بعد معاناة طويلة لبعض العائلات السورية التي فرّت من الحرب المندلعة في بلادهم، تمكنت النسوة من إيجاد فرصة لكسب لقمة العيش من خلال ما تعلمنه في مطابخ والداتهن وجداتهن.

زيت زيتون، وهو مشروع أسسته السورية تمارة الرفاعي التي خرجت من #سوريا قبل سنوات من اندلاع الحرب، فأولت اهتماماً لمساعدة المتضررين من النزاعات، حيث جمعت الأموال اللازمة لتجهيز مطبخاً يقدم دخلاً مستمراً للعاملات فيه.

عن هذا المشروع أعد كل من إيان لي وسارة سيرجاني تقريراً نشرته الـ CNN بتاريخ 19 أيلول 2016 جاء فيه:

كان مطبخ لينا قصاع مزدحماً دائماً في الشام.. شجعتها عائلتها على افتتاح مطعم تشارك من خلاله براعتها في الطهي، لكن تغير كل شيء في عام 2011 فقد مزقت الحرب سوريا، وفي ليلة وضحاها اضطر كل من قصاع وزوجها لاتخاذ قرار صعب.

تقول السيدة قصاع وهي أم لثلاثة أطفال: “غادرنا سوريا لأن منزلنا تدمر في الحرب، ولم يكن هناك مدارس نرسل أطفالنا إليها”.

وفي محاولة منها إحياء الإرث الثقافي في فن الطهي السوري، والحصول على مردود تعيل من خلاله أطفالها، عادت اليوم السيدة قصاع إلى المطبخ إلى جانب ست لاجئات أخريات يعملن من أجل تقديم خدمات الطعام لصالح مشروع “زيت زيتون”.

ويشير التقرير إلى أن رائحة الطعام التي تفوح من المنزل تملأ الحي في ضاحية العبور في #القاهرة في حين تتناوب النسوة على تحريك آنية حساء العدس الكبيرة مضافاً إليها كميات وفيرة من السكر ودبس الرمان.

إنهن غير متفقات على اسم الطبق، فهو إما “حرّاق اصبعو” أو “أحرق إصبعه”.

أما عن هذه التسمية فيرى الغالبية أن التحريك المستمر الذي تتطلبه الوصفة سوف يحرق في نهاية المطاف أصابع حامل الملعقة، أما الرفاعي فأوضحت سبباً آخر أكثر سخونة فتقول إن زوج المرأة التي اخترعت هذه الوصفة لم يستطع المقاومة والانتظار فغمس إصبعه في الحساء ليتذوقه بينما كان ما يزال يغلي على النار.

تقول السيدة قصاع التي تدير المطبخ الآن: “إن الطبخ يحيي الإرث الثقافي السوري من خلال تقديم الوصفات السورية بشكل دائم ومستمر إلى الناس”.. وتضيف: “نحن نحافظ على تراث آبائنا وأجدادنا “.

جلبت كل سيدة منهن وصفات وأطباق تحمل توقيعها الشخصي من نكهات وإضافات، ووضعنها في قائمة بسيطة تركز على الأطعمة الشعبية وهي: الكباب وكفتة اللحم ومحشي ورق عنب والسمبوسك وهو نوع من المعجنات المحشوة بالجبن.

يعملن على توحيد وصفاتهن في حين يضيفن تدريجياً المزيد من المؤثرات السورية إلى الوصفات، ولا تخلوا وصفات الطعام من النزاعات والاختلافات، فكما ورد في التقرير وبينما يحولون البصل إلى صلصة، يتساءلن متمازحات عن وصفة من هي الأفضل؟ الأكثرية الدمشقية أم الأقلية الحلبية والحمصية؟!

في هذه الصدد تقول الدمشقية غصون مصطفى: “يحتوي الطبخ الحلبي على الكثير من الحامض، إنه يعطي مذاقاً حامضاً إلى الطعام”.

وبحسب قصاع فإن سر الطعام السوري هو “الاهتمام والتنويع”. ويتم ذلك من خلال المحافظة على توازن النكهات بين الحامض والحلو.

يتم نقع ورق العنب وحشوته لدى “زيت زيتون” بدبس الرمان، وهو المكون الرئيسي في المطبخ السوري.

لم تتوقف فوائد المشروع على المردود المادي فقط، فقد شكلت النسوة _ ما وراء الطبخ _ فريق دعم من نوع آخر.

استقرت عائلة السيدة مصطفى بدايةً في #الإسكندرية الساحلية. عاد زوجها إلى #سوريا بعد أن حطّم البلطجية مطعمهم وأخذوا منه كل مدخراته، وتعرض للاعتقال. انتقلت بعدها إلى القاهرة وهي الآن تعيل أطفالها الثلاثة.

حسناء علي، وهي من #داريا، بقي زوجها في السرير مدة خمسة عشر يوماً منذ وصولهم إلى #مصر قبل ثلاثة أعوام، ولم يستطع خلالها التغلب على شعوره بالضياع، تقول السيدة علي واصفة تلك الأيام: “لقد كانت مثل يوم الحساب، لم نكن نملك شيئاً”، وتشير إلى أنها وافقت على الكثير من الحرف المختلفة من أجل كسب بعض المال.

وتقول السيدة الرفاعي التي تولي اهتماماً لمساعدة ضحايا النزاعات: “كنت دائماً أفكر أننا لا نستطيع أن نشجع الناس ما لم نعطيهم مصدراً للدخل”. وتضيف: “بذلك تجعلهم يصبحون مستقلين مادياً وقادرين على تقرير ما يريدون فعله بأنفسهم”.

تتابع النسوة الأخبار عن كثب من البيت، متأملات في اليوم الذي يتوقف فيه القتال ويتمكنّ من العودة إلى بلادهن. ولكن إلى ذلك الحين، يبقى العمل في المطبخ فرصة لصرف التفكير عن القتال.

تقول السيدة قصاع: “لن نتمكن من التحرك أية خطوة للأمام إذا ما بقينا نفكر فقط في الحرب”.

تركز النسوة على التكيف مع الحياة في مصر من أجل أطفالهن، حيث ما يزال الكفاح مستمراً من أجل نسيان هول ما رأوه خلال الحرب، وتقول الرفاعي: “نحن مجرد مجموعة من النسوة نقضي وقتاً ممتعاً مع بعض كما لو كنا خلال حفلٍ كبير وبهيج بالعودة إلى الوطن”.

مثلها مثل بقية النسوة, تلمع عيناها عندما تتحدث عن الطبخ، وتضيف: “الطبخ والمطبخ وحب الطعام والتركيز عليه في المنزل السوري هو أمر في غاية الأهمية بالنسبة لنا الآن عندما نشعر كأن كل شيء آخر يفرقنا ويقسمنا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.