مع استمرار الصراع بين القوات التابعة للحكومة الإثيوبية، وقوات “الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي“، في الإقليم الواقع شمالي إثيوبيا، يحاول الاتحاد الإفريقي جمع الجانبان على طاولة المفاوضات، بعد الصراع الذي أودى بحياة المئات.

دعوة للمفاوضات

الاتحاد الإفريقي، جدد دعوته للجانبين الأربعاء، من أجل عقد محادثات سلام في جنوب إفريقيا، مطلع الأسبوع القادم، بهدف إنهاء الصراع المستمر شمالي البلاد منذ نحو عامين.

وبحسب ما نقلت وسائل إعلام، فإن أديس بابا (عاصمة إثيوبيا)، أعلنت موافقتها على الدعوة، وذلك على لسان رضوان حسين، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء آبي أحمد، حيث قال إن: “الحكومة الإثيوبية قبِلت دعوة الاتحاد الإفريقي لإجراء محادثات سلام في جنوب إفريقيا مع قوات تيغراي“.

وأشار حسين، في تغريدة نشرها عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر“، إلى أن: “دعوة الاتحاد الإفريقي تتماشى مع الحاجة إلى إجراء محادثات من دون شروط مسبقة“.

تأتي المحادثات بعد أكثر من شهر من تجدد القتال في تيغراي بعد شهور من الهدوء النسبي.

وفي أولى ردود الفعل من قبل “الجبهة الشعبية” في تيغراي، قال جيتاشيو رضا، المتحدث باسم الجبهة، إنه لا علم له بإجراء أي محادثات وشيكة.

وكالة “رويترز”، نقلت عن مصادر دبلوماسية، لم تكشف عن هويتها، الرسالة التي وجهها رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد، في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، إلى دبرصيون جبر ميكائيل، الذي يقود الحزب السياسي الحاكم في تيغراي.

وتوضح الرسالة، أن الممثل الأعلى للاتحاد الإفريقي في منطقة القرن الإفريقي أولوسيغون أوباسانغو، سيقود المفاوضات بدعم من الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا، ونائبة رئيس جنوب إفريقيا السابقة فومزيل ملامبو نجوكا.

قد يهمك: ما مصير التصعيد العسكري في الصومال بين العشائر و “حركة الشباب”؟

وبدأ الصراع في إقليم تيغراي، في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2020، وذلك عندما أطلق رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، عملية عسكرية ضد السلطات الإقليمية في تيغراي، المنبثقة عن جبهة تحرير شعب تيغراي التي اتهمها باستهداف معسكرين للجيش الفيدرالي.

في 13 من الشهر، حذرت الأمم المتحدة من “أزمة إنسانية واسعة النطاق” بعد فرار عشرات الآلاف من المدنيين، في وقت أفادت تقارير عن وجود قوات من إريتريا المجاورة، العدو اللدود لـ“جبهة تحرير شعب تيغراي“، منذ حرب الحدود (1998-2000).

وأواخر الشهر نفسه، أعلن آبي أحمد، أن العمليات العسكرية “أنجزت“، بعد السيطرة على ميكيلي عاصمة الإقليم. لكن المعارك استمرت.

وعُزل إقليم تيغراي، إلى حد كبير عن العالم منذ بدء الحرب، حيث يعيش أكثر من خمسة ملايين شخص بدون خدمات أساسية، منها الكهرباء وخدمات الهاتف والإنترنت والخدمات المصرفية. كما انخفضت كميات الأدوية بشدة.

وتخلل المواجهات اتهامات وجهتها منظمة “العفو الدولية“، للقوات الإرترية بقتل “مئات المدنيين” في بلدة أكسوم الواقعة ضمن الإقليم، في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2021.

كذلك وصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في العام نفسه، أعمال العنف في غرب تيغراي، بأنها “تطهير عرقي“.

ورغم نفيها لأشهر مشاركة القوات الإرترية في النزاع، أقرت إثيوبيا في آذار/مارس 2021، على لسان رئيس وزرائها، بمشاركة تلك القوات في المعارك الدائرة في إقليم تيغراي.

ورغم إعلان إثيوبيا السيطرة على ميكيلي عاصمة الإقليم، أعلنت قوات الجبهة الشعبية، استعادت السيطرة على عاصمة الإقليم، في هجوم مضاد، شنته في حزيران/يونيو من العام 2021، وبعد أيام قدّرت الأمم المتحدة أنّ أكثر من 400 ألف شخص “تجاوزوا عتبة المجاعة” في تيغراي.

في أواخر العام، أعلن مقاتلو تيغراي الذين انضمت إليهم مجموعات متمردة من مناطق أخرى، السيطرة على مدينتين رئيسيتين في أمهرة، على بعد بضع مئات الكيلومترات من أديس أبابا.

جرائم ضد الإنسانية

وقبل نهاية العام، تطرق تقرير مشترك للأمم المتحدة وإثيوبيا، إلى جرائم ضد الإنسانية يُحتمل أنّ “جميع الأطراف” ارتكبتها، كذلك وافق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على آلية دولية للتحقيق في الانتهاكات المتعلقة بالنزاع.

ومطلع العام الجاري، قالت الأمم المتحدة، إن 108 أشخاص على الأقل قتلوا منذ مطلع الشهر وتحدثت عن احتمال أن تكون جرائم حرب قد ارتكبت، ذلك في وقت أعلن فيه متمردو تيغراي أنهم “اضطروا” لاستئناف القتال في منطقة عفر.

وأشارت بيانات الأمم المتحدة، إن 4,6 ملايين شخص، يمثلون 83 بالمئة من سكان المنطقة يعانون من “انعدام الأمن الغذائي“.

وأعلنت الحكومة الإثيوبية، في آذار/مارس الماضي، عن “هدنة مفتوحة“، لتسهيل وتسريع وصول مساعدات عاجلة إلى منطقة تيغراي، حيث يواجه الآلاف خطر المجاعة بعد ثلاثة أشهر من عدم وصول قوافل مساعدات، رد المتمردون بالموافقة على “وقف الأعمال العدائية“.

وفشلت الهدنة التي امتدت نحو خمسة أشهر، بتحقيق أي تقدم بشأن المفاوضات على إنهاء النزاع في الإقليم شمالي أثيوبيا، في حين استُؤنفت المعارك منتصف شهر آب/أغسطس الماضي، في منطقة جنوب تيغراي، وتبادل متمردو تيغراي والحكومة، الاتهامات بخرق الهدنة.

وقُتل عدد لا يحصى من المدنيين منذ اندلاع الحرب في ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان، كما تم توثيق انتهاكات جسيمة لحقوق المدنيين من قبل جميع الأطراف.

واتهم محققو الأمم المتحدة، الإثنين، حكومة آبي، بأنها ارتكبت جرائم يحتمل أن تُصنف جرائم ضد الإنسانية في تيغراي، بما في ذلك استخدام التجويع كسلاح حرب من خلال منع وصول المساعدات إلى المنطقة التي يبلغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة.

ورفضت أديس أبابا، التقرير الذي أعدته لجنة خبراء حقوق الإنسان بشأن إثيوبيا، وقال ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف زينبي كيبيدي لـ“فرانس برس“، إن استنتاجاتهم “متناقضة ومتحيزة“.

وقالت اللجنة إنها وجدت أدلة على انتهاكات واسعة النطاق من قبل جميع الأطراف.

وحكمت جبهة تحرير شعب تيغراي إثيوبيا، لعقود من الزمن قبل أن يتولى آبي، السلطة في 2018، وتعتبرها أديس أبابا جماعة إرهابية.

وأرسل آبي، قواته إلى تيغراي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 للإطاحة بالجبهة رداً على ما قال إنها هجمات على معسكرات الجيش الفيدرالي. لكن الجبهة استعادت السيطرة على معظم تيغراي في عودة مفاجئة في يونيو/ حزيران 2021، ثم توسعت إلى المناطق المجاورة في عفر وأمهرة.

وتتهم الحكومة الإثيوبية جبهة تيغراي -التي كانت تهيمن على الائتلاف الحاكم في إثيوبيا حتى وصول آبي أحمد إلى السلطة في 2018- بمحاولة إعادة هيمنة تيغراي على إثيوبيا، في حين تتهم الجبهة آبي أحمد بمركزية السلطة واضطهاد مواطني إقليم تيغراي.

ويقول برنامج الأغذية العالمي إنه نجح في الوصول إلى “عشرات الآلاف” من الأشخاص وأنه كانت تلك مجرد بداية لكنها كانت أقل بكثير من إغاثة 4.8 مليون في الإقليم.

في رسالة مفتوحة إلى قادة العالم عشية اندلاع القتال قال زعيم الجبهة دبرصيون جبرا ميكائيل: “إننا نقترب بسرعة من النقطة التي نواجه فيها الموت بكل الأحوال لذلك نفضل أن نموت ونحن ندافع عن حقوقنا وكرامتنا“.

اقرأ أيضا: ما خيارات كييف بعد ضم روسيا لـ 4 مناطق أوكرانية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.