SWITZERLAND-SYRIA-CONFLICT-DIPLOMACY-WEAPONS-US-RUSSIA

لا يختلف اثنان على الصعوبات البالغة التي تحيط بالمعارضة السورية عشية انعقاد جنيف2. ورغم ان الصعوبات القائمة، ليست جديدة، فان في تفاصيلها ومايحيط بها من وقائع جديدة، يجعلها من الصعوبات الاكبر التي واجهتها المعارضة منذ بداية الثورة قبل نحو ثلاث سنوات.
ان الابرز في الصعوبات المحيطة بالمعارضة، تتمثل في انقسام وتشظي كياناتها ومنها الكيانات السياسية. ولا يتصل الانقسام بما تبلور من كتل وتحالفات سياسية في تجربة السنوات الثلاث الماضية مثل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة والمجلس الوطني السوري ومثلهما الهيئة الكردية العليا والمجلس الوطني الكردي، وكلها تتعرض لمحاولات تقسيم وتفتيت، بل ان الانقسام يمتد باتجاه محاولة اقامة وتعزيز كيانات واشكال هامشية وجديدة، لعل المثال الابرز في الاولى سعي المنسحبين من الائتلاف الى اقامة كيان سياسي جديد على مايقال، والمثال الثاني سعي مجموعة مؤتمر قرطبة الاخير الى تأسيس كيان سياسي جديد وابرازه بوصفه كياناً هدفه موازاة الائتلاف او التحول الى كيان أكبر منه.
وواقع الانقسامات في المعارضة السياسية، يجد له مثالاً وصدى في واقع المعارضة المسلحة، وهذا ما يشكل واحداً من تجليات الاوضاع الصعبة التي تعيشها المعارضة، والجانب الاول في موضوع المعارضة المسلحة، هو محاولات انفصالها عن المعارضة السياسية، وسعي اجزاء منها نحو تقديم نفسها قوة موازية او بديلة عن المعارضة السياسية، وقد شهدت الفترة القريبة الماضية نمواً في الاتجاه الاخير (كما في مثال الجبهة الاسلامية) على حساب الاتجاه الاول الذي كان اكثر حضوراً في العلاقة التي تربط الائتلاف الوطني مع هيئة اركان الجيش الحر.
والتعبير الثاني عن صعوبات المعارضة المسلحة هو انقساماتها. والانقسام واقع حقيقي منذ نشوء التشكيلات المسلحة في الثورة السورية. ورغم ان اغلبها اعلن تبعيته للجيش السوري الحر، او لهيئة اركان الجيش الحر في وقت لاحق، فان تلك التبعية كانت شكلية، وحتى في الحالات التي سعت تشكيلات مسلحة الى اقامة جبهات وتحالفات، فان البنى الجديدة ظلت تحالفات شكلية، منقسمة داخلها وبقدر اكبر منقسمة في العلاقة مع الخارج، ولعل الجبهة الاسلامية اليوم واحدة من الامثلة ومثلها شقيقتها جبهة ثوار سوريا.
لقد اتاح الوضع المأزوم داخل المعارضة المسلحة لجماعات متطرفة وعصابات مسلحة منها الدولة الاسلامية في العراق والشام “داعش”، ان تظهر وان تنمو وان تدخل في مواجهات مباشرة ليس مع تشكيلات المعارضة المسلحة بهدف السيطرة عليها او تصفيتها فقط، وانما في الدخول مع الحركة الشعبية والمعارضة السياسية لتحقيق ذات الهدف، الامر الذي يفسر الصحوة الاخيرة من جانب اغلب المعارضة السياسية والمسلحة ومن الحراك الشعبي في مواجهة “داعش” وهي مواجهة مرشحة لتشمل اخوات “داعش” من جماعات التطرف مثل جبهة النصرة .
ان انقسام المعارضة السورية وتشظيها، يجعل منها معارضة ضعيفة ومشتته، ومحدودة التأثير في المستويين الداخلي والخارجي، مما يزيد وضعها سوءاً عشية مؤتمر جنيف2، وخاصة لجهة مايمكن ان تقوم به من دور في المؤتمر، اذا ذهبت اليه، وربما تلعب دور المعطل للمؤتمر، اذا فشلت في لملمة اوضاعها والتفاهم بين عدد من مكوناتها لتشكيل وفد مشترك، يجعل من جنيف2 مدخلاً او بوابة في الطريق الى حل سياسي، يأخذ سوريا السوريين الى حل لقضيتهم، ولو كان حلاً يمر عبر مرحلة انتقالية قد تكون طويلة.
ان المعطيات السابقة، تجعل من السوريين اقل ثقة بالمعارضة وبقدرتها على لعب دور فاعل في القضية السورية، والتأثير في رسم مسارات لمعالجتها سواء في المستوى السياسي الذي يعتبر جنيف2 احدى محطاته المرتقبة، أو في مستوى الحل العسكري الذي لم تستطع التشكيلات المسلحة للمعارضة الوصول اليه واسقاط النظام بالقوة، باستثناء انها فشلت في ادارة شؤون المناطق التي خرج منها النظام، وانطلاقاً من واقع ضعف المعارضة، تنطلق اصوات سورية في رفض جنيف2، تعبيراً عن مخاوف قد تترتب على المشاركة فيه نتيجة ضعف المعارضة.
كما ان واقع المعارضة في انقساماتها وضعفها، يمثل احد رهانات النظام في موقفه من جنيف2. اذا هو يعتقد ان وضعها القائم، وما يحيط به، سوف يمنعها من المشاركة في جنيف2، وان ذلك سيمنع انعقاد المؤتمر، واذا انعقد بوجود وفد ضعيف ومتناقض في مواجهة النظام، فان الاخير سيراهن على احداث تحول وظيفي في مهمة المؤتمر، وجعله “مؤتمراً لمكافحة الارهاب” وفرصة لاعادة تأهيل نظام الاسد في المستويين الاقليمي والدولي.
ان واقع المعارضة ولاسيما انقساماتها، تطرح عليها مزيداً من الاعباء والمسؤوليات عشية انعقاد جنيف2، وهي امام فرصة امتحان ذاتها وقدراتها في ادارة الصراع حول جنيف2 وداخله على ان يكون الهدف مصلحة سوريا والسوريين، وهو هدف يحتاج الى الوحدة ولو بالحدود الدنيا، ويحتاج الى وعي ومعرفة وقدرة، اضافة الى الحاجة الى توفر الارادة، فهل ستثبت المعارضة السورية قدرتها على لعب دور ايجابي في خدمة سوريا والسوريين الآن؟.

فايز سارة ـ المستقبل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.