شبكة روماندي السويسرية: في مخيم اليرموك الجرافات تمحو ويلات الحرب السورية

شبكة روماندي السويسرية: في مخيم اليرموك الجرافات تمحو ويلات الحرب السورية

نشرت شبكة روماندي السويسرية للأخبار، تقريراً عما آل إليه حال مخيم اليرموك في جنوبي دمشق بعد سنوات من اندلاع الحرب السورية. حيث رافقت المهندس محمد خالد في جولةٍ في المخيم، حيث نشأ وترعرع، لمراقبة الجرافات وهي تزيل الأطنان من الأنقاض من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين والذي تحول إلى مكبّ للأنقاض بسبب سنوات الحرب.

فقد تم إنشاء مخيم اليرموك في عام 1950 لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين الذين تم طردهم من أراضيهم أو الذين فرّوا بأرواحهم بعد قيام دولة إسرائيل. ليصبح هذا المخيم بعد ذلك منطقة سكنية وتجارية كبرى في جنوبي دمشق. حيث عاش السوريون ونحو مئة وستين ألف لاجئ فلسطيني هناك إلى أن اندلعت الثورة السورية في شهر آذار من عام 2011. ليصبح المخيم بعد ذلك منطقة للمتمردين ومن ثم للجهاديين، فتمت محاصرته وقصفه من قبل نظام بشار الأسد زاعماً رغبته بطرد تنظيم الدولة الإسلامية. وبالتالي تم إفراغ المخيم من سكانه ودمّرت معظم أحيائه بشكلٍ كبير. إلى أن استعادت قوات النظام والميليشيات الموالية له السيطرة على هذا المخيم في شهر أيار الماضي.

ويبين التقرير حالة الفزع التي انتابت من عاد من سكان المخيم عند رؤيته لأول مرة منذ سنوات. وذلك على لسان المهندس الفلسطيني محمود خالد البالغ من العمر 56 عاماً الذي صرّح: “عندما عدنا إلى هنا لأول مرة، شعرنا بالفزع من هول ما رأينا”. فقد قرر هذا المهندس المدني العودة للمساعدة في إعادة تأهيل المخيم الذي ترعرع وعاش فيه معظم حياته. حيث يشير إلى أن الخطوة الأولى في إعادة تأهيل المخيم هي إزالة الأنقاض التي تسدّ الشوارع بواسطة الجرافات. وهي عملية تتم بتمويلٍ مشترك من قبل الحكومة السورية ومنظمة التحرير الفلسطينية.

ويكشف التقرير كيف أن الأمور بدت أفضل منذ أن تم البدء بتنظيف الشوارع. حيث يشير المهندس خالد، ومن وراءه شاحنة كبيرة حمراء محمّلة بالأنقاض، إلى أنه قد تم إزالة خمسين ألف متر مكعب من الأنقاض وأعيد فتح جميع الشوارع الرئيسية. وعند مدخل المخيم، يقف جنود النظام حاملين أسلحتهم ووجوههم مغطاة بالأقنعة لحماية أنفسهم من سحب الغبار. وإن كان قد تم تنظيف الشوارع الرئيسية، إلا أن المباني المدمرة لا تزال واقفة في تلك الشوارع. والكثير من هذه المباني آيل للسقوط، وفي البعض الآخر ترى طوابق بأكملها منحنية بشكلٍ خطير نحو الأسفل بينما هياكلها المعدنية معلّقة في الهواء. ويضيف المهندس الخمسيني: “سيستغرق الأمر بعض الوقت لكي تعود العائلات”.

وبحسب وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين ( الأونروا )، فإن النظام السوري لم يسمح لأي من السكان بالعودة إلى مخيم اليرموك منذ القتال الأخير بينه وبين تنظيم داعش. وبحسب شبكة روماندي، فإنه لا يزال حوالي 20 % من مخيم اليرموك في حالة خراب كامل، بينما يتعين إعادة تأهيل 40 % من المخيم حتى يتمكن الناس من تخيّل إمكانية العودة! وكذلك لا بدّ من إصلاح 40 % من المباني بشكلٍ كافٍ لكي تتمكن العوائل من السكن والاستقرار فيها. وهو ما أكدّه كريس غانيس، المتحدث باسم الأونروا، عندما زار مخيم اليرموك في شهر أيار الماضي ووجده “في حالة خراب شبه كامل”. فصرّح بأنه من الصعب تخيّل العودة السريعة للنازحين في ظل الخراب الذي طال الأبنية والبنية التحتية لتوريد الماء والكهرباء.

ويبين التقرير أنه إن كانت عمليات إزالة الأنقاض قد بدأت قبل حوالي ثلاثة أسابيع وإنه من المتوقع أن تستمر شهراً آخر، لكن المشكلة أنه لا توجد خطة واضحة لإعادة إعمار المخيم أو تأهيل بنيته التحتية. فبحسب تصريح أنور عبد الهادي، المسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية، لوكالة فرانس بريس فإن الجميع بانتظار قرار الحكومة السورية بإعادة الإعمار. وبالتالي فلا بد من المطالبة لكي تبدأ عملية إعادة الإعمار هذه في أسرع وقتٍ ممكن كي يتمكن سكان المخيم من الفلسطينيين وغيرهم من العودة إلى بيوتهم.

وتختم شبكة روماندي تقريرها بجملةٍ على لسان عجوز فلسطيني في السبعين من عمره وهو يسير بين الجرافات دون أن يعير أي انتباه لثيابه من سحب الغبار، “كنت يائساً عندما رأيت كيف تم تدمير البناية التي كنت أعيش فيها مع إخوتي في السنوات الأخيرة. قد لا أرى أبداً هذا المخيم وقد أعيد بنائه بالكامل، لكن يكفيني أن أعتقد بأنني قد ساهمت في بداية إعادة التأهيل هذه”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.