نور الدين السيد – دمشق:

الحديث عن تكاليف الزواج ومهور الأعراس لم يعد من أولويات الشباب والعائلات #السورية في الداخل هذه الأيام، فأسعار المفروشات، وارتفاع أجرة الشقق السكنية، وتراجع الليرة، وارتفاع معدلات البطالة، من أهم أسباب عزوف الشباب عن الزواج.

ومنذ 2011 ارتفعت تكاليف الزواج 3 أضعاف، ورافق هذا الارتفاع تراجع نسبة الإقبال على الزواج والسبب “اقتصادي” بحت. وعزز هذا معدلات العنوسة التي وصلت إلى 70% وفق إحصائية رسمية، كما حلت سوريا في المرتبة الثانية من حيث #العنوسة في الوطن العربي، حسب إحصائية قامت بها إحدى الإذاعات الهولندية لعام 2013.

وكان قطاع الشباب المتضرر الأكبر من هذه الحالة، وكان عدم استقرار الشباب وحملات الاحتياط واستمرار المعارك من أهم أسباب عدم الارتباط، وفتح هذا الباب على مصراعيه أمام #الهجرة إلى أوروبا من جحيم الحرب السورية، حتى بات معلقون على وسائل التواصل الاجتماعي يصفون #سوريا بأنها ستتحول إلى “كوكب زمردة” بسبب الهجرة الكثيفة لمن هم في سن الشباب، وترك سوريا ومدنها للنساء والفتيات فقط.

تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد عقود الزواج الصادرة عن المحكمة الشرعية بدمشق بلغ 21 ألف عقد خلال 2014

ارتفاع أسعار الإيجارات

من يرغب بالزواج يضع نصب عينه أحد أهم الشروط الاساسية التي يجب الأخذ بها في حال قرر الارتباط، وهي إيجاد شقة سكنية تناسب مستوى الدخل الحالي، وبما أن أسعار الشقق السكنية ارتفع في #دمشق والمناطق التي توصف بالآمنة منذ بداية الاحتجاجات في 2011 بسبب الإقبال الكثيف من المناطق الساخنة، أصبحت مهمة البحث عن شقة وتوفرها بسعر مناسب أمراً في غاية الصعوية.

ويبلغ وسطي أجرة شقة في حي ركن الدين حوالي 70 ألف ليرة سورية دون فرش، وفي المزة جبل نحو 80 ألف، وفي الشيخ سعد 50 – 60 ألف، وفي التجارة والعدوي 80 ألف، ومساكن برزة 40 ألف، والبرامكة 90 ألف، وهذه أسعار وسطية حصلنا عليها من مكاتب عقارات في وسط دمشق.

يقول أحمد 25 عاماً، طالب جامعي لموقع الحل “غالباً ما يطلب المؤجر دفعة سلف 6 أشهر ضماناً لحقه، وهذا يجعل من فكرة الارتباط أمراً ثانوياً وغير ضروري الآن.. بالنسبة لي لا أفكر بالموضوع أبداً”.

ويبلغ معدل الأجور في سوريا حالياً (مناطق النظام) اليوم نحو 35 ألف ليرة اي حوالي 90 دولار.

تراجع الليرة واستبدالها بالذهب

دفع تراجع الليرة ووصولها إلى 390 ليرة أمام الدولار إلى رفع الصوت عالياً من أجل تحويل المهور لدى تثبيت العقود في المحاكم إلى الذهب” حيث كشف القاضي الشرعي الأول بدمشق محمود معراوي عن أنه رفع مقترحاً إلى وزارة العدل لإصدار تعميم يجيز فيه التعامل بالليرة الذهبية السورية أثناء فرض #المهر وذلك بسبب ورود الكثير من العقود إلى المحكمة والمهر المنصوص فيها يكون بالليرة الذهبية.

موضحاً أنه نتيجة وجود نص يحظر التعامل بالذهب أو ما يماثله في المهور فإنه يطلب من الزوجين تعديل قيمة المهر من الذهب إلى ما يعادله من العملة.

وقال المعراوي أنه “نتيجة انخفاض قيمة الليرة السورية إلى العُشر يضطر أهل الزوجة إلى فرض المهر على الزوج بالذهب باعتبار أن قيمته مرتفعة، إلا أنه حينما يثبتون زواجهم في المحكمة الشرعية يفاجؤون أن القانون حظر التعامل بالذهب فيعادلون قيمته بالليرة السورية”. وفق مانشرته صحيفة الوطن المحلية.

وتدلل أرقام الواقعات في القصر العدلي إلى تراجع نسبة تسجيل الزيجات بالتوازي مع ارتفاع معدل الوفيات والطلاق ولو بنسبة منخفضة، وارتفاع نسبة المهاجرين العام 2015.

وقد بينت إحصائيات المحاكم أن معاملات الطلاق كانت في عام 2009 -5700 وانخفضت في عام 2010 إلى 5300 والى 5000 في 2011 وسجلت انخفاضاً آخر ووصلت إلى 4100 في 2012، وأن هناك زيادة طفيفة لا تتجاوز 10% العام الماضي.

وفي جانب متصل، دفع هذا بالسوريين إلى اللجوء إلى الذهب البرازيلي أو الروسي “الفالصو” من أجل إتمام مراسم العرس، فيما لجأ آخرون لشراء الفضة على نطاق محدود.

أسعار المفروشات ومستلزمات العرس

قبل خمس سنوات كان سعر غرفة النوم ذو نوعية جيدة بحلول 75 ألف ليرة، واليوم أصبح السعر حوالي 300 ألف ليرة، ويصل في بعض الأحيان إلى مليون ليرة لتلك المستوردة، وبلغ سعر تجهيزات المطبخ حوالي مليون ليرة.

فيما بلغ سعر فستان العروس متوسط الجودة حوالي 200 ألف ليرة، وهو مادفع الفتيات للإقبال على استئجاره بحوالي 30 – 50 ألف ليرة لليلة الواحدة.

في نفس السياق، باتت صالات الأفراح تسعر خدماتها دون أي رقابة على ما يقوله مواطنون لموقع الحل فإجرة الصالة في الليلة الواحدة كانت بحدود 10 – 15 ألف ليرة وتشمل الضيافة، واليوم يفوق السعر الـ 50 – 75ألف ليرة.

باسم صاحب صالة أعراس في دمشق يقول “تكلفة صالة العرس كانت بحدود 30 ألف ليرة، أما الآن فالسعر وصل يصل إلى 100 ألف ليرة، شاملة الضيافة والخدمات، ومع هذا نشعر بأن خدماتنا أصبحت من تقاليد الماضي”.

عدم إيجاد فرص العمل

وبما أن #الاقتصاد السوري من أبرز المتضررين من الصراع والذي انعكس بشكل مباشر على معدلات #البطالة والتشغيل والنمو، شهدت السنوات الماضية موجات تسريح لعمال وموظفين في القطاعين العام والخاص، هؤلاء فقدوا مصدر رزقهم، ونسبة لا يستهان بها من فئات الشباب، ما دفعهم للبحث عن فرص خارج سوريا التي فتتها الحرب. فارتفع معدل #البطالة إلى 70% العام الماضي وبلغ عدد #المهاجرين 3 ملايين، وخسر قطاع الأعمال الخاص قوة العمل الأساسية بعدما كان يشغل نحو 70% من كوادر #سوريا.

إضافة غلى إغلاق الكثير من المعامل والمصانع بسبب تدميرها أو نقلها إلى دول الجوار، وهذا ما جعل إيجاد فرصة عمل لمن يفكر بالبقاء داخل سوريا أمراً صعباً.

هذه العوامل تجعل خيار الزواج أو التفكير به عند #الشباب_السوري خلال الحرب حلماً وأحاديثاً من الماضي، فعدم الاستقرار واستمرار القتال، يعقد المشكلة أكثر ويزيد من عزوف الشباب، ما سيؤدي لتراجع معدلات التنمية البشرية والنمو السكاني خلال المدى المنظور.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.