على خطى “حزب الله”.. إيران تدرب مليشيات “الدفاع الوطني” على أراضيها لكسب ولائهم

على خطى “حزب الله”.. إيران تدرب مليشيات “الدفاع الوطني” على أراضيها لكسب ولائهم

حسام صالح

عندما بدأت الاحتجاجات في سوريا عام 2011، كانت عمليات قمعها تتم عبر مجموعات من قوات الأمن المرتدية للزي المدني، لكن مع توسع نقاط المظاهرات وامتدادها على جغرافية سوريا بشكل واسع، لجأ النظام إلى تجنيد مايسمى “اللجان الشعبية” والتي تتشكل نواتها من بعض الموظفين المحسوبين على النظام والكثير من العاطلين عن العمل وأصحاب السوابق الجنائية في الأحياء والبلدات، عبر إعطائهم الأموال وصلاحيات واسعة.

استمر هذا الوضع حتى صيف عام 2012، عندما بدأت الانشقاقات العسكرية في صفوف الجيش، فكان لابد من تحويل هذه “اللجان الشعبية” لتنظيم مسلح يساند قوات النظام في الأحياء والبلدات والمدن، عبر إغرائهم بالرواتب وحمل السلاح والتحكم بحياة المدنيين والبطاقات الامنية الممنوحة لهم، فتم تشكيل “الدفاع الوطني”، كقوة رديفة لقوات النظام في عملياتها العسكرية ضد المعارضة التي توسع نطاق سيطرتها.
وجدت إيران في مليشيا “الدفاع الوطني” مبتغاها، وكرديف لقوات “الباسيج” ومعناها “الدفاع الشعبي” التابعة للحرس الثوري، والتي كانت مهمتها قمع المظاهرات في إيران عام 2009، فباتت رواتبهم ومعظم عمليات تدريبهم تتم في إيران، وفقاً لقواعد وشروط معينة، سنأتي على ذكرها في التقرير، وصولاً إلى تشكيل عسكري “غير نظامي” على شاكلة مليشيا “حزب الله” في لبنان و “الحوثيين” في اليمن.

من مطار دمشق إلى “قم” الإيرانية
رغم صعوبة معرفة أعداد مليشيا “الدفاع الوطني” إلا أن معظم الأرقام والتصريحات تشير إلى أن أعدادهم تفوق الـ100 ألف مقاتل، مقابل ذلك، نجد تصريحاً لقائد قوات “الباسيج” الإيرانية محمد رضا نغدي أن “حسين همداني هو المشرف على تمويل الدفاع الوطني، وأن إيران دربت حوالي 70 ألف مقاتل منهم”.
في البحث عن كيفية انتقاء الشباب وإرسالهم لإيران في دورات تدريبية على القتال، استطاع موقع الحل التواصل مع والد أحد قتلى مليشيا “الدفاع الوطني” في العاصمة دمشق والذي تلقى دورة تدريبية في إيران على حمل السلاح، فيقول: “تطوع ابني البالغ من العمر 17 عاماً في قوات الدفاع الوطني عام 2013، كان عمله في البداية مقتصراً على تنظيم الدور في أفران الخبز وتوزيع المحروقات على الناس، وبعدها بأشهر أخبرني أن المسؤول عنه في المنطقة قرر إرساله إلى إيران لإجراء دورة تدريبية، وبالفعل ذهب عبر مطار دمشق الدولي بصحبة 120 عنصر آخرين”، وأضاف “عاد ابني بعد فترة شهرين تقريباً بعد تعلمه على (القنص) في مدينة (قم الإيرانية)، وسيلتحق برفاقه للقتال على جبهة الغوطة”.

وأضاف المصدر “أصبح ابني شخصاً آخر، فكل أحاديثه في أوقات إجازته تتحدث عن القتل، وأن إيران دولة عظمى، ومن الممكن أن يصبح ضابطاً عندما يقتل أكبر عدد ممكن مما يسميهم الإرهابيين”، متحدثاً عن المزايا التي حصل عليها من وجبات الطعام والمكافآت، إلى أن قتل في كمين نُصب له مع مجموعة من رفاقه على جبهة جوبر، عام2014.
طرق التجنيد الإيرانية
يعتبر “الملا أبو مجتبى خادمي” هو رأس الحربة في تجنيد الشباب السوري وإرساله إلى إيران كبعثات تدريبية، فيشغل منصب المسؤول السياسي والعقائدي لفيلق القدس بسوريا، وتتلخص مهمته على توزيع عناصر النظام المرسلين إلى سوريا بعد خضوعهم لدورات التدريب، إضافة تسهيل وصولهم إلى إيران، بحجة زيارة المراقد المقدسة”، بحسب تقرير للمجلس الوطني للمعارضة الإيرانية.

كما يتم إرسال عناصر “الدفاع الوطني” إلى إيران بدون جوازات سفر، حيث يتم تحميلهم بطائرات الشحن، وفي بعض الأحيان يتم استصدار جوازات سفر لهم إذا كانوا فوق سن الـ18، وإرسالهم إلى لبنان، ومن هناك إلى إيران بمعرفة وتنسيق من قبل مليشيا “حزب الله”، بحسب مسؤول منشق عن مليشيا “الدفاع الوطني” بمدينة جرمانا.
ولايقتصر التجنيد على عناصر “الدفاع الوطني” فقط، بل كشفت مصادر في المعارضة الإيرانية أن مايسمى “ممثلية جامعة المصطفى” في سوريا، ومركزها الرئيسي في مدينة قم، المرتبطة بفيلق القدس تقوم على تجنيد السوريين، تحت مظلة الدفاع عن المقدسات، وتتخذ من الدين المحرك الأساسي في توجيه الشباب وتحريضهم، حيث لعبت هذه الممثلية دوراً في مساندة النظام، والأغلبية الساحقة لطلاب هذه المؤسسة تلقوا تدريبات عسكرية وأغلبهم تم إرسالهم إلى مقرات الحرس الثوري في إيران وادخالهم في دورات عسكرية ولكن في الأعوام اللاحقة، بدؤوا يدخلون دورات عسكرية في مقرات الحرس الثوري بسوريا”.

شراء الولاء
منذ بدء تدخل إيران في سوريا، ركزت نطاق عملها حول العاصمة دمشق والمدن الممتدة إلى الحدود العراقية، ووفقاً لصحيفة “جورزاليم بوست”، فإن إيران ترغب في بقاء المناطق التي تسيطر عليها مليشياتها تحت سيطرتها، دون تسليمها إلى القوات النظامية، وهو ماسبب مؤخراً بعمليات اقتتال بين قوات النظام ومليشيا الدفاع الوطني في أرياف دمشق ودير الزور.
ويقول خبراء، إن المرحلة المقبلة، ستكون حرباً بين تلك المليشيات، فروسيا لاترغب في وجودهم وبالأخص مليشيا “الدفاع الوطني”، فتعتبرهم مرتزقة قاموا بمهمتهم خلال المعارك الشرسة مع المعارضة، مقابل توفير الدعم “للفيلق الخامس” المشكل حديثاً والتابع لجيش النظام بشكل مباشر، ليكون ذراعه الأمنية في سوريا، في حين ترغب إيران بتشكيل قوة في سوريا على غرار مليشيا “حزب الله” في لبنان، و “الحشد الشعبي” في العراق، لتحويله فيما بعد إلى كيان سياسي له هيئاته ونفوذه، بقيادات سورية بالكامل، وبذلك لن يعود هناك حاجة لبقاء القوات الإيرانية، واقتصار وجودهم على المستشارين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.