لوبوان الفرنسية: بشار الأسد على طريق العودة إلى الساحة الدولية

لوبوان الفرنسية: بشار الأسد على طريق العودة إلى الساحة الدولية

نشرت صحيفة لوبوان الفرنسية قبل يومين، تقريراً، تناول إمكانية إعادة تأهيل نظام بشار الأسد سياسياً وعودته من جديد إلى المجتمع الدولي, بعد أن تمكّن من استعادة السيطرة على معظم أنحاء البلاد وطرد المعارضة المسلحة والجهاديين. حيث تساءلت الصحيفة فيما إذا كان بشار الأسد يرى نهاية النفق بالفعل أم أن الطريق أمامه لا يزال طويلاً؟ فبشار الأسد، الذي بقي منبوذاً من المجتمع الدولي لفترة طويلة، على وشك العودة اليوم وبقوة ليبسط سيطرته على كافة أنحاء سوريا، إضافةً إلى عودته إلى الساحة الإقليمية. وهو ما خلص إليه الخبراء بعد ثمان أعوام من الحرب المدمّرة في البلاد التي رافقتها تداعيات عالمية.

فهذه الحرب، والتي باتت أكثر تعقيداً بسبب تدخلات القوى الإقليمية والدولية إضافة إلى المجموعات الجهادية، خلّفت منذ ربيع عام 2011 أكثر من 360 ألف قتيلاً وملايين اللاجئين في مختلف دول العالم والنازحين في الداخل السوري. وفي عام 2012 أكّد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بأن “أيام الأسد باتت معدودة”، ووضعت دول الغرب وحلفاؤها من الدول العربية ثقلهم لدعم المعارضة السورية. لكن وبعد ست سنوات، وبفضل التدخل العسكري الحاسم للحليف الروسي منذ عام 2015، تمكّنت قوات النظام السوري وبدعمٍ كذلك من إيران وحزب الله من السيطرة على ثلثي الأراضي السورية بعد طرد المعارضة المسلحة و”الجهاديين”. ويبدو أنهم في طريقهم لاستعادة السيطرة على الثلث المتبقي في شمال شرق البلاد حيث تقيم الأقلية الكردية حكماً ذاتياً بحكم الواقع في عدّة مناطق. ففي التاسع عشر من شهر كانون الأول وخلافاً للتوقعات، أعلن الرئيس دونالد ترامب فجأةً انسحاب القوات الأمريكية من سوريا والتي كانت تساند قوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد تنظيم داعش. الأمر الذي جعل أكراد سوريا يوجهون النداء إلى جيش النظام السوري والذي انتشر للمرة الأولى منذ ست سنوات في محيط مدينة منبج، وذلك في مواجهة التهديدات التركية باجتياح المنطقة.

ويبين التقرير بأنه، ووفقاً للعديد من الخبراء والمراقبين، فإن مجرّد محاولة الأكراد التحالف مع النظام السوري من جديد يعتبر نجاحاً لبشار الأسد الذي “تزداد قوته دبلوماسياً وعسكرياً يوماً بعد آخر”. فقد سبق لبشار الأسد وأن هدد باستعادة المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية والغنية بالبترول. أما اليوم فالنظام “مدعو للعودة إلى تلك المناطق”! وبالتالي ليس هناك أفضل من ذلك لبشار الأسد، فهو لم يبقى أمامه سوى منطقة إدلب في شمال غرب سوريا والتي تسيطر عليها اليوم بعض المجموعات المتمردة والجهاديين. وقد سمحت اتفاقية روسية تركية بهدنة هناك، ولكن لا يُستبعد أن تتم صفقة روسية تركية سورية بخصوص تلك المنطقة.

من جهةٍ أخرى تشير لوبوان إلى أنه، ووفقاً لمحللين في مركز الأمن الأمريكي الجديد، فإن قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا قد أرسل إشارة إلى الدول العربية توحي لهم بأنهم بات بإمكانهم التواصل مع بشار الأسد كلٌّ حسب شروطه الخاصة به. وبغض النظر عن المشهد الدبلوماسي الإقليمي، يبدو أن بشار الأسد يستفيد اليوم من العودة الغير مشروطة إلى الساحة الدولية. فمنذ أيام أعادت دولة الإمارات العربية فتح سفارتها في دمشق. كما أن البحرين أعلنت عن عودة قريبة لعمل مستشاريتها في سوريا. هذا بالإضافة إلى زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق، وهي الأولى لرئيس عربي منذ عام 2011. والإمارات والبحرين قريبتين من حليفتهما السعودية التي لطالما ناصبت العداء لبشار الأسد ودعمت معارضيه.

ويكشف التقرير بأنه وبالرغم من تجميد عضوية سوريا “بشار الأسد” في جامعة الدول العربية منذ شهر تشرين الثاني 2011، إلا أن دبلوماسياً عربيا في بيروت كشف بالأمس عن “انفتاح غير مسبوق نحو دمشق”. وبحسب الدبلوماسي المذكور، فإن دولة الإمارات العربية قد تلقت الضوء الأخضر من المملكة العربية السعودية كي تُعيد فتح سفارتها. ملمحاً بأن الرياض قد تأخذ المنحى ذاته قريباً. كما أنه، ووفقاً لمسؤول عراقي كبير، فإن بغداد تلعب اليوم دور الوسيط لإعادة العلاقات بين دمشق والدوحة. وبالتالي فإن مشاركة سوريا في القمة الاقتصادية لجامعة الدول العربية التي ستنعقد ما بين 19 و 20 كانون الثاني في بيروت، هي قيد التفاوض اليوم. وذلك قبل ثلاثة أشهر من القمة العربية السنوية. من جهةٍ أخرى فإن القاهرة تدعم عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. حيث أكد مصدر دبلوماسي لبناني بأن رئيس جهاز الأمن الوطني السوري علي مملوك قد زار مصر في 22 كانون الأول، وأن القاهرة تدعم وبشدة استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية. وبحسب نيكولا هيراس، محلل في مركز الأمن الأمريكي الجديد, فإن بشار الأسد سيسعى للاستفادة من نجاحاته في عام 2018 من خلال إبرام اتفاقات مع الدول العربية لاسيما دول الخليج لبدء إعادة إعمار سوريا. حيث تقدّر الأمم المتحدة تكلفة إعادة الإعمار هذه بـ 400 مليار دولار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.