قاسم سليماني.. يحاول إحياء إمبراطورية بـ “الإجرام والدم”

قاسم سليماني.. يحاول إحياء إمبراطورية بـ “الإجرام والدم”

جلال بكور

يعتبر الجنرال الإيراني “حج قاسم سليماني” – كما يصفه الإيرانيون – أبرز الشخصيات القيادية العسكرية الإيرانية التي برز اسمها في سوريا والعراق تحديدا خلال السنوات الماضية، وارتبط ذلك الاسم بالعمليات الإجرامية بحق السوريين خلال سنوات من الثورة ضد نظام الحكم، كما ارتبط بشكل وثيق بالمعارك “ضد الإرهاب” في العراق.

يقود الجنرال المدرج من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على لائحة الداعمين الإرهاب، عشرات الميليشيات المسلحة في سوريا والعراق ولبنان ويرتبط بشكل مباشر بمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، ويمكن وصفه على أنه وجه النظام الإيراني وسياساته التوسعية المصدرة لمفاهيم وأفكار “الثورة الإسلامية الإيرانية”.

ويقود سليماني “فيلق القدس” أبرز فرق “الحرس الثوري الإيراني” منذ عشرين عاما وذلك على خلفية عدة ترقيات أوصلته إلى رتبة “اللواء” بسبب اسهاماته في الثمانينات بالحرب الإيرانية العراقية وإسهاماته الداخلية في قمع الثورات الداخلية والحركات الطلابية ضد نظام الحكم في إيران، ويقود سليماني اليوم ملفات سوريا والعراق ولبنان واليمن فضلا عن أفغانستان.
وبحسب مصادر مفتوحة فإن سليماني لم يتلقى أي تعليم جامعي وقبل انتسابه للحرس الثوري الإيراني كان عاملا في ورشة للبناء، وشغل وظيفة في بلدة كرمان التي ينحدر منها.

“قاتل ومجرم”

على الرغم من عدم وجود معلومات دقيقة عن شخصية “سليماني” إلا أنه يحمل دائما ابتسامة على وجهه تبدو خلال زيارته إلى المناطق التي شهدت على جرائم ميليشياته الطائفية في سوريا أو العراق، ويبدو دائماً بعيداً عن المظاهر حيث يظهر بشكل مفاجئ، وغالباً ما يظهر دون الزي العسكري.

وتقول مصادر ناطقة بالإيرانية إن سليماني هو “رجل الإمبراطورية التي حكمت العالم”، ويفعل كل شيء اليوم بإخلاص من أجل إعادة تلك الإمبراطورية، بينما تقول مصادر أخرى إن سليماني “يحمل في فمه عبارات لها رائحة الدم”.
وتصفه مواقع إيرانية معارضة بأنه “المشرف على المشقة الإيرانية” و”ناقل القنابل دون موافقة الشعب الإيراني إلى سوريا واليمن والعراق” بحجة حماية الأضرحة.
وارتكبت الميليشيات الطائفية التي يقودها قاسم سليماني جرائم فظيعة بحق الشعب السوري، بدأت بقمع المتظاهرين ثم الحصار والتجويع والقتل ولم تنته بعمليات التهجير التي طالت المدن والبلدات الثائرة ضد النظام.
وتقول مصادر محلية إن ميليشيات سليماني مسؤولة عن تصفية آلاف السوريين في السجون وحرق جثثهم، فيما تقوم تلك الميليشيات بإشراف سليماني اليوم على نشر مذهبها الديني والفكري مقابل المساعدات المالية والغذائية وخاصة في ريف محافظتي دير الزور وحمص.

نشاط إيديولوجي

يعرف عن سليماني نشاطه الواسع خاصة في سوريا والعراق ولبنان واليمن حيث استفاد من الصراعات العسكرية والسياسية الضاربة في المنطقة، والتدخل الأمريكي فيها ليقوم بمد أذرع مسلحة عسكرياً وإيديولوجياً وموالية لإيران فكرياً وعقائدياً في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن.
ويقول الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية بالجيش الأمريكي إن اللواء قاسم سليماني “شخصية ذات طبيعة عدوانية”، وهو “ممثل النشاط الإيراني في المنطقة”.
ونجح سليماني في تجنيد عشرات الميليشيات في العراق تحت مسمى “الحشد الشعبي”، وهو مجموعة ميليشيات تضم مقاتلين من عشائر عربية يوالون إيران مذهبياً، كما نجح في تجنيد عدة ميليشيات في سوريا ولبنان على رأسها “حزب الله” اللبناني، و”حزب الله السوري” و”فاطميون” وعدة ميليشيات فلسطينية.
ونظراً لضعف الحاضنة الشعبية للفكر الإيديولوجي المصدر من إيران في سوريا والذي يريد نشره سليماني اضطر الأخير إلى أن يجلب آلاف المقاتلين للميليشيات التي شكلها من عدة دول أسيوية على رأسها أفغانستان.

“رجل المهام”

يعتبر سليماني رجل الهندسة الإيرانية حيث تمكن بحجة محاربة “داعش” في العراق من بسط نفوذ إيران على مناطق استراتيجية واسعة خاصة بعد قيادته معارك مدن صلاح الدين، آمرلي، تكريت والأنبار وديالى وجرف النصر. وجاء ذلك أيضا نتيجة ضعف الجيش العراقي وسيطرة سليماني على مفاصل الإدارة في الحكومة العراقية.
أما في سوريا فقد تمكن سليماني من بسط نفوذه على مدن وبلدات استراتيجية بعد عمليات تهجير مدروسة ومركزة، على رأسها ماتم في الزبداني وجنوب دمشق والقلمون الشرقي والغربي وأجزاء كبيرة من محافظتي حمص ودير الزور فضلا عن مدينة حلب، وذلك بسبب غياب الدعم عن المعارضة السورية التي لم تصمد أمام الآلة العسكرية، إلا أن التحركات النشطة لسليماني في سوريا اصطدمت بالمصالح الروسية والمصالح التركية.

“عابر للحدود”

تؤكد عدة مصادر أن سليماني زار مناطق مختلفة من سوريا أهمها البوكمال ودير الزور وحلب حيث التقى هناك بمقاتلين وقياديين في الميليشيات الطائفية التي يقدم الدعم والتدريب لها في المعسكرات المنتشرة في تلك المناطق، كما زار دمشق والتقى عدة مرات برئيس النظام بشار الأسد ومسؤوليه الأمنيين.
وتشير المصادر إلى أن قدوم سليماني إلى سوريا أمر غير مستغرب كون الوفود الإيرانية تأتي وتغادر سورية بشكل متكرر، فضلا عن نقل الأسلحة ونقل المقاتلين بشكل شبه يومي، وتحركات سليماني غالبا ما تكون سرية لأنه مدرج على لائحة المطلوبين للولايات المتحدة.

أما في العراق فقد سجلت العديد من الزيارات لقاسم سليماني التقى فيها مسؤولين في الحكومة العراقية التي تعتبر ذراعا لإيران، وآخر تلك الزيارات كانت الشهر الماضي وكانت زيارة إلى مسجد “أم الطبول”، أحد أبرز مساجد الطائفة السنية وسط بغداد، والتقى بمهدي الصميدعي، المعتمد من قبل الحكومة العراقية مفتيا للسنة في العراق.
وشهدت تلك الزيارة إهداء سليماني “سيف الإمام علي” للمفتي العراقي الذي تقول وسائل إعلام عراقية إنه محسوب على إيران.
وتقول مصادر إن سليماني هبط في بغداد عدة مرات دون إنذار مسبق حيث تم استقباله من قبل المسؤولين في الحكومة العراقية السابقة على رأسهم حيدر العبادي، مضيفة أن سليماني هو “الحاكم السري للعراق”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.