تذليل صعوبات الحياة وتعويض غياب الأب.. أرامل سوريات يكافحن لتأمين مستقبل أطفالهن

تذليل صعوبات الحياة وتعويض غياب الأب.. أرامل سوريات يكافحن لتأمين مستقبل أطفالهن

رهام غازي

تحيا بما تبقى لها من ذكريات عائلتها التي فقدت نصفها بقذيفة صاروخية سقطت في منزلهم، وراح ضحيتها طفلان وزوجٌ لطالما خفف عنها أعباء الحياة، ومنذ ذلك الوقت حُكم عليها بتحمل مسؤولية أطفالها وتربيتهم لوحدها.

إيمان أرملة وأم لأربعة أطفال، أحدهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، والآخر مصاب باضطراب جهاز الأعصاب المركزي أو ما يعرف بـ “نوبات الصرع”، تعيش في إحدى المخيمات الحدودية في منطقة إعزاز بعد اشتعال المعارك في ريف حلب عام .2012

تقول إيمان في حديثها لموقع الحل السوري: “أنا حالياً المُعيل الوحيد لأولادي، الصبح بشتغل بالخياطة، والمسا بشتغل بالصوف، لحتى خلي ولادي مو ناقصهم شي، بس لسا ناقصهم كتير”، مؤكدة أنها تعتمد بشكل كامل على بيع القطع التي تُحيكها بأسعار معقولة.

وتشير إيمان إلى أنها تتعلم الكثير من الطرق الجديدة في مهنة الخياطة والحبكة لتطوير عملها وتحسين دخلها، بطريقة مهنية في مركز مختص برعاية الأرامل بمنطقتها، مقابل راتب شهري “رمزي”، يقدمه المركز لتشجيع النساء على التعلم.

أما قصة أم محمد فلا تختلف عن قصص نساء جيلها القديم، اللواتي مزقت الحرب أحلامهنّ البسيطة برغبة الاستقرار والعيش إلى جانب أولادهنّ وأحفادهنّ، حيث فقدت زوجها وابنها وما تبقى لديها من أمل خلال الحرب، لتجد نفسها بعد ذلك مسؤولةً عن 6 أولاد أصغرهم في عمر الـ 11 عاماً.

وتعمل أم محمد البالغة من العمر 52 عاماً منذ وقت طويل بمهنة التطريز إلى جانب بعض الأعمال اليدوية البسيطة التي تبرع بها معظم نساء جيلها، إلا أنها وبعد التقدم في العمر لم تعد قادرة على العمل بنشاط وقوة، حيث فقدت جزءاً كبيراً من قوة نظرها.

تقول أم محمد: “مصاريف ابني الخاصة بالتعليم مسؤولة عنها المدرسة، بس الحياة بالمدينة صعبة”، مشيرة إلى أن نشاطات المنظمات الخيرية تتركز بشكل أكبر في ريف إدلب حيث كانت تعيش في السابق.

وتعبر أم محمد عن رغبتها في تعلم أشياء جديدة لتأمين مستلزمات طفلها في الظروف الحالية، قائلة: “بتمنى أتعلم شي جديد يساعدني، ولكن صحتي تدهورت والأمر صار صعب”.

الجدير بالذكر أن زيادة عدد الأرامل في سوريا أدى إلى تفاقم المشاكل العائلية والاجتماعية، بسبب تحمّل المرأة أدواراً لا تستطيع القيام بها في الظروف الأمنية والمعيشية الصعبة، ما أدى إلى وقوع الكثير منهن في فخ الاستغلال الجنسي أو زواج الإكراه، الذي يضمن لهن في ظروف معينة الشعور بالأمان الذي اعتدن عليه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.