عمالة الأطفال في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في ديرالزور.. “آباء” صغار تعيل أسرها

عمالة الأطفال في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في ديرالزور.. “آباء” صغار تعيل أسرها

حمزة فراتي – ديرالزور

اتسعت ظاهرة عمالة الأطفال بشكل مضاعف في مناطق ريف #ديرالزور الشرقي الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بسبب ظروف الحرب والأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها المنطقة، والتي أجبرتهم على نسيان طفولتهم من أجل لقمة العيش.

العديد من الأطفال في مختلف المدن والقرى الواقعة في شمال شرق نهر الفرات (خط الجزيرة) أخذوا على عاتقهم مسؤولية المعيل العائلي، تحت ضغط الأوضاع المعيشية السيئة التي تعيشها المنطقة، بعيداً عن حلم التعليم والدراسة.

حيث يجوب هؤلاء الأطفال أزقة المدن والبلدات بشكل يومي، لبيع بعض البضائع الرخيصة بمردود قليل لا يتجاوز 200 ليرة سورية، وغالباً ما يكون هذا المبلغ البسيط الممزوج بألم وطفولة ضائعة، من نصيب أسرة تنتظر عودة “الأب الصغير” مساء كل يوم.

ويمتهن قسم من هؤلاء الأطفال مهناً شاقة ومتعبة، تضر بصحتهم وأجسادهم الصغيرة، مثل العمل في ورش تصليح السيارات واللحام والكهرباء والنجارة، إضافة إلى العمل في رش المبيدات الزراعية التي تؤثر بشكل كبير على الجهاز التنفسي.

أسباب انتشار عمالة الأطفال
وعن السبب الرئيسي في انتشارها، يقول أستاذ علم الاجتماع يوسف الصالح 44 عاماً (من ريف ديرالزور الشرقي) لموقع الحل، إن “الفقر هو العامل الرئيسي لوجود ظاهرة الأطفال العاملين وأطفال الشوارع، ومعه عوامل أخرى مرتبطة بتفكك الأسرة وتدني التعليم، إلى جانب عدم اهتمام الجهات المسيطرة بمثل هذه الفئات من المجتمع”.

وإرتفعت مؤخراً نسبة عمالة الأطفال بشكل مضاعف، بسبب الحرب الأخيرة التي عاشتها المنطقة، حيث أن وجود هؤلاء الأطفال ارتبط بظاهرة النزوح من مكان إلى آخر قبيل خروج التنظيم من منطقتهم، إذ يجد النازحون أنفسهم بدون عمل بعد أن فقدوا كل ممتلكاتهم الأمر الذي يدفع بهم لإجبار أطفالهم على العمل ليكونوا معيلين لهم” وفق قوله.

وذكر الصالح أسباب أخرى ساهمت أيضاً في تزايد تعداد الأطفال العاملين، ومنها، غياب الوعي الثقافي لدى الأسر والتي ترى أن التعليم أمر لا فائدة منه، إضافة إلى الجهل بالقوانين التي تمنع وتحد من عمل الأطفال، والمعاملة السيئة من قبل بعض المعلمين في المدرسة، حيث تولد ردة فعل لدى الطفل بعدم قبول المدرسة وتصبح بمثابة شبح يقلقه، حيث يفضل الذهاب إلى العمل بدلاً من المدرسة، وفق تعبيره.

يتابع الصالح حديثة قائلاً ” إن معظم مناطق ديرالزور (سواء قسد أو النظام)، تمر بوضع سياسي واقتصادي حرج في هذه الفترة وضحيته الأولى هم الأطفال، حيث يتصدر المشهد الآن، ازدياد معدلات الفقر وغياب الأمن وعدم الاستقرار السياسي ، إلى جانب موجات النزوح الداخلية الكبيرة من المناطق التي لاتزال تقبع تحت سلطة التنظيم، حيث عمقت هذه العوامل الظروف المعيشية الصعبة لمدني المنطقة عموماً والأطفال بوجه خاص”.

ورغم عدم وجود إحصائية دقيقة لتعداد هؤلاء الأطفال، لأن الجهات المسيطرة على المنطقة لا تمنح مثل هكذا إحصائيات لأي جهة، وخاصة ما يتعلق بالأطفال، إلا أن الاحصائيات غير الرسمية تشير الى وجود نحو 5000 طفل عامل موزعين في المدن والقرى والبلدات الواقعة تحت سيطرة قسد، العدد الأكبر منهم يعمل في بيع البضائع الرخيصة والخضار وبعض أنواع الفاكهة، بحثاً عن لقمة العيش، وفق الصالح.

مخاطر
ويتعرض الأطفال العاملين لمخاطر عدة، مثل الإصابات الخطيرة التي تنتج عن ظروف العمل التي تعرضهم للحرارة والبرد الشديدين، إضافة لظروف العمل الصعبة التي لا تتناسب مع الحالة النفسية، والجسمية، والعقلية للطفل، إلى جانب قلب موازين القيم عنده، ليصبح الحصول على المال أعلى القيم لديه، مما يدفعه لعمل أي شيء من أجل الحصول عليه، كما ان الاستغلال الذي يتعرض له الطفل من قبل رب العمل، وتشغيله لساعات طويلة لا يقل أهمية عن المخاطر الأخرى، ناهيك عن اكتسابه لعادات سيئة ومضرة بالصحة كتعاطي المخدرات والتدخين أيضاً، ولعلا السلوك العدواني الذي يكتسبه بعض الأطفال نتيجة إحساسهم بالقهر الاجتماعي من أشد المخاطر الناجمة عن عمالتهم في المجتمع” يختتم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.