“الأسوأ لم يأتِ بعد”، أصبحت هذه الجملة واحدة من العبارات الأكثر تداولا بين السوريين خلال الفترة الماضية، فرغم كل الانهيارات التي صاحبت المستوى المعيشي في البلاد، فإن التوقعات ما تزال تشير إلى أن القادم أسوأ، خاصة في ظل انعدام ردة الفعل من قبل الحكومة لمواجهة السقوط الحر لقيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.

هذا السقوط الذي يوازيه بالقوة، الارتفاع المقابل في أسعار جميع السلع والخدمات في البلاد، فيما تكتفي الحكومة منذ أشهر بالحديث عن خطة قريبة لزيادة رواتب العاملين والموظفين في القطاع الحكومي، رغم أن هذه الزيادة فقدت قيمتها وأكثر قبل إقرارها حتى، نتيجة استمرار معدلات التضخم بالتحليق في الفضاء السوري.

خبراء اقتصاديون، بدأوا بالتحذير من المزيد من الانهيارات الاقتصادية القادمة على سوريا، حيث أشار الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق البروفيسور الياس نجمة، إلى أن “عمل التضخم هو كالأواني المستطرقة، فما أن يصيب سلعة حتى ترتفع أسعار جميع السلع الأخرى، ولذلك فإن ما يُشاع عن نيّة الحكومة رفع أسعار بعض السلع يعني أن البلاد ستكون مقبلة على موجة كارثية من التضخم، وهي غير مؤهلة للتعامل معها وفق الإمكانيات المتاحة حاليا”.

مؤشرات خطيرة

نجمة، أضاف في تصريحات نقلها موقع “أثر برس” المحلي، أن “أثر الجر” مطبّق في الأسواق السورية، وبالتالي فإن أي ارتفاع في سلعة أساسية، سيؤدي بطبيعة الحال إلى جر أسعار سلع أخرى نحو الارتفاع، بالتالي فإن الحديث عن خطة لزيادة الأجور والرواتب لم يعد له أي فائدة في حال خروج الأمور عن السيطرة ضمن أسواق السلع الأساسية.

كذلك فإن وجود شريحة واسعة من السوريين لا يخضعون لنظام الرواتب الحكومية، سيجعلهم غير مستفيدين من هذه الزيادة، وبالتالي سيلجؤون لرفع أسعار أي خدمة يقدمونها، ونعود إلى “أثر الجر” وزيادة في مختلف أسعار السلع والخدمات، وهنا اعتبر نجمة أن سوريا “أمام تسونامي خطير من التضخم”.

قد يهمك: خيارات سيئة أمام المونة السورية.. ما قيمة المليون ليرة؟

العديد من الخبراء تحدثوا مؤخرا عن تأثير زيادة الرواتب والأجور على أسعار السلع الأساسية في البلاد، حيث أكد عضو لجنة مربي الدواجن في دمشق حكمت حداد، أن أي رفع للرواتب والأجور، سيؤدي حتما إلى زيادة أسعار منتجات الدواجن.

حداد أشار في تصريحات نقلتها صحيفة “الوطن” المحلية، إلى معاناة قطاع الدواجن في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج، وارتفاع نسبة موت الدجاج في المداجن لأكثر من 50 بالمئة نتيجة لانتشار مرض التهاب الكبد الفيروسي مؤخرا وبكثرة بين أفواج الفروج، مبينا أن هذا المرض منتشر بين أفواج الدواجن منذ حوالي السنة لكنه استفحل بشكل أكبر مؤخرا.

منذ أشهر كان البعض يتحدث عن أن الراتب الحكومي لا يكفي لتغطية مصاريف عائلة لمدة أسبوع واحد، واليوم ومع الارتفاعات الجديدة في أسعار الصرف وأسعار السلع والمواد الغذائية، فإن الراتب الحكومي في سوريا فَقَد المزيد من قدرته الشرائية في الأسواق.

مستوى المعيشة إلى أين؟

هذا الانحدار في مستوى المعيشة بسوريا، يأتي في ظل عجز شبه كامل للحكومة السورية عن التدخل لتحسين الواقع الاقتصادي، لتتحول الحكومة إلى “شاهد زور” على معاناة الأهالي، بحسب رأي مختصين ومطّلعين على الوضع الاقتصادي في البلاد.

الانهيار في قيمة متوسط أجر المواطن السوري، أصبح مؤخرا يهدد الأمن الغذائي في سوريا، كما أفضى انهيار القوة الشرائية لمتوسط الدخل في سوريا، إلى تلاشي الطبقة المتوسط، التي كانت تمثّل سابقا السواد الأعظم من السوريين.

منذ بداية العام الجاري واجه راتب الموظف السوري صعوبات كبيرة في مواجهة الحد الأدنى من تكاليف المعيشة السورية، فرغم أنه مع بداية العام كان لا يحقّق الحد الأدنى من تكاليف الحصول على غذاء لأُسرة مؤلفة من ثلاثة أفراد، إلا أنه واصل النزيف أمام ارتفاع أسعار السلع والخدمات في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات