منار حدّاد – دمشق:

في #سوريا لم تعد أي سلعةً محرّمة عن الغش في محتوها، سواء كانت غذائية أم غير ذلك، حيث راح الغش ينتشر في الأسواق السورية بشكلٍ كبير، بدايةُ باللحوم بأنواعها، مروراً بالمعلبات، وليس نهايةً عند الألبان والأجبان ومشتقاتها.

 

يتناول موقع “#الحل_السوري” في هذا التقرير أبرز الطرق المستخدمة  في غش مشتقات #الألبان و #الأجبان، والتي تجري بشكل اعتيادي وسط غيابٍ تام لرقابة “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” في حكومة النظام وهو ما جعل عمليات الغش بلا رقيبٍ أو حسيب.

النشاء والقريشة

الطريقة الأكثر استخداماً للغش في مادتي الجبنة واللبنة، هي خلط هذه المواد بمادتي النشاء أو القريشة، إضافةً إلى أنها سهلة الإنجاز ولا يستطيع الزبون العادي تمييزها.

وبحسب ما رصد موقع “الحل السوري” فإن ثمن الكيلو الواحد من الجبنة النظامية غير المغشوشة بلغ 1500 #ليرة سورية، في حين أنها تٌباع في أسواق “#الشيخ_سعد، #باب_سريجة و محي الدين” بما يتراوح بين 700 – 800 ليرة سورية.

وقال أبو حسن، وهو تاجر مواد غذائية في #سوق_باب_سريجة لـ “موقع الحل”: “إن إضافة النشاء تحديداً يتم استخدامها أكثر من القريشة، كون الأخيرة ترتبط بوقت زمني تصل فيه إلى الأسواق، في حين أن النشاء متوفر دائماً”، لكنه أكّد في الوقت ذاته “انتشار ظاهرة استخدام تلك الطريقتين”.

وشرح أبو حسن: “الطريقة سهلة جداً، فهي تتم خلال عملية تسنير الجبنة أو صناعتها، حيث تضاف كيمة من النشاء أو القريشة بنفس كمية الجبنة الأصلية، أي أن كل 1 كغ من الجبنة يقابله 1 كغ من القريشة أو النشاء ويتم صناعة الجبنة على هذا الأساس.

وحول الأسعار ذكر أبو حسن أن ثمن كيلو الجبنة 1500 ليرة، وثمن كيلو النشاء أو القريشة يتراوح بين 200 إلى 250 ليرة، وبالتالي من الممكن الخروج بهذا الخليط بأسعارٍ قليلة، لافتاً إلى أن “هذا الخلط يشتّت الزبون ولا يظهر إلّا بعد وضعه في الثلاجة لأيام، حيث تبدأ الجبنة بالتحلّل”.

المياه الزائدة

كانت هذه العادة مُستخدمة بشكل كبير حتى قبل الأحداث التي تعيشها سوريا، حيث يتم غمر الجبنة بكمياتٍ كبيرة من المياه وبيعها مع احتساب وزن المياه التي تبلغ حوالي 20% من وزن الجبنة، أي أن كل كيلو واحد يحتوي على 800 غرام جبنة و 200 غرام مياه.

اشترت ظلال، وهي مواطنة سورية تعيش في منطقة #مساكن_برزة بدمشق، تنكة جبنة بوزن 15 كيلو غرام لتقتات عليها مع عائلتها خلال فصل الشتاء.

تقول ظلال لـ “موقع الحل” إنها اشترتها جاهزة وكانت كالعادة تحتاج إلى تحلية لإزالة النكهة شديدة الملوحة منها، لكنّها بعد أن أخرجت قطع الجبنة من العبوة تبيّن أن وزنها دون مياه 12 كيلو غرام، أي أنها خسرت 3 كيلو.

عندما حاولت المرأة الثلاثينية العودة إلى المتجر الذي اشترت العبوة منه لتخبره بأن الجبنة “خاس وزنها” كانت الإجابة: “إنها ليست من مصنع والدي.. فأنا أبيعها كما أشتريها”.

الحالة ذاتها حدثت مع مدرّس الجغرافيا أحمد مراشي من سكّان #ريف_دمشق، بعد أن اشترى 10 كيلو غرام من الجبنة في أحد متاجر سوق الشيخ محي الدين بدمشق، ليتبيّن فيما بعد أن الوزن الحقيقي بعد سحب المياه بلغ 8 كليو و 300 غرام تقريباً، لكنه لم يراجع البائع لأنه علم أنه جهده سيذهب دون نتيجة.

وتجدر الإشارة إلى أن الخلط بالمياه يتم استخدامه مع الحليب واللبن واللبنة والدجاج الذي يتم حقنه بإبر مياه.

الزيت المهدرج

لعلّ هذه الطريقة هي الاقل استخداماً كونها ترتبط بمادة “اللبنة” أكثر من غيرها، وتتم في منشآت تصنيع الألبان والأجبان المعلّبة، حيث أن استخدام الزيوت المهدرجة أو الدسم النباتي تقلّص تكلفة إعداد المشتق إلى حدٍّ كبير ولا سيما مع إنتاج الكميات الكبيرة.

وكانت دوريات “#حماية_المستهلك” في دمشق قد ضبطت قبل أيام منشأةً لتصنيع اللبنة السكب التي تعتمد على الدسم النباتي والنشاء في منطقة باب شرقي.

وبحسب وسائل إعلام محلية فإن الكمية التي تم ضبطها بلغت 3.5 طن، وتبيّن بعد التحليل أنها مخالفة للمواصفات القياسية، وسيتم إتلافها، حيث يؤدّي استخدام الزيوت المهدرجة في المواد الغذائية إلى أضرارٍ كبيرة على الصحة.

غش الألبان غير مضرّ ولكن!

تُغش الألبان بطرقٍ مختلفة عن الجبنة، حيث يُضاف “النشاء أو الحليب البوردة” على تركيبة اللبن أو اللبنة.

وقال رئيس “جمعية الألبان والأجبان” عبد الرحمن الصعيدي”: “إن بعض أصناف مشتقات الألبان تحتوي على نشاء ومواد مُجمّدة، لكنه أوضح أن استخدام هذه المواد لا يشكّل ضرراً على الصحّة كونه حليباً أُزيل من الماء وهو أمرُ مستخدم في كبير من الدول في صناعة مشتقّات الألبان.

هذا الرأي يؤكّده أكثر أحد تجّار الألبان والأجبان في العاصمة دمشق لـ “موقع الحل”، وقال التاجر الذي رفض ذكر اسمه: “صحيح.. إن استخدام الحليب المجفّف أو النشاء في تركيبة اللبن أو اللبنة لا يشكّل ضرراً على الصحة، لكنه يُعتبر غشّاً في نوعيته كون ثمن النشاء والحليب المجفّف مع الماء يُعتبر أرخص”، وحول تصريح رئيس جمعية الألبان والأجبان اعتبره “مبرّراً لعملية الغش”.

الربح من الغش حوالي 300 ليرة
ثمّة نوعين من اللبنة، العربية التي يبغ سعرها حوالي 900 ليرة، والتركمانية التي يتراوح سعرها بين 500 – 600 ليرة، ويتم إدخال النشاء والحليب المجفّف غالياً إلى اللبنة البلدية، وفقاً للتاجر في سوق باب سريجة أبو حسن.

ويشير أبو حسن إلى أن ثمن كيلو اللبنة 900 ليرة في حين ثمن كيلو الحليب المجفّف “الفرط” يتراوح بين 450 – 500 ليرة وبالتالي فإنه بعد إجراء عملية الغش غير المشروعة فإن التاجر يربح أكثر من 300 ليرة عن الكيلو الواحد، إضافةً لربحه الأساسي.

لا رقابة على الضمير

يردف أبو الحسن التاجر في سوق باب سريجة لـ “موقع الحل” أنه من الصعب على المواطن كشف هذه الألاعيب بسبب مواجهته لخبراء في مجال الغش، وبالتالي فإنه سوف يتناول المواد المغشوشة دون أن يشعر وربما يعود لاحقاً لشرائها مرةً ثانية.

وحول دور الرقابة يقول: “إنه لا يوجد رقابة على ضمير الإنسان، وذلك لأن موظفي الرقابة يحتاجون إلى مراقبين عليهم بسبب تواطئ معظمهم مع أصحاب المحلات التي تمتهن الغش، في حين أنهم يطبّقون القانون على شخص ضعيف يعيش من وراء بسطة حلويات لأنه مكشوفة” لافتاً إلى أن نسبة أكثر من 50% من المواد الغذائية ومنها اللحوم والاجبان بشكلٍ خاص يتم غشها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.