ماثيو شينس، CNN، 21 كانون الأول / ديسمبر 2015.

ترجمة موقع الحل السوري

 

#سوريا، #اللاذقية، قاعدة حميمم العسكرية ، الـ CNN

_ يشتهر الروس بصبرهم اللا محدود – وأشعر أحياناً أن الأجانب يقومون باختبار صبرنا كلما سنحت لهم الفرصة.

وبالتأكيد كانت رحلتنا إلى #سوريا مع وزارة الدفاع الروسية اختباراً: سبع ساعات ونحن نستقل الحافلة إلى مطارٍ عسكري خارج #موسكو، ثلاث ساعات من الرحلة بأمان، ثم يتبعها ست ساعات على متن طائرة الركاب السوفييتية _ من طراز توبوليف _ إلى سوريا.

كانت الرابعة فجراً عندها هبطنا أخيراً _ مجهدين _ في قاعدة حميمم الجوية العسكرية في اللاذقية على ساحل المتوسط في الشمال الغربي من سوريا.. التمثيلية المزعومة للحرب الجوية الروسية هي ضد المجموعات الإرهابية الإسلامية التي تقاتل من أجل السيطرة على سوريا.

وبينما كنا نجرّ صناديقنا الثقيلة التي تحتوي على المعدات عبر المدرج، شرقت الشمس فوق الجبال في الأفق، مسلطةً الضوء على القاعدة الجوية الواسعة – والتي تعد المنطلق للتدخل الروسي العسكري في سوريا.

بالنسبة للصحافة الغربية، فإن أي نوع من الوصول الروسي العسكري المتكتم، هو أمر نادر الحدوث بصورة عادية. ولكن عندما تمنح تلك المعلومات لهم بسهولة، يكون حقاً أمراً مدهشاً.

كل التفاصيل

لقد قامت روسيا بتسخير معظم أسلحتها الجوية الحديثة والمتطورة من أجل سوريا، وتستخدمها في قصف عنيف ضد أعداء الرئيس السوري بشار #الأسد… الكرملين، حليف الحكومة السورية.

لقد تم أخذنا إلى أطراف المدرج لمشاهدة الطائرات الحربية الروسية عن قرب وهي تقلع في غاراتها، وتعود محملة بفوارغ المتفجرات التي استخدمتها.

لم يتم إخبارنا ما الأهداف المحددة التي تم ضربها، لكنني أستطيع أن أجزم أن الحرب الروسية في سوريا هي قضية صاخبة إلى أبعد الحدود. بقيت آذاننا تطن – ربما بشكل مستمر –  بالزمجرة المسببة للصمم من قبل محركات طائرات الـ Jet الروسية النفاثة.

في إحدى المرات، أخذنا حراسنا العسكريين قريباً جداً إلى حدٍ ما.

هبطت الطائرة الحربية أمامنا، بعيداً عن مركز المدرج، أطلت بجناحيها على الجهة التي كنا نقف فيها. وبينما كانت تقلل من سرعتنا، أجبرنا على الجثوم خلف الحاجز لحماية رؤوسنا. حتى مجرد الوقوف في المنطقة لمشاهدة هذه الآلات له خطورته.

لم يكن للطعام أبداً الدلالة القوية للجيش الروسي – استطيع أن أتذكر أنني تغذيت على شرائح من شحم الخنزير عندما كنت في الشيشان أغطي المعركة الوحشية لغروزني.

وتقريباً بعد 15 عاماً بالضبط، شحم الخنزير ، أو السالو، هو خارج القائمة. لكن سجق فرانكفورت المعلب مع البطاطا المهروسة على الفطور، إلى جانبها مخلل البندورة الخضراء، كان على المائدة بشكل ثابت.

غالباً ما يحكى _ من قبل هؤلاء الذين يعرفون بهذه الأمور _ أنه في أي قوة عسكرية، دائماً طعام الأسطول البحري أفضل من طعام الجيش.

على ما يبدو، فإن هذا الأمر صحيح في روسيا، حسب ما وجدنا في يومنا الثاني في سوريا.

الوصول المدهش

وجبة الغداء كانت على ظهر طوافة الطراد الصاروخي موسكِفا المنتشرة قبالة الساحل السوري شرق البحر المتوسط.

الموسكِفا، وكما ذكرت في تقريري من على ظهر المركب، هي أحد السفن الروسية الأكثر أهمية في المنطقة وهي جزء رئيسي من حملة الزحف العسكرية للكرملين في سوريا.

لقد انتشرت مباشرة من سوريا بعد إسقاط قاذفة الصواريخ الروسية – سوخوي 24 _ من قبل طائرة مطاردة تركية في شهر تشرين الثاني / نوفمبر.

وبالإضافة إلى قدرتها على حمل الصواريخ النووية ( التي قيل لنا أنها غير موجودة )، فإنها مدعومة بنظام سلاح متطور جداً من صواريخ الدفاع الجوي.

وبالتوازي مع أنظمة السلاح المتقدمة والمنتشرة الآن على الأرض في سوريا، فإن روسيا الآن لديها القدرة على السيطرة على الأجواء فوق سوريا.

في الحقيقة، إن المدى الذي تحققه هذه الأنظمة القوية يعني أيضاً قدرتها على السيطرة على الأجواء فوق الجنوب التركي وشمال إسرائيل وقبرص ولبنان.

أخبرني قبطان السفينة _ والذي يحمل رتبة ” ضابط بحرية ” _ أن عدد طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت تحلق في الأجواء السورية لتنفيذ مهماتها قد تناقص بشكل ملحوظ منذ أن وصلت سفينته إلى السواحل –  بدون حتى أن تطلق رصاصة واحدة.

بالمناسبة، فإن الغداء كان وجبة بحرية روسية كلاسيكية، معكرونة بوفلوتسكي، كوجبة رئيسية، وهي معكرونة باللحمة وبدون صلصة، مسكوب عليها كاتشب.

النفوذ الروسي

لقد قاوم الكرملين بثبات مطالب البلدان الغربية، التي سلحت المجموعات الثائرة في سوريا، والتي تصر على أنه يتوجب على بشار الأسد أن يتنحى قبل أي محادثات للسلام.

حقيقة عدم ورود أي ذكر لمستقبل الأسد في قرار الأمم المتحدة الأخير حول سوريا هو بلا شك نتيجة لنفوذ روسيا الدبلوماسي المتزايد بشأن القضية السورية.

بالطبع، للكرملين اهتمامات اقتصادية وعسكرية في سوريا، تستوجب الحماية.

بالرغم من أن روسيا دائما تترك الباب مفتوحاً لإمكانية تغيير القيادة في سوريا، فإن صيغتها التي تقول “الشعب السوري هو من ينبغي أن يقرر” تترك مجالاً واسعاً لإمكانية المناورة في رفض أي مرشح تشعر أنه ليس متناسباً بما فيه الكفاية مع وجهة النظر الروسية.

أي مرشح، ربما، ذلك ليس الأسد.

البحث عن الحماية

ولتصوير الطبيعة المعقدة للمشكلات السورية، اقترحت _ في اليوم الثالث من جولتنا _ أن يتم أُخذنا إلى مخيم للنازحين السوريين الذين تشردوا بفعل الحرب، يدار من قبل الحكومة السورية .

توفر روسيا الملاذ والغذاء والإمدادات الطبية في معسكرين متماثلين في سوريا في غطاء ما تسميه جهودها الإنسانية. ولكن اعتبر الأمر خطراً شديداً أن يتم أخذنا إلى أي من هذين المخيمين. لذلك، وعوضاً عن ذلك، أُخذنا إلى مخيم “المدينة الرياضية ” في اللاذقية.

بالقرب من مدخل المخيم، كان هناك ملصق كبير يظهر فيه كل من فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، وبشار الأسد يتصافحان بحرارة.

“هذا بفضل روسيا” كتب على الملصق.

يشكل المخيم ملاذاً لحوالي 5000 شخص من النازحين الذين تهجّروا بفعل القتال، ولكنهم اختاروا طلب اللجوء لا في المخيمات الكبيرة خارج سوريا، أو في أوربا، إنما فضّلوا البقاء تحت حماية الحكومة السورية.

إحدى السيدات، تدعى عائشة عبد الرحيم، والتي نزحت مع عائلتها من حلب، أخبرتني عن السبب.. قالت لي إنها كانت في خطر من قبل “الإرهابيين” بسبب كون زوجها في الجيش السوري. وقالت بأن المتمردين قاموا بقطع رؤوس عدد من أفراد أسرتها والذين كانوا جنوداً في الجيش السوري.

قال السوريون الذين تحدثوا إلى الـ CNN أنهم مفزوعين بشأن ما يمكن أن يحدث لأسرهم إذا ما تخلى الأسد عن السلطة. ومع ذلك، فإن القصف العشوائي الذي ينفذه النظام والحرب الأهلية المستمرة والتي في عام 2011 قد خلّفت أكثر من 300000 قتيل وأجبرت 10.6 مليون شخص _ أي ما يعادل تقريباً نصف عدد السكان _ على الخروج من منازلهم.

ليس الكرملين فقط من صمم على الاحتفاظ بضمان مصالحه في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.