القابون: وعود متناقضة والصناعيون يحاولون اتباع سياسة “الأمر الواقع”

القابون: وعود متناقضة والصناعيون يحاولون اتباع سياسة “الأمر الواقع”

فتحي أبو سهيل

يعيش صناعيو #القابون اليوم بذعر خوفاً من قيام محافظة #دمشق بإخلائهم من منطقتهم #الصناعية التي يملكون بها صكوك ملكية “طابو”، رافضين دعوة المحافظة لهم بالانتقال إلى عدرا الصناعية خارج العاصمة مقابل تنظيم المنطقة وشطب طابعها الصناعي.

ويرى #الصناعيون هناك ممن التقاهم “موقع الحل”، أن حكومة النظام عاشت في تناقض كبير منذ أيار وحتى اليوم، حيث كانت دعوات رئيسها (عماد خميس) واضحة بذلك التاريخ بدعوة الصناعيين للعودة إلى القابون وتشغيل منشآتهم، لتعارضه لاحقاً المحافظة وتطلب منهم الخروج لأنها لا تريد أي مظهر صناعي ضمن مدينة دمشق.

تخبط حكومي

وفي أيار الماضي، خصص مجلس الوزراء 500 مليون ليرة كدفعة أولى من أصل 3 مليارات لكل من وزارة الكهرباء والموارد المائية ومحافظة دمشق لإعادة الخدمات إلى المناطق الصناعية في الزبلطاني والقدم والقابون، إلا أن “محافظة دمشق” رفضت ذلك ولم تمنح القابون أي خدمات تحتية وبقيت دون كهرباء أو ماء حتى اليوم.

ووافقت حكومة #النظام بذات الشهر، على تقديم قروض للصناعيين لإعادة تشغيل منشآتهم في القابون، لكن الصناعيين حينها طلبوا ضمانات واضحة من قبل محافظة دمشق بعدم طردهم من منشآتهم بعد تأهيلها وانفاق المليارات، حيث بدأت المحافظة حينها تتحدث عن تنظيم المنطقة دون تحديد الزمن اللازم لذلك.

المحافظة تغلب الحكومة

رغم المخاوف، عاد بعض الصناعيين فعلاً للعمل ويقدر عددهم اليوم بنحو 100 منشأة على حد تعبير أحد الصناعيين هناك، لكن، الصدمة كانت بعد وعود حكومة النظام بشهرين تقريباً، ففي تموز الماضي، تراجع النظام عن قراره السابق بعودة الصناعيين لمنطقة القابون وإعادة تأهيلها، ليتم الاتفاق على نقل كافة المنشآت إلى منطقتي فضلون وعدرا بريف دمشق بما فيها المنشآت الحكومية، تمهيداً لتنظيم المنطقة وفق القانون رقم 10.

ونجحت “محافظة دمشق”، وفرضت ماتريد على الحكومة حينها، ليبقى الصناعيون يصارعون البقاء، يرفضون الذهاب إلى عدرا، ويقول أحدهم لـ “الحل”، أنا أملك منشأة طابو وهي من حقي، كيف لهم أن يخرجوني ويطلبو مني الذهاب إلى عدرا لأعود وأنفق الملايين على منشآة جديدة، حيث وفر النظام على حد تعبيره مقاسم معدة للبناء، يقسط سعرها على مدار عشرين عاماً، وقدم قروضاً بفائدة مخفضة.

وتابع “كل ذلك لا يعوّض ملكيتي، يريدون أن أكون مديوناً لهم 20 عاماً، وأنا حالياً صاحب ملك؟ هذا جنون!”.

عدم ثقة

يشار إلى أن الصناعيين سيخسرون طبيعة منشآتهم الصناعية عند التنظيم، وستتحول إلى تجارية أو سكنية، لكن هنا يقول صناعي آخر “ماهو الضامن لنا ألا يكون مصيرنا مثل سكان خلف الرازي الذين لم يحصلوا على حقوقهم حتى اليوم منذ سنوات، وهم يعانون مرارة التشرد، ومن يضمن لنا أن لا يكون مصيرنا مثلهم عندما رفعوا سعر الأسهم ليصبح من يملك 100 متر، يملك 50 متراً!”.

وتابع “إن كانت تريد المحافظة طردنا، فلن نخرج من هنا، وإن كانت تريد التنظيم، فلتمنحنا أسلوب البناء وطبيعته، ونحن سنبني بأيدينا وعلى معرفتنا، بدلاً من أن نترك المجال للتجار المقربين من المحافظة أن يتحكموا بمصيرنا ويتاجروا بملكياتنا ويحققوا أرباحاً بالمليارات”.

في تشرين الأول الماضي، زادت الضغوط على الصناعيين حينما وجّهت حكومة النظام ممثلة بوزارة الصناعة باتخاذ ما يلزم لإخلاء وهدم كل المنشآت الصناعية والمباني الحكومية في منطقة القابون، خلال مهلة لا تتجاوز 6 أشهر، بالتنسيق مع محافظة دمشق، ما أعطى وعود المحافظة بهدم كل شيء طابعاً جدياً أكثر.

تلاعب بنسب الدمار

“هناك لعبة” يقول صناعي آخر، مؤكداً “منطقة القابون الصناعية ليست معرضة لدمار كبير، وقد تم تحريف تقييم #الدمار من قبل لجان المحافظة، فالمعامل قائمة ويمكن إعادة تأهيلها بمبالغ بسيطة على نفقة الصناعيين أنفسهم دون الحكومة.

وبالفعل عادت بعض المعامل للعمل، وهي اليوم ترفض الخروج نهائياً، فأصحابها عدا عن أنهم يرون أن حقهم سيسرق منهم، يرون أيضاً أن عدرا بعيدة ولا تناسب أصحاب الصناعات الصغيرة والورشات الموجودة بالقابون، ويؤكد أغلبهم، أنهم بحاجة لفرصة إقلاع منشآتهم وتحقيق مورد مادي يستطيعون به الوقوف من جديد بعد 8 سنوات من التوقف والخسائر المادية.

فرض أمر واقع

لازالت التصريحات المتناقضة مستمرة، واصرار الصناعيين على عدم الخروج قائم، حيث تحدث رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها(سامر الدبس) الشهر الماضي، عن عودة عدد من أصحاب المنشآت الصناعية في منطقة القابون وقيامهم بإدخال الآلات والمعدات إلى منشآتهم لتشغيلها، وذلك ريثما ينتهي البحث في قضية التنظيم النهائية للمنطقة.

وأكد الدبس في حديث جاء خلال زيارته للمنطقة، بأن الصناعيين قد يعتمدون مبدأ فرض الأمر الواقع، لافتاً إلى أنه من الضرورة إعطاء الفرصة للصناعيين حتى يعودوا للعمل خلال الفترة القادمة، قبل إصدار القرار النهائي والبدء بتنفيذ المخطط التنظيمي للمنطقة.

وقام وفد مؤلف من سامر الدبس، وأمين سر اتحاد غرف التجارة السورية محمد حمشو، وعدداً من أعضاء مجلس إدارة الغرفتين، بزيارة المنطقة الصناعية، مؤكدين حق الصناعيين بالعودة إلى العمل.

ووعد الدبس بتقديم مطالب صناعيي القابون إلى حكومته، والخاصة بتأمين التيار الكهربائي للمنشآت الصناعية المنتجة حالياً، والتي يقدر عددها بحوالي 750 منشأة صناعية في جميع المجالات من كيميائية وهندسية وغذائية ونسيجية.

لكن حديث الدبس لم يعجب المحافظة التي كذبت حديثه عن عودة بعض المنشآت مؤكدة أنه لا توجد سوى منشأة واحدة فقط تعمل في القابون حالياً، وعادت وأكدت، أن الخدمات لن تعود إلى القابون، بشيء يشبه محاصرة الصناعيين ومنعهم من العمل، مشيرةً إلى أن انذارات الاخلاء ستوزع في أيار العام القادم.

وقال مصدر في المحافظة لـ”الحل” إن “المشكلة كانت في وعود رئيس الحكومة منذ أشهر بعودة الصناعيين، ورغم أنه وعدهم بالعودة، لكن القانون رقم 10 يتيح للمحافظة القيام بما تراه مناسباً وبالقانون”.

وتعتبر القابون إحدى المناطق الصناعية الثلاثة الموجودة في دمشق، إلى جانب #القدم والزبلطاني، والتي تضم مئات المصانع والمنشآت بمختلف الاختصاصات النسيجية والغذائية والكيميائية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.