حكومة النظام تحول الدعم لـ”معونات” وتعترف: دعم المواطنين “ضرب من الجنون”!

حكومة النظام تحول الدعم لـ”معونات” وتعترف: دعم المواطنين “ضرب من الجنون”!

سعيد محمد- دمشق:

لم يكن توجه #حكومة_النظام السوري لرفع “#الدعم_الاجتماعي” كما تسميه، حديثاً أومرتبطاً ببدء الحرب في البلاد كما تدعي، بل كان هدفاً لحكومة العطري ونائبه الاقتصادي الدردي، الذي طالما طرح القضية بحجة إنهاك خزينة الدولة، وتحديداً فيما يتعلق بأسعار #المحروقات، وادعائهم باستغلال “#المهربين” للفرق بين السعر محلياً وقرينه في الدول المجاورة مثل #لبنان و #العراق و#تركيا.

 

اليوم، استغل النظام الحرب كشماعة ليسرع من تنفيذ سياسته وصولا لرفع اسعار مختلف المواد التي كانت تحت مظلة الدعم، تحت عنوان مبهم هو “عقلنة الدعم”، الذي كان محط جدل ونقاش الكثيرين، وكأنه اعتراف واضح وصريح بأن “دعم المواطن ضرب من الجنون”!

حكاية المازوت والبنزين

موظف في #وزارة_النفط، فضل عدم ذكر اسمه صريحاً، سرد لموقع #الحل_السوري حكاية رفع الدعم عن المشتقات النفطية، قائلاً إن السعي لرفع الدعم عن #المازوت بدأ “بشكل ضمني دون تصريح علني” مع “إنهاء التعامل بقسائم المازوت التي كانت مخصصة للعائلات السورية بهدف توفير مادة المازوت لأغراض التدفئة مجاناً، مقابل دفع بدل نقدي بقيمة 10 آلاف #ليرة سورية لكل عائلة تسلم لها الكميات بموجب دفتر العائلة، وتم إنشاء صندوق خاص لهذا الغرض، إلا أن بدء شماعة الحرب، أوقف العمل بهذه الآلية، وأعطى النظام حجة للبدء برفع أسعار المواد النفطية شيئاً فشيئاً، حتى وصل السعر الرسمي للمازوت إلى 135 ليرة/ليتر، بعد أن كان مسعراً بسبع ليرات فقط سابقاً”.

وحول مادة #البنزين، قال الموظف إن “البنزين قد خرج من مظلة الدعم نهائياً، فقد تم ربط سعره رسمياً بالسعر العالمي، على أن يتم رفعه وخفضه وفقاً لحركة السعر العالمية، لكنه ثابت منذ تموز الماضي على سعر 160 #ليرة/ ليتر، مايحقق أرباحاً للنظام حال انخفاض السعر ولم يرتفع عالمياً”.

ومن المعلوم أن حكومة النظام رفعت كذلك سعر اسطوانة #الغاز إلى 1900 ليرة، علماً انها لا تتوفر في السوق فعلياً بسعر أقل من 2500 ليرة، كما خفضت وزنها من 12 إلى 10 كغ بذريعة تأمينها على نطاق أوسع، علماً ان سعر الاسطوانة أو تبديلها كان يجري بسعر 300 ليرة قبل بدء الحرب.

أين السكر والرز؟

أما فيما يخص #المواد_الغذائية المدرجة تحت قائمة المواد التموينية، السكر والرز، فقد طال انتظار المواطنين أمام منافذ صالات المؤسسة الاستهلاكية التابعة لوزارة التجارة الداخلية التابعة للنظام أكثر من عام ونصف دون جدوى، إلى أن فقدوا الأمل بالحصول على ما انتظروه، قاصدين المنتج الحر بأسعار مضاعفة.

وقال أبو سامر، رب أسرة من 3 أشخاص، يعمل في النجارة، “هذا العام هو الأسوأ على الإطلاق، لم أتمكن من تأمين #السكر التمويني، وفي كل مرة كنت أقصد فيها المؤسسة للحصول على المقنن من السكر منذ العام الماضي، كان الانتظار يطول لساعات دون جدوى”، لافتاً إلى أن “الأمل فقد من #الرز قبل السكر”.

وتابع أبو سامر “مشكلتنا في أن هاتين المادتين أساسيتين جداً، ولا يمكن الاستغناء عنهما، فقد اضطررنا بسبب الغلاء وضيق الحال، للاستغناء عن اللحمة في طعامنا، لكن إن توقفنا عن شراء السكر والرز ايضا فماذا سنأكل؟”.

سؤال أبو سامر الذي لم يهز ضمير حكومة النظام ومسؤوليها، كان أوقع أثراً لدى عائلة ابراهيم (56 عاماً) نازح من الحجر الأسود ومستأجر في عشوائيات دمشق، “فقدنا منزلنا وعملنا، واختصرنا الكثير من الحاجات رغم أهميتها، لكن الوضع لا يطاق، لأن الأسعار تحلق يومياً، والرز أصبح سعره خيالياً، ويصل إلى 400 ليرة وسطياً، بينما كيلو السكر الواحد يباع 500 ليرة. فمن أين سنأكل ونشرب؟”.

دول “صديقة”!

ولم يتم توزيع مادة الرز التمويني من قبل استهلاكية النظام منذ سنتين، بينما توقف توزيع السكر منذ حوالي سنة ونصف السنة، حيث برر مصدر في حكومة النظام خلال اتصال مع موقع “الحل السوري”، عدم استجرار السكر والرز من “دول صديقة” كما يسمونها، بأن “التعاملات الاقتصادية أمر والصداقة مع الدول المنتجة للسكر والرز شيء آخر، علماً أن مصر والهند من أهم الدول المصدرة للرز”.

وتقدر الكميات اللازمة من مادة السكر التمويني لمدينة دمشق شهرياً بحوالي 23 ألف طن، بينما تصل الحاجة إلى 12.500 طن رز.

فضيحة

بالتوازي، تعاني بقية المناطق من ذات المشكلة مع تأمين الرز والسكر التموينيين، حيث لم يحصل المواطنين في #حماه على مخصصاتهم التي تصل إلى 20 ألف طن، منذ القسيمة 77  والتي انتهى مفعولها في نهاية الشهر السادس، بينما تم توزيع 10500 طن فقط، وذلك في ظل ازدياد عدد سكان المحافظة نتيجة النزوح إليها.

ومع مجيء كانون الثاني الماضي، كانت الفضيحة الكبرى في حماه، فقد كشف “فاكس” من الإدارة العامة للمؤسسة الاستهلاكية، عن توجيه بفتح قسيمة السكر رقم /79 / لتوزّع على موظفي الجهات العامة في محافظة حماه”، ليبدو مع هذا الموقف التفرقة والتمييز بين موظفي النظام وبقية المواطنين الذين لا صلة لهم ولا دخل بدوائر النظام الحكومية، حيث خصصوا كميات السكر بالموظفين دون غيرهم.

وعدا عن ذلك، ومن خلال جولة لموقع “الحل السوري” على بعض المؤسسات الاستهلاكية بـ #دمشق، أكد مواطنون أنهم ينتظرون لساعات طويلة حتى يشتروا السكر الحر من المؤسسة بسعر مخفض، مؤكدين أن الكميات قليلة، والافضلية للموظفين.

وأكد آخرون أنهم شاهدوا بأعينهم كيف يسرب السكر من المؤسسة بكميات كبيرة إلى التجار ليباع بسعر مضاعف في السوق، بتواطؤ بين بعض فروع المؤسسات وهؤلاء التجار.

4500 للسكر والرز شهرياً

ومع اعتماد الأسرة على شراء السكر والرز الحر، لعدم توزيع المقنن منهما، بات يتوجب تخصيص مبلغ شبه ثابت شهرياً لشراء هاتين المادتين، حيث تستهلك الأسرة الواحدة المكونة من خمس اشخاص بين 5-7 كيلو رز ومثلها للسكر شهرياً على الاقل، ومع افتراض أن سعر الكيلو الواحد من الرز يصل إلى 400 ليرة، وكيلو السكر 500 ليرة، فإنه ينبغي إنفاق 2500 ليرة شهريا لشراء السكر، و2000 ليرة لشراء الرز، في حال اعتمدنا الحد الأدنى للاستهلاك وهو 5 كيلو.

حتى الكهرباء!

مسلسل سحب الدعم التكتيكي عن أساسيات الحياة، وإلقاء العبء على كاهل المواطن لم يتوقف عند ذلك الحد، حيث طال ذلك قطاع #الكهرباء، الذي وصل أخيراً إلى مضاعفة قيمة الفواتير التي تدفعها كل عائلة، حيث تم رفع سعر الكهرباء 100% للاستهلاك المنزلي ليصبح سعر الكيلو واط الواحد ليرة سورية واحدة للشريحة الأولى بعد أن كان 50 قرشاً، كما قسمت الشرائح إلى 5 بدلاً من 6، إذ وسعت الشريحة الأولى من 1 إلى 400 كيلو واط، فأصبحت بالقرار الجديد من 1إلى 600 كيلو واط، وعدلت باقي الشرائح الأربعة، ورغم ذلك استمرت دعاية حكومة النظام بمسلسل الدعم بقول رئيسها وائل الحلقي إن الكيلو الواط الكهربائي الواحد يكلف الحكومة 29.7 ليرة، ويباع للمواطن بليرة واحد، بينما تبلغ قيمة دعم الكهرباء للعام 2016 (326) مليار ليرة!، “وكأن الحكومة تقتل المواطنين كي تعيش!” على حد تعبير البعض.

ومع آخر قرار لرفع تعرفة الكهرباء، ومضاعفة سعر الكيلو واط الواحد بنسبة 100%، لم يعد يوجد عائلة تدفع فاتورة تقل عن 3 ألاف ليرة في كل دورة.

استهداف المواطن السوري بلقمة عيشه وتحديداً الخبز كانت الأشد وطأة، إذ ظهرت مؤخراً إشارات تدل على نوايا النظام رفع سعر المادة مجدداً، عبر ما قامت به الوزارة من تخفيض مخصصات الدقيق للمخابز الاحتياطية وبالتالي تخفيض ساعات المناوبة في تلك الأفران، ما أدى لازمة وازدحام، اشتكى منه الكثيرون.

تلاعب بـ”الخط الأحمر”

المادة التي طالما وصفتها حكومة النظام بأنها “خط أحمر”، تعرضت هي الأخرى لرفع السعر عدة مرات، حتى استقر على 50 ليرة لربطة #الخبز، مع تخفيض عدد الأرغفة بداخلها من 8 إلى 7 أرغفة، فضلاً عن تكرر فترات إنتاج خبز بنوعية سيئة ولون أسمر عوضاً عن الأبيض، علماً ان النظام يقول أنه يدعم كل ربطة بحوالي 160 ليرة، وبحجم دعم إجمالي يبلغ 170 مليار ليرة!!.

أكثر من ثلث الراتب!

وشكلت زيادة أسعار المادة الأساسية في غذاء السوريين، عبئاً جديدا على الدخل المحدود لغالبية السوريين، حيث يستهلك تأمين الخبز بشكل يومي من راتب الموظف ما قيمته 1500 ليرة شهرياً بحساب أن العائلة تحتاج لربطة خبز واحدة يومياً لا أكثر، ويتضاعف الرقم الى 3 ألاف في حال الحاجة لربطتين، وهو غالباً حال معظم العائلات التي زادت من استهلاك الخبز، لتعوض النقص في المواد الأخرى التي باتت غير قادرة على تأمينها.

وباحتساب تكلفة تأمين المواد التي تعمل حكومة النظام على سحب دعمها لكل عائلة بشكل شهري، وفقاً لاحتياجاتها من تلك المواد وأسعارها الحرة والمرتفعة، يظهر أنه لا بد من تخصيص مبلغ لا يقل عن 9000 ليرة شهرياً فقط لتأمين الرز والسكر والخبز تضاف اليها نصف قيمة فاتورة #الكهرباء كونها تصدر كل شهرين، علماً ان راتب الموظف وسطياً يبلغ 25 ألف ليرة، بمعنى أن تأمين تلك الاساسيات يستنزف أكثر من ثلث الراتب الشهري.

استبدال الدعم بالمساعدات “الرديئة”!

تراجع المستوى المعيشي للمواطنين، بسبب الحرب وما أدت إليه من فقدان مصدر دخلهم كلياً او جزئياً، أجبر السوريين على التوجه نحو #المنظمات_الإنسانية والجمعيات الخيرية، للحصول على معونات شهرية أو فصلية، إلا أن هذه #المعونات ليست بريئة من تواطؤ بين حكومة النظام وفئة من التجار، الذين لهم نفوذاً ومصالح مع عدة مفاصل رسمية، الأمر الذي كشفه (ماهر ع) عامل في إحدى المنظمات الإغاثية لموقع الحل السوري، حيث أوضح إن “الأحاديث تدور عن ان تفعيل عمل المنظمات والجمعيات الانسانية، يعتمد بشكل كبير على رغبة عدد من التجار بتصريف مخازينهم المكدسة منذ فترات، وتحديداً البضائع ذات النوعيات الرديئة وغير المرغوبة في السوق النظامية، حيث يقومون بعد اتفاق مع تلك الجمعيات والجهات لشراء البضائع منهم وتوزيعها على المحتاجين بوساطة حكومية، كون النظام يكون بذلك ازال عن عاتقه مهمة الدعم والقاها على عاتق الجهات الدولية المانحة، وبذات الوقت ساهم بتصريف مواد أزلامه من التجار”.

وتابع ماهر إن “أولئك التجار، لهم (صولة وجولة) في دوائر القرار الرسمي، ويلعبون دوراً أساسياً في إقناع أصحاب القرار بأن ما تقوم به المنظمات الانسانية عبر تقديم سلل غذائية للأسر المحتاجة، ينوب بشكل تام عن الدعم المسحوب، بحيث يحققون أرباحاً طائلة من التعامل مع المنظمات الإغاثية وتحديداً تلك الدولية، التي تشتري بضاعتهم بأسعار تفوق قيمتها الحقيقة، خاصة عند النظر لمستوى ونوعية ومدة صلاحية تلك المنتجات”.

أسلوب غير أخلاقي

اقتصادي مقرب من دوائر النظام، قال لموقع “الحل السوري” مفضلاً عدم ذكر اسمه إن “قضية الدعم متشعبة ولها تداخلات مع مختلف المفاصل الاقتصادية في الدولة، وما لا شك فيه أن السياسات النقدية واحدة منها، حيث يسهم  فشل المصرف #المركزي بضبط سعر الصرف بتأمين مجال أوسع لسرد مزيد من الحجج والمبررات أمام الجهات الحكومية الأخرى لرفع  اسعارها، وبالتالي السير قدماً في رفع الدعم عن ما كان مدعوماً، سواء كان مواد نفطية أو خدمات مثل الكهرباء والمياه، أو سلعاً مثل الخبز والسكر والرز”.

وأردف “تقوم حكومة النظام باتباع اسلوب غير اخلاقي في رفع الدعم والاسعار عموماً، عبر حبس المواد وتقليل كمياتها في البلاد وتشكيل أزمة بكثرة الطلب وقلة العرض، حينها تبتز المواطنين الذين يطالبون بتوفير السلع الاساسية ولو بسعر مرتفع نتيجة الحاجة، وقد أعلن وزير التجارة الداخلية دون خجل سابقاً بأن المواطن هو من طلب رفع سعر ربطة الخبز، مايثبت أن حكومة هذا النظام لا تعير المواطن أي احترام”.

وأكد الخبير الاقتصادي أن “توجه النظام لرفع الدعم ليس جديداً، وبدأ في النصف الثاني من العام 2011 تحديداً، ويهدف إلى تحقيق شروط الاقتراض من البنك الدولي لتمويل مرحلة مايسميه النظام باعادة الاعمار، وإحدى شروط البنك هي وقف الدعم نهائياً”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.