عدم انتظام السوق العقاري في سوريا ووجود أسواق متعددة للمتاجرة به، كسوق الإسكان العشوائي وسوق الإسكان المنظم وسوق السكن الريفي، هي مشاكل موجودة في سوريا فقط؛ ليست مألوفة في البلدان المجاورة، ولذلك بات هناك عقارات في منطقة المالكي بدمشق، أغلى من أسعار العقارات في العاصمة البريطانية لندن.

ركود العقارات عالمي

بيع وشراء العقارات في سوريا شهد ركودا منذ عدة أشهر، بحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الاثنين، عن الخبير في الاقتصاد الهندسي الدكتور محمد الجلالي، والذي قال إن هذا الوضع ممتد إلى خارج سوريا وتفاقم بسبب الأزمة الأوكرانية.

كما أكد الجلالي، أن تراجع الطلب على العقارات أدى إلى تراجع أسعار السوق وهو ما تشهده أغلب الدول، في حين أن القيم العقارية لا تزال أقل بنسبة تتراوح بين 20 و30 بالمئة عما كانت عليه قبل عام 2011، فعلى سبيل المثال، الآن الشقة التي كانت تباع سابقا بمبلغ 100 ألف دولار، قيمتها الحالية 70 ألف دولار، إلا أن المواطن يرى أن سعر العقارات مرتفع لأن دخله بالليرة السورية وليس بالقطع الأجنبي.

وشدد الجلالي على أن حركة البناء تقتصر حاليا على عدد قليل من الجمعيات السكنية، وأنها بالعموم بطيئة جدا بسبب ارتفاع الأسعار والتكاليف، كما لفت إلى أن مشروع “الماروتا سيتي” الذي انطلق منذ نحو سبع سنوات، يشهد حركة عمرانية ضعيفة لا تتماشى مع ما وعدت به المحافظة.

وحول حالة التناقض في أسعار العقارات في سوريا، قال الجلالي، إن “أسعار العقارات في مناطق العشوائيات أو الريف تعتبر منطقية وقريبة من التكاليف لكن في المناطق الراقية مثل المالكي وأبو رمانة والتي لا تبعد أحياناً سوى عدة كيلومترات عن مناطق العشوائيات يمكن شراء عشرة عقارات أو أكثر بسعر شقة واحدة في هذه المناطق، وهذه الظاهرة غير موجودة بأي دولة في العالم”.

لا طلب على الإسمنت والحديد

إعادة توجيه المواطنين لمصاريفهم، كانت من جملة الأسباب التي أدت إلى ركود في أسواق المواد الداخلة في صناعة العقارات، حيث أدى تقليل السوريين لنسب الادخار التي كانت تذهب إلى الاستهلاك والسكن، بسبب ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية عالميا، إلى ضعف الطلب على السكن، لذا بدأت أسعار العقارات بالانخفاض حتى في معظم دول العالم.

وكشف المتخصص في الاقتصاد الهندسي، عن انخفاض سعر طن الحديد، الذي وصل إلى 3.5 مليون ليرة في السوق بعد أن كان يباع بأكثر من 4 ملايين ليرة قبل شهر تقريبا، فعلى الرغم من تعليق وارداتها من أوكرانيا عالميا، إلا أن سعرها ظل مستقرا.

وسبب هذا الانخفاض يعود لعدم وجود طلب على البناء حاليا، ليس في سوريا فحسب وإنما في كل دول العالم، إذ إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل عام يؤدي إلى قلة الطلب على السلع الاستثمارية مثل مواد البناء، وكذلك مادة الأسمنت أصبحت متوافرة الآن بعد أن قل وجودها خلال الفترة الماضية، وسعر الطن الواحد يباع بحدود 400 ألف ليرة للسبب ذاته وهو ارتفاع تكاليف البناء حاليا.

وأشار الجلالي، إلى أن سعر المتر المكعب من البيتون المجبول من عيار 350 حاليا يبلغ نحو 350 ألف ليتر، حيث ارتفع سعرها بنسبة 30 بالمئة تقريبا قبل ثلاثة أشهر بسبب ارتفاع أسعار الإسمنت بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل.

ركود متأثر بقرارات الحكومة

يتأثر سوق العقارات في سوريا بعدة عوامل مرتبطة بشكل غير مباشر بالهجرة من جهة وإصدار الحكومة السورية تعديلات على قوانين المالية العقارية من جهة أخرى. إلا أن خبراء اقتصاديون أكدوا في وقت سابق، أن أسعار العقارات في دمشق لا تزال شبه ثابتة، وسبب ارتفاع أسعارها هو انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية أي أن هذا الارتفاع غير حقيقي.

وكانت القرارات الأخيرة حول رخص البناء التي أقرتها وزارة الأشغال العامة والإسكان، والتي أثارت عاصفة من الجدل في قطاع المقاولات، ووصفت من قِبل العمال السوريون، بأنها تحافظ على وضعهم المتوقف وتفاقم الأعباء المادية على المقاولين في سوريا، لا سيما بعد رفع رسومها إلى 200 بالمئة، سببا آخر في توقف حركة البناء والبيوع العقارية في سوريا.

ووفقا لما قاله المهندس عبد الناصر خليل، رئيس فرع نقابة المهندسين في حماة، السبت الفائت، فقد بلغت تكلفة بعض رخص البناء في المدينة 160 مليون ليرة سورية، يدفعها المرخّص له إلى الوحدة الإدارية، مما يعني أن القانون 37 رفع قيمة رخص البناء بنسبة 200 بالمئة.

من جانبه وصف نقيب المهندسين في طرطوس، حكمت إسماعيل، رفع الرسوم بـ”الجائر وغير المنطقي”، وقال “إن الزيادة بأي رسوم يجب أن تكون بحدود مقبولة لا أن تزيد 100 ضعف، فالرخصة التي كانت تكلف المتعهد 4 ملايين أصبحت 400 مليون، وهذا غير واقعي وسيرفع أسعار الشقق على الشباب، لاسيما بعد الزيادة الأخيرة بسعر الإسمنت”.

وبحسب متابعات مستمرة لموقع “الحل نت”، فإنه قياسا على سعر صرف الليرة السورية، فقد بلغت أسعار العقارات في دمشق أرقام خيالية، ليصل متوسط سعر المنزل وسط دمشق بمساحة 100 متر مربع إلى نحو 1.5 مليار ليرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.