روسيا تدخل على خط التعليم في سوريا: مدارس بتبعية دينية وكتب تُمجد “البطولات” الروسية

روسيا تدخل على خط التعليم في سوريا: مدارس بتبعية دينية وكتب تُمجد “البطولات” الروسية

حسام صالح

على وقع هدوء العمليات العسكرية الروسية داخل الأراضي السورية، تشن روسيا حرباً من نوع آخر قوامها “القوة الناعمة”، فلم يكن قرار وزارة التربية التابعة للنظام قبل 3 أعوام بإدخال اللغة الروسية إلى المدارس كلغة أساسية بوصفها الحليف، إلا مقدمة لمشروع يؤسس لتواجد روسي دائم على الأراضي السورية، كنوع من “الاستعمار الجديد”، منافسة بذلك المشروع الإيراني الذي يروج لنفسه على أساس ديني، عشرات المدارس تفتتح من قبل روسيا في “مناطق المصالحات” التي لم تستطع إيران إيجاد موطأ قدم لها فيها، يقابلها كتب ومواد ثقافية روسية توضع في المناهج التعليمية السورية، على شكل نصوص أدبية تمجد ملاحم وبطولات الروس، لأجيال سورية ترعرت في ظل حرب طاحنة تروج روسيا من خلالها بأنها المخلص من “الإرهاب”.

مدارس روسية من الساحل إلى الغوطة
بدأت روسيا بالتركيز في نشر مشاريعها التعليمية بداية في مناطق الساحل السوري، التي لم تشهد عمليات عسكرية، وتشكل بيئة خصبة لهذه الأنواع من المشاريع، وخصوصاً لمن تسميهم “أبناء الشهداء”، حتى أن وكالة “سبوتنيك” الروسية، نشرت خبراً قبل شهر تحت عنوان “أبناء الضحايا في سوريا يفضلون تعلم اللغة الروسية على باقي اللغات”، في إشارة إلى عوائل جنود النظام الذين قتلوا في المعارك الدائرة مع المعارضة، خلال سنوات الحرب، حيث جاء التبرير على لسان “ياسر صبوح” مدير المركز الثقافي باللاذقية بقوله “نعمل على تعليم اللغة الروسية وتقديمها مجاناً لذوي الشهداء، لإعداد جيل يتكلم اللغة، لتكون لغة صديقة وحليفة قدم متكلموها من أبناء الدولة الاتحادية جهوداً من أجل إعادة الأمان وطرد المسلحين من الجغرافيا السورية، لذا من الضروري تعليم أبناء الشهداء تلك اللغة”، بحسب وصفه.

لم تكتف روسيا بذلك، بل كانت “مناطق التسوية” هي هدفها التالي، فبعد عملية التهجير من الغوطة الشرقية والتي كانت برعاية روسية، عملت روسيا على التأثير ثقافياً وإيدلوجياً لمن بقي من سكانها، حيث قالت مصادر لموقع الحل إن “إحدى الجمعيات الخيرية الروسية، افتتحت الشهر الماضي مدرسة ثانوية في مدينة زملكا، وأقامت احتفال وزعت من خلاله الهدايا على الأطفال وأهاليهم، وتم إلقاء كلمات من جانب نشطاء وعسكريين روس، تحدثوا من خلالها عن النية في إدخال المناهج الدراسية الروسية للنهوض بالعملية التعليمية في الغوطة”، على حد تعبيرهم.
وأضافت المصادر أن “النشطاء والعسكريين الروس، يقومون بزيارات دائمة للمدارس في الغوطة، كما حدث قبل أيام ففي مدرسة عين ترما، حيث يتركز حديثهم عن الإنجازات الروسية في سوريا، وأنهم دولة حليفة، ومن يستطيع تعلم اللغة فمن الممكن إرساله روسيا لإتمام تعليمه”.

كتب دراسية تحكي “ملاحم الروس”!
مع بداية العام 2018، تم بشكل فعلي إدخال اللغة الروسية كلغة ثانية في المناهج السورية للصفوف من 7 وحتى 11، كما تم افتتاح، قسم للغة الروسية في جامعة دمشق في منتصف عام 2018، ولم يقتصر الأمر على اللغة فقط، بل أصبحت هناك كتب ومناهج روسية تدرس في المدارس والجامعات، حيث صرح المركز الصحفي لمؤسسة “روس سوترودنيتشيستفو” أنه “يتم العمل على توريد كتب دراسية روسية مترجمة إلى العربية بالتعاون مع وزارتي التربية والتعليم العالي السورية”، وهو ما أكدته صحيفة “الوطن” الموالية للنظام بأن “كتب الصف الثالث الثانوي ستحتوي على المزيد من النصوص والقصائد باللغة الروسية، كقصيدة اللقالق لـ(لرسول حمزاتوف)، وملاحم عن (إيليا موروميتس)، وكذلك مقتطفات من قصة (غايدار) تيمور وفريقه، حيث يقوم وزير التربية والتعليم شخصيًا بالترجمة إلى العربية”.
وعلى غرار ما تفعله إيران فيما يخص التعليم، افتتحت روسيا قبل شهرين أول مدرسة روسية في الشرق الأوسط بالعاصمة دمشق، حيث جاء الإعلان عبر وسائل الإعلام الروسية التي قالت إنها “أحد أهم الأحداث في مجال التعاون الروسي السوري الإنساني والتعليمي، وتقع المدرسة تحت إشراف الرئيس الأسد والجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية في روسيا، وباتباع مناهج روسية مترجمة إلى العربية”.

ويرى المدرس السابق في قسم علم الاجتماع بجامعة دمشق الدكتور “عزت الشويكي” أن “روسيا مازالت تملك نفس الفكر الشيوعي، الذي يمجد أبطال وشخصيات وترى في نشرها سوريا نوعاً من أنواع الاستدامة داخل المجتمع السوري، لخلق حالة من الترابط الفكري والثقافي”، مشيراً إلى أن “التدخل العسكري الروسي أيده فئة من السوريين، مقابل الآلاف ممن قتلوا وقصفوا بفعل هذا التدخل، ولا بد من تغيير الصورة النمطية المرسومة تجاه الروس، خصوصاُ في المناطق التي باتت تحت سيطرة النظام وروسيا (الغوطة الشرقية، ريف حمص، وغيرها)”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.