تحرك جديد في الشرق السوري يدلل في مضامينه على الكثير من المساعي الأميركية حيال مناطق التواجد الإيراني هناك وكذلك إزاء التعامل مع التوترات التي تفتعلها عناصر النفوذ الإيراني في تلك المنطقة.

فبعد تحركات مشبوهة لميليشيات إيرانية، واستهداف قاعدة التنف بمسيرات “مجهولة”، أعلن الجيش الأميركي أنه نفذ أمس ضربة في دير الزور بسوريا استهدفت منشآت بنية تحتية تستخدمها جماعات تابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني.

وأوضحت القيادة المركزية للجيش في بيان، اليوم الأربعاء، أن مثل هذه الضربات تهدف إلى حماية القوات الأميركية من هجمات الجماعات والميليشيات المدعومة من إيران، كالتي وقعت في 15 آب/أغسطس الجاري.

وبحسب الكاتب السياسي، صدام الجاسر، خلال حديثه لـ”الحل نت”، فإن هناك معلومات مؤكدة أن الهجوم الأميركي على الميليشيات الإيرانية يأتي ردا على الاستفزازات الإيرانية في سوريا، فيما يبدو أنه توجه جديد من قبل الولايات المتحدة في التعامل مع إيران في سوريا.

رسائل للحلفاء داخل سوريا

هذا التحرك الأميركي لا يبدو بأي حال من الأحوال أنه إجراء دفاعي من قبل القوات الأميركية، بقدر ما سيكون رسالة شديدة اللهجة وإنذارية في الوقت ذاته تجاه نفوذ الميليشيات الإيرانية في الشرق السوري، وهذا إن دل على شيء وفق مراقبين فإنه يدلل على الإشارة إلى أهمية الوجود الأميركي وقوة حضوره سواء في قاعدة “التنف” التي تراقب طريق البادية السورية وتمنع حرية التحرك للميليشيات الإيرانية، أو حتى في بعض مناطق الشرق التي تتواجد بها القوات الأميركية، ما يعني التهيئ لفرض قواعد جديدة تحد من التحركات الإيرانية المزعزعة لاستقرار المنطقة.

وفي هذا السياق، يرى الجاسر، أن الولايات المتحدة تريد إيصال رسالة إلى إيران مفادها، أنها لا تزال تمتلك اليد الطولى في سوريا، وأنها قادرة على الوصول إلى كافة المقرات الإيرانية واستهدافها بأي وقت، كما أنها لن تقبل بسياسة التمادي الإيرانية تجاه الأميركيين سواء في قاعدة التنف أو في مناطق أخرى في سوريا.

وأضاف الجاسر، أن الولايات المتحدة تريد إيصال رسالة طمأنة إلى قواتها وحلفائها في قاعدة التنف وبقية المناطق في سوريا، أنها قادرة على حمايتهم، ولا تنسى الرد على الضربات التي يتعرضون لها وإنما تقوم بالرد في الزمان والمكان المناسبين.

وبالعودة إلى بيان القيادة المركزية للجيش الأميركي، فقد شددت على أن تلك الضربة كانت ضرورية لحماية الأفراد الأميركيين والدفاع عنهم، مضيفة أنها اتخذت الإجراء المناسب والضروري للحد من مخاطر التصعيد، وتقليل احتمال وقوع إصابات.

إلى ذلك، أشارت إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن أعطى توجيهاته لشن تلك الضربة، من أجل ردع وتعطيل الميليشيات الإيرانية.

وختمت مُذكّرة أن القوات الأميركية لا تسعى إلى التصعيد، موضحة أنها باقية في سوريا من أجل ضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم “داعش” الإرهابي.

إقرأ:طائرات مسيّرة تستهدف قاعدة “التنف” بسوريا.. ماذا رد التحالف الدولي؟

ما رسائل الضربة للخارج؟

بالإضافة إلى الرسائل الداخلية التي أرادت واشنطن إيصالها لقواتها وحلفائها داخل سوريا من الهجوم على المقرات الإيرانية، فهناك رسائل إلى أطراف أخرى خارجية وخاصة إسرائيل.

حول الرسالة الأميريكية من الضربة إلى إسرائيل، يرى الجاسر أن الولايات المتحدة، تريد أيضا إيصال رسالة إلى إسرائيل بأنها جاهزة للدفاع عنها في أي لحظة ولديها القدرة العسكرية على ضرب المقرات الإيرانية وإزالة أي تهديد إيراني.

أما بالنسبة لروسيا وتركيا المتواجدتين على الأراضي السورية، فإن الضربة الأميركية تم تنفيذها في مناطق لا تخضع لنفوذ روسيا وتركيا، إنما تخضع للنفوذ الإيراني بشكل كامل، فالرسالة موجهة بشكل رئيسي لإيران للضغط عليها ولطمأنة حلفاء أميركا.

أما روسيا وتركيا، فهما يتخذان موقف المراقب مما يجري، مع الأخذ بالحسبان القوة التي تتمتع بها الولايات المتحدة لمواجهة أي تهديد تتعرض له، وسبق أنا نفذت أميركا ضربة ضد قوات روسية قبل سنوات شرقي سوريا أدت إلى مقتل عدد كبير منهم.

قد يهمك:الفصائل السورية المدعومة أميركيا: هل تجهّز واشنطن مقاتلين في التنف لمواجهة إيران؟

تحركات في الميادين وأهمية مستودعات عياش

وقبل يومين أيضا أسقطت القوات في القاعدة ذاتها على حدود سوريا مع العراق والأردن، طائرة مسيرة اقتربت من أجوائها، بحسب ما أفاد “المرصد السوري لحقوق الإنسان” المعارض.

بالتزامن مع ذلك شهدت مدينة الميادين بمحافظة دير الزور، تحركات لفصائل إيرانية وتحشيد قتالي، استعدادا لأي “استهداف محتمل” من القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”. كذلك لجأ مسلحو “حزب الله” العراقي الموجودون بمنطقة المزارع في بادية الميادين إلى التأهب.

وبحسب معلومات من مصادر خاصة بـ”الحل نت”، فإن الضربة الأميركية استهدفت بشكل رئيسي ما تعرف بـ”مستودعات عياش”، في بادية البوكمال التابعة لدير الزور.

وتفيد المعلومات أن هذه المستودعات تعتبر أهم مستودعات لتخزين الأسلحة الإيرانية في سوريا، حيث قامت قوات الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس بحفر أنفاق كبيرة في هذه المنطقة لتخزين الصواريخ الإيرانية، كما تشير المعلومات إلى وصول شحنات أسلحة إيرانية إلى المستودعات قبل الضربة الأميركية بعد أيام.

وأضافت المصادر أن الانفجارات التي نتجت عن الضربة كانت كبيرة جدا، مبينة أنها ناتجة عن صواريخ شديدة الإنفجار قادرة على اختراق التحصينات الخرسانية، وما ساهم بضخامة الانفجارات تدمير عدد كبير من السلاح والذخائر الإيرانية.

يذكر أن طائرة مسيرة كانت شنت في 15 من الشهر الجاري هجوما على قاعدة “التنف”، جنوب شرقي البلاد، التي يديرها “التحالف الدولي” (تقوده واشنطن)، إلا أنه لم يوقع إصابات وفق ما أفادت وكالة “رويترز” في حينه.

إقرأ:قاعدة التنف الأميركية: هل ستتدخل واشنطن ضد الميليشيات الإيرانية في الجنوب السوري؟

وجه جديد في التعامل الأميركي مع إيران في سوريا، تسعى الولايات المتحدة من خلاله لرسم حدود جديدة بين الأطراف المتواجدين عنوانه أنها موجودة وبقوة في سوريا ولن تسمح لأيجهة كانت بتهديد وجودها ومصالحها وحلفائها

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة