سلطان

ليلى زين الدين

 “كان يمكن لأبناء الأقليات ولا سيما الدروز تحصين الثورة من التطرف فقط لو..”، جملة كثيراً ما تتردد على لسان الناشطين من أبناء السويداء، والـ “فقط لو” هذه، ورغم أنها تدل على العديد من الظروف القائمة في المحافظة ونجاح النظام في تخويف الأقليات، لكنها أيضاً تشير إلى انقساماتٍ حادة داخل صفوف الثوار أنفسهم، لا سيما من اتجهوا إلى العمل المسلح.

العديد من أبناء السويداء أعلنوا انشقاقهم عن جيش النظام، وشكلوا عدداً من الكتائب ولعل أهمها كتيبة سلطان باشا الأطرش في سهل حوران ومؤسسها الملازم أول خلدون زين الدين الذي استشهد قبل عامٍ تقريباً بعد معركة “ضهر الجبل”، وأنشأ زين الدين أيضاً مجلساً عسكرياً باسم محافظة السويداء، لكنه تفتت قبل أشهر بفعل الخلافات والانقسامات والشللية القائمة حسب ما تفيد مصادر عسكرية، وانتهى الأمر إلى خروج كتيبة الأطرش من الميدان وإعلان وقف عملياتها العسكرية، بعد رحيلها إلى الأردن.

اتهامات بالفساد

قدمت الكتيبة مجموعة من المبررات لخروجها تتمثل في التطرف القائم بمحافظة درعا، وعدم الحصول على دعمٍ وتمويل، والتضييق على الكتيبة، وكان أخطرها خطف عنصرين من عناصرها وحكم الهيئة الشرعية في المسيفرة عليهما بالإعدام بحجة الخيانة، رغم نفي هذه الاتهامات حتى من بعض كتائب الجيش الحر في درعا.

ومع ذلك يعتبر مصدر عسكري فضل عدم ذكر اسمه أن خروج الكتيبة لم يكن سوى تعبيراً حقيقياً عن الانقسامات داخل “البيت العسكري الدرزي الواحد”، إن صح التعبير، فخلافات كبيرة رافقت تغيير رئيس المجلس العسكري، هناك من يدافع عن العقيد مروان الحمد الرئيس السابق للمجلس، وهناك من يدين بالولاء لريما فليحان، وقائمة الأسماء والتبعيات تطول، لتصل إلى حد الولاء لمرجعياتٍ درزية لبنانية، وهو ما أشار إليه صراحةً بعض عناصر كتيبة سلطان الأطرش، في معرض ردهم على محضر لجنة المتابعة والتواصل لأبناء السهل والجبل.

وتعدى الأمر ذلك إلى حد اتهاماتٍ بالفساد بعد ضياع مبلغ 120 ألف دولار أمريكي، لم يعرف بعد في أي جيبٍ استقرت، لكنها لم تصل للكتائب المقاتلة، ولم تصرف على العمل العسكري لكتيبة سلطان الأطرش.

كتائب غير ممولة

أما باقي الكتائب القائمة فمنها ما يحصل على الدعم والتمويل في حين لا وجود لها على الأرض، وهي عبارة عن تسجيل فيديو لمجموعة من الأفراد أعلنوا تشكيل الكتيبة وخرج إلى الدول المجاورة، ومثال ذلك كتيبة خلدون زين الدين، وتامر العوام، وأسود السويداء، وغيرها.

في حين لا تجد الكتائب القائمة فعلاً على الأرض والتي أعلنت انضوائها تحت لواء المجلس العسكري في المحافظة، أي دعمٍ أو تمويل، ووصل الحال ببعضها إلى بيع سلاحهم لتغطية تكاليف طعامهم، مثل “كتيبة يوسف العظمة” المقاتلة في الغوطة الشرقية والتي كان اسمها كتيبة “فدائيي بني معروف”، حيث انسحبت من المجلس العسكري مؤخراً، لكنها أيضاً لا تجد دعماً أو تمويلاً من قبل هيئة الأركان.

ويعتبر ناشطون أن واقع الفساد والشللية والمؤامرات أضاع على المحافظة فرصة الالتحاق بالثورة، كما أن الإصرار على إنشاء مجلس عسكري لمحافظة عجزت عن احتضان مظاهرة، ضيع فرصة انصهار أبناء المحافظة المنشقين في باقي الكتائب القائمة، إلا بأعدادٍ ضئيلة، ويبقى السؤال معلقاً إلى متى ستستمر الانقسامات، في ثورةٍ أحوج ما تكون لكامل أطياف الشعب السوري؟.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.