بما أنها تباع إلى غالبية المحافظات السورية، تعتبر البندورة إحدى المحاصيل الاستراتيجية الرئيسية في سوريا، وتوفر الغذاء لكامل المناطق الداخلية السورية، فبعد السماح بتصديرها هذا العام، توقع المزارعون زيادة كبيرة في الأسعار، لكنهم أصيبوا بخيبة أمل من مشاكل جديدة ظهرت في زراعة البيوت البلاستيكية.

محصول البندورة في محافظة طرطوس تعرض لضربة جديدة، بعيدا عن كلفة الإنتاج المرتفعة والتي منعت المزارعين من تحقيق هامش ربح يغطي رأسمالهم ويضمن حقهم في الربح، مما عرضهم للخسائر في موسم الحصاد في الصيف.

ضربة جديدة للمزارع

بداية من التنين والغمر والصقيع إلى انخفاض حاد في الأسعار لا يتناسب مع تكاليف الإنتاج، كلها كوارث حلت على مزارعي البيوت المحمية في طرطوس، ما أدى إلى تراجع الاستثمار فيها.

في حديثه لصحيفة “تشرين” المحلية، اليوم الأحد، قال رئيس دائرة التخطيط بمديرة الزراعة بطرطوس، أسعد سليمان، إن عدد البيوت المحمية المستثمرة في المحافظة للموسم الزراعي 2021-2022 بلغ نحو 141735 بيت بلاستيكي، تنتج 410 آلاف طن.

إلا أن الاستثمار في الزراعة المحمية التي تشكل المصدر الوحيد للدخل لآلاف الناس، تراجع مقارنة بالسنوات السابقة، خصوصا في طرطوس التي تعد أعلى منطقة تحتضن الزراعة المحمية، ثم تليها منطقة بانياس وصافيتا وبقية المناطق بكميات أقل.

وأوضح سليمان، أن المنتجات الزراعية الأولية وخصوصا البندورة المحمية، تزرع في 83988 بيتا، وتنتج 300 ألف طن، و50 ألف طن من الباذنجان، و30 ألف طن من الفليفلة، و20 ألف طن من الخيار، و 6 آلاف طن من الفراولة، بالإضافة إلى 4آلاف طن من الفاصوليا.

إنتاج يحكمه الخدمات

يهيمن اليأس والقلق من المجهول على الزراعة المحمية في طرطوس، فبحسب مزارعي المنطقة وفي ذروة موسم إنتاج البندورة، انخفضت الأسعار بشدة إلى مستويات قياسية، فالبندورة الحمراء باتت بـ 250-300 ليرة للكيلو، و 400-500 ليرة لكيلو البندورة الخضراء، وهذا التسعير تسبب بخسائر فادحة لهم.

وذكر المزارع أمجد سلمان، أن هناك قصة أخرى فيما يتعلق بالمازوت الزراعي، لأنه بالرغم من امتلاكه للبطاقة الذكية منذ أشهر، إلا أنه لم يتمكن من شراء ولو لتر واحد بحجة أنها غير متوفرة، على الرغم من أنها متوفره في السوق السوداء بسعر ستة آلاف ليرة للتر الواحد.

ويقول سلمان، “أنا فلاح صاحب بيوت بلاستيكية، عندما تنخفض الأسعار ينخفض الإنتاج”، مضيفا “هذه السنة كلها لم تتجاوز أرباحي 550 ألف ليرة سورية، وعائلتي تتكون من خمسة أشخاص، كيف يمكن أن يكفيني هذا المبلغ لسنة كاملة في ظل الارتفاع الفاحش للأسعار”.

أما المزارع عز الدين قاسم، فأشار إلى إن الحفاظ على الزراعة المحمية أصبح أمرا محفوفا بالمخاطر في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج الضرورية والانخفاض الحاد في أسعار المحاصيل الزراعية، وهذا سيؤدي إلى توقف الكثير من المزارعين عن إنتاج المنتجات الزراعية إذا استمر الوضع الحالي ولم يعد هناك طرف راعي لتسويق المنتجات الزراعية، ولا سيما البندورة.

رئيس الجمعية الفلاحية، فائز سليمان، بين للصحيفة، أن تكلفة كيلو البندورة تصل لحوالي 1100 ليرة، فإجمالي تكلفة البيت الواحد المنتج لنحو 2500 كيلو تصل إلى 2 مليون و650 ألف ليرة، بينما يباع اليوم بأسواق الهال بـ400 ليرة بأحسن الأحوال وهذه خسارة كبيرة للمزارع.

فروقات جنونية بالأسعار

في ظل غياب الرقابة الحكومية، تسيطر الفوضى على أسواق بيع الخضار والفاكهة في سوريا، فالمواد تباع في أسواق الجملة بدون فواتير نظامية، ما يفتح الباب لمزيد من فوضى الأسعار خلال عمليات البيع إلى المستهلكين.

“نسب ربح وفروقات تجاوزت أي منطق وقانون“، أشارت إليه صحيفة “البعث” المحلية في وصف تجارة الخضار والفاكهة في الأسواق السورية، حيث تحولت نسبة الربح من المئات إلى الآلاف، في ظل غياب مَن يشرف على تطبيق النسب القانونية.

وأكدت الصحيفة في تقرير نشرته الثلاثاء الفائت، أن الفروقات السعرية بين سعر الجملة والمفرق، تبدأ من 500 ليرة سورية وتصل في بعض الأحيان إلى 5 آلاف ليرة، وهي كمية ربح التاجر من بيع البضاعة المشتراة من سوق الهال.

كما أن بعض الأصناف تصل فروقاتها السعرية بين السوق وخارجة إلى عشرة أضعاف، حيث يحصل التاجر على الصنف بمبلغ 500 ليرة للكيلو ليتم بيعه بسعر خمسة آلاف في الأسواق.

هذا وتشهد الأسواق السورية ارتفاعا كبيرا في أسعار الخضار والفاكهة والسلع الغذائية، وغيرها من المواد الأساسية المعيشية، ورغم انخفاضها الطفيف مؤخرا مقارنة بالفترة الماضية، إلا أن هذا الانخفاض الذي حصل لم يصل بعد إلى مستوياته المعهودة، والتي يجب أن تتناسب مع مستوى رواتب المواطنين بطبيعة الحال، وسط فشل حكومة دمشق في تحقيق وعودها بضبط الأسعار، وتخفيف الحمل على عاتق المواطنين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.