حسام صالح

أصبح شبح ارتفاع الأسعار ينال من كل شيء يمس حياة المواطن السوري، فمقولة “الولد بتجي رزقتو معو” تلاشت تقريباً في أعراف السوريين، وأصبحت الورقة والقلم والآلة الحاسبة هي البوصلة التي توجه الأسرة السورية في كل عملية، حتى بالتفكير في إنجاب طفل جديد، بدءاً من عملية الحمل مروراً إلى الزيارات الدورية للطبيب، وصولاً إلى عملية الولادة وما يرتبط بها من حاجات أساسية بعد قدوم المولود الجديد.

البداية من الكشفية

بداية وعند حدوث عملية الحمل، يتوجب على المرأة الحامل الذهاب إلى الطبيب بشكل دوري على مدار أشهر الحمل التسعة، سارة (وهي ربة منزل حامل في شهرها السادس) تقول: “من المعروف أن تعرفة أطباء النسائية ارتفعت خلال سنوات الحرب وتضاعفت، فأقل كشفية في العيادة النسائية حوالي 1500 ليرة وتصل إلى 5 آلاف ليرة في بعض الأحيان، ويرافقها مجموعة من الصور والتحاليل، إضافة إلى الأدوية والفيتنامينات اللازمة”.

إزا ما قمنا بحسبة مجرد الزيارات الدورية للطبيب والتي تكون مرة شهرياً خلال فترة الحمل، مع الفيتامين والذي يصل سعر العلبة الواحدة منه 1000 ليرة سورية، فإن التكلفة تصل إلى 22.500 ليرة سوريا بالحد الأدنى، والتي تعتبر تكاليف ثابتة، دون احتساب الأدوية الإضافية والتحاليل وحالات المرض التي تتعرض لها الحامل.

عودة إلى زمن “الداية”

بعد اقتراب موعد الولادة، تصبح فاتورة قدوم المولود الجديد أعلى، فتبدأ رحلة البحث عن مستشفى للولادة، والتي غالباً ما تخضع لنوع الولادة سواء كانت طبيعية أم قيصرية، ودرجة المستشفى، ففي رصد لأجور الولادة في المشافي تبين أن أرخص مستشفى للتوليد تكون في المواساة (مشفى حكومي) بـ12 ألف ليرة سورية، ولا يشمل “الإكراميات” والأدوية والتحاليل بعد الولادة، والقيصرية بـ 30 ألف ليرة سورية، إلا أنه يعاني من ازدحام، وتدخل فيه الواسطة والمحسوبية والرشاوى.

وترتفع التكلفة بتغيير نوع المشفى، والتي تبدأ من سعر 40 ألف وتصل إلى النصف مليون ليرة في بعض الأحيان، ففي مشفى دار الشفاء مثلاً الولادة الطبيعية بـ 50 ألف ليرة والقيصرية بـ 85 ألف ليرة، وفي المركز الطبي الحديث (هشام سنان) الطبيعية بـ38 ألف والقيصرية بـ 80 ألف ليرة، وكانت أرخص أجور الولادات في مشفى بديع حمودة في منطقة الروضة حيث تكلف الولادة الطبيعية حوالي 20 ألف ليرة والقيصرية 30 ألف ليرة، بدون أجرة الطبيب.

تقول سارة (ربة منزل حامل في الشهر السادس) “أفكر جدياً بأن أعود بالزمن إلى القابلة القانونية أو الداية كما تتم تسميتها، وأقوم بإحضارها لتوليدي في المنزل، فتكاليف المشافي لم تعد بمقدورنا”.

وأضافت “على الرغم من اندثار هذه الظاهرة في الفترات الماضية، إلا أنها عادت مجدداً مع الارتفاع الكبير بأسعار المشافي، وأصبحت ملاذاً لأصحاب الدخل المحدود”، مشيرة إلى أن “مبلغ 10 آلاف ليرة أجرة القابلة أفضل من 25 ألف”.

وقالت “مجموعة ممن أعرفهم كانوا ينوون الولادة بشكل طبيعي لكن الطبيب أكد لهم وجوب عمل ولادة قيصرية، لأخذ مبالغ مالية إضافية، فأصبحت عملية التوليد تجارة رائجة لكسب المزيد من المال”.

وبحسبة لموقع الحل، لمرحلة الولادة، تبين أن في حال الولادة عن طريق القابلة القانونية فإن التكلفة ستكون  10آلاف ليرة وسطياً، وفي حال المشفى ستكون أرخص ولادة 20 ألف ليرة والقيصرية 30 ألف ليرة.

ديارة المولود الجديد

بعد قدوم المولود الجديد تكون “الديارة” جاهزة وهي مجموعة من الألبسة والحاجيات المرتبطة به، والتي أيضاً نالها نصيب من ارتفاع الأسعار فأقل قطعة من الألبسة الخاصة بالأطفال اليوم لا يقل سعرها عن ألفي ليرة سواء كانت بيجاما أو أفارول، ومناشف وغيارات داخلية وأغطية للطفل ووسائد إضافة إلى سرير الطفل والكرسي (الهزاز) ومستلزمات العناية بصحة ونظافة المولود.

يقول عدنان محمد (وهو صاحب محل لألبسة الأطفال) في سوق الحريقة بالعاصمة #دمشق إن “ارتفاع أسعار مستلزمات الأطفال يعود إلى قلة الإنتاج وانخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وارتفاع أسعار المواد الأولية بشكل عام وصعوبة النقل وارتفاع أجوره”.

وفي سؤاله عن تكلفة “ديارة” الطفل أكد أن “هذا الأمر يعود لنوعية الألبسة وعددها التي يرغب الوالدان في شراؤها، لكن أقل ديارة كاملة في السوق تباع بمبلغ 22 ألف ليرة سورية، ويرتفع السعر تبعاً للماركة والنوعية والجودة، وتصل سعر القطعة الواحدة أحياناً سواء بيجاما أو أفارول لـ 6 آلاف ليرة”.

يبقى سرير الطفل والكرسي الهزاز، وفي رصد لأسعارها في سوق الحريقة وشارع خالد بن الوليد في العاصمة دمشق، وصل سعر السرير من النوعية المتوسطة 27 ألف ليرة سورية، والكرسي 15 ألف ليرة.

أي أن التكلفة الكلية لتجهيز المولود، تصل إلى 64 ألف ليرة سورية.

ما بعد الولادة

تبدأ المهمة الأصعب بعد قدوم المولود، وما يترتب عليها من مصاريف يومية كالحليب الصناعي والفوط والفيتامينات، وزيارة الطبيب وغيرها.

البداية مع حليب الأطفال، والتي في مجملها مستوردة وأسعارها تتعرض لتذبذب وفقاً لسعر الدولار، إذ وصل سعر حليب “نان1” للأطفال الحديثي الولادة وزن 400 غرام إلى نحو 3200 ليرة سورية، في حين وصل سعر “البيبي لاك” وهي الماركة الأرخص مقارنة بالباقي لنحو 2750 ليرة سورية، ويحتاج الطفل لعبلة حليب كل 5 أيام، أي 7 علب شهرياً والتي يصل سعرها 19.250 ليرة سورية، وفي حال اعتماد الرضيع على حليب الأم نسبياً فتنخفض التكلفة للنصف لتصل إلى 9625 ليرة.

بعض العائلات ومع هذا الارتفاع في الحليب الصناعي، لجأت إلى حليب الأبقار المخفف، رغم تحذيرات الأطباء من إعطاءه للأطفال قبل بلوغه السنة الأولى.

المعضلة الأخرى، هي فوط الأطفال التي تعتبر مرهقة مادياً لأي عائلة تمتلك مولوداً، فكان أرخص نوع من ماركة “بيبي لايف” بسعر 635 ليرة تحتوي على 13 قطعة تكفي لأربعة أيام على أقل تقدير، أي أن مصروف حفاضات الأطفال شهرياً وحده يقارب 5860 ليرة سورية.

وبطبيعة الحال ظهر مايسمى “فوط الفرط” والتي تعتبر ذات جودة متدنية وتباع بالكيلو الذي يصل سعر الكيلو الواحد منها نحو 1300 ليرة، يوجد فيه نحو 38 فوطة، وبذلك يحتاج الطفل إلى 3 كيلو على أقل تقدير لوجود فوط غير صالحة للاستخدام ضمن هذه النوعية، إضافة إلى أن نسبة التسرب فيها عالية، فيحتاج إلى تغييرها 5 مرات يومياً، وبذلك يمكن أن تصل تكلفتها لحوالي 4 آلاف ليرة شهرياً.

وإذا ما قمنا بحسبة تقديرية، بأقل التكاليف للمولود الجديد بدءاً من مرحلة الحمل إلى الشهر الأول من الولادة فقط، فإن التكلفة تصل إلى 116 ألف ليرة سورية، وهذا يكون في حالة الولادة الطبيعية والاستغناء عن العديد من الأمور المرتبطة بالولادة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة