السوريين، لا سيما عندما يتعلق الأمر بإدارة شؤونهم وحياتهم اليومية مع المعاناة من نقص الأموال، حيث أصبحوا في السنوات الأخيرة يعتمدون على أموال المغتربين، ورغم ضآلة حجمها، إلا إنها مفيدة في ظل المعاناة من المشاكل الاقتصادية.

يتساءل الكثير من الناس، كيف يمكن للسوريين أن ينجوا في هذا العيد على الرغم من تضخم الأسعار الهائل في مقابل الرواتب ،والمعاشات المنخفضة إلى حد غير مقبول من دون الحوالات المالية، فعلى سبيل المثال إذا افترضنا أسرة مكونة من خمسة أشخاص فهي تحتاج حسب رأي بعض المهتمين لنحو مليون ليرة في الحد الأدنى كنفقات خاصة.

ثلث السوريين يعتمدون على الحوالات

تدرك العديد من الأطراف المعنية في سوريا أن التحويلات السورية، خاصة في فترة الأعياد التي ترتفع فيها معدلات التحويلات من الخارج، تلبي جزءا كبيرا من مطالب العائلات السورية.

متوسط التحويلات لكل السوريين، بحسب تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، نشر اليوم الثلاثاء، يبلغ 10 ملايين دولار في اليوم، أو حوالي 300 مليون دولار في الشهر، على افتراض أن متوسط التحويلات 100 دولار في الشهر للعائلة الواحدة، وبمقارنة هذا الرقم مع العدد الكلي للسوريين في الداخل حسب تقديرات المكتب المركزي للإحصاء الأخيرة، والبالغ 23 مليون نسمة تكون نسبة المستفيدين من السوريين في معيشتهم من الحوالات هي نحو نصف عدد السكان.

وعلى الرغم من أن التقديرات شبه الرسمية كانت تشير دائما إلى أن المتوسط اليومي للتحويلات يتراوح بين 5 إلى 7 ملايين دولار، إلا أن الخبير الاقتصادي، عابد فضلية، اعتبر أنه من الصعب جدا تقدير حجم التحويلات المالية من الخارج، ويعود ذلك إلى عدد السوريين وتوزيعهم في الخارج، فضلا عن إرسال الكثير من التحويلات خارج القنوات الرسمية، مرجحا أن يكون ثلث السوريين يعتمدون في معيشتهم على الحوالات الخارجية.

عوائل بلا عيد

نحو 13 مليون سوري، يعيشون داخل سورية في ظل أوضاع اقتصادية صعبة للغاية، ويلجأ معظمهم إلى ذويهم في دول اللجوء والاغتراب لدعمهم بمبالغ مالية شهرية لا تتجاوز في أغلب الأحيان 100 دولار، عادة ومع اقتراب الأعياد والمناسبات تزداد هذه التحويلات، إلا أنه مع اقتراب عيد الأضحى انخفضت نسبة الحوالات بشكل غير متوقع.

الخبير الاقتصادي، عابد فضلية، لفت إلى أن اعتبار مليون ليرة سورية هي المطلوب لنفقات العيد، إلا أن جزءا كبيرا من المواطنين لا يتحملون هذه التكاليف، خصوصا العاطلين عن العمل وذوي الدخل المحدود وغيرهم، مما يضطرهم إلى تغيير سلوكهم الاجتماعي عبر المزيد من الانغلاق، وتقليل الزيارات لتجنب الإحراج، والتخلي عن السفر وخفض التكاليف إلى الحد الأدنى.

ويرى العديد من الخبراء، أن حالة عدم التوافق بين الأجور والضروريات الأساسية في الحياة اليومية قد جعلت من الضروري إيجاد حلول جادة وحقيقية للأجور والمعاشات، دون عودة الحكومة لاسترداد أي زيادة على الأجور والمعاشات عبر رفع أسعار بعض السلع والمواد الأساسية.

وذكرت الصحيفة، أنه في حين أن العديد من المواطنين باتوا يعتقدون أن الجهات الحكومية فشلت في إيجاد حلول، وبدائل لمعضلة الأجور والمعاشات، وأن هناك نقصا في الكفاءات القادرة على إيجاد مقاربات للتخفيف من الوضع العام الذي وصل إليه الاقتصاد، إذ أنه من غير المقبول أن يكون أجر الموظف شهريا 150 ألف ليرة وحاجته تتجاوز 1.5 مليون ليرة شهريا.

معظم الحوالات من دول الجوار

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، يبلغ عدد اللاجئين السوريين بشكل عام أكثر من 7ملايين لاجئ، يتركز نحو 5,5 مليون منهم في دول جوار سوريا” تركيا – لبنان – العراق – الأردن – مصر”، بينما يتوزع الباقي في بقية دول العالم، وخاصة دول الاتحاد الأوربي، وذلك حسب أرقام مفوضية شؤون اللاجئين.

التقرير أشار إلى أن نحو 70 بالمئة من الحوالات الواردة إلى سوريا تأتي من دول الجوار الخمسة، و ما تبقى من بقية دول اللجوء وخاصة الأوربية.

أما بالنسبة لقيمة هذه الحوالات، فهي تعتمد على التقدير، إذ لا توجد دراسات تعتمد أرقاما حقيقة ودقيقة لحجم هذه الحوالات، ولكن بحسب بيانات البنك الدولي، فإنها تبلغ سنويا نحو 1,62 مليار دولار، بمعدل 5,4 مليون دولار يوميا.

وبالنسبة لآليات الإرسال، هناك طريقين رئيسيين لإرسال الحوالات إلى داخل سوريا، الأول عبر شركات حوالات رسمية، مثل “ويسترن يونيون”، “الهرم” وغيرها، والثاني، إرسال الحوالات عبر ما يعرف بمكاتب “التحويل الأسود”، وهي عبارة عن مكاتب حوالات منتشرة في كل دول العالم، تقوم بتحويل الأموال بشكل غير رسمي وغير مسجل في تلك الدول، ويتم التسليم من قبل أشخاص عاديين في الغالب في سوريا.

ويفضل السوريون داخل سوريا استلام حوالاتهم عن طريق التحويلات غير الرسمية، سواء كان الاستلام بالليرة السورية، أو بالعملات الأخرى وعلى رأسها الدولار، من أجل محاولة ادخار جزء منها من جهة، ونظرا للفرق في سعر عملية التحويل بالمقارنة مع سعر صرف البنك المركزي من جهة أخرى، وهو ما يرى المواطنون أنهم أحق به.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.