التخلي عن الأطفال حديثي الولادة… الحالات تتزايد في دمشق وريفها والعلاقات غير الشرعية هي السبب الأبرز

التخلي عن الأطفال حديثي الولادة… الحالات تتزايد في دمشق وريفها والعلاقات غير الشرعية هي السبب الأبرز

ريف دمشق (الحل) – تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة تخلي أهالي الأطفال الرضع عنهم بشكل كبير في #دمشق وريفها ومناطق أخرى في سوريا، وأصبحت أمراً عادياً بعد أن كانت في وقتٍ سابق نادرة الحدوث، وذلك بسبب تردي الأوضاع المعيشية وتدهور الحالة الاجتماعية مع سنوات الحرب الأخيرة التي ألقت بظلالها على البلاد.

ويدفع ثمن هذه الظاهرة بالدرجة الأولى الأطفال من “مجهولي النسب”، والأمهات اللواتي يجبرنّ على ترك أبنائهن، ناهيك عن الأزمات النفسية التي يتعرضنّ لها بعد ذلك، حيث أنّ معظم الحالات التي يتم فيها التخلص من الأطفال تكون ناجمة عن علاقة غير شرعية وفقاً لأعراف المجتمع، أو بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة.

وقد تداولت وسائل إعلامية محلية مؤخراً نبأ إلقاء الشرطة القبض على رجل ترك طفلته الرضيعة أمام مسجد “الثقفي” في منطقة #القصاع في #دمشق، وبعد التحقيق معه اعترف بأنّه تركها عمداً بعد ولادتها بأيام، مبرراً ذلك بسوء حالته المادية وعدم قدرته على تأمين العلاج والطعام لها.

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي جدلاً واسعاً بعد انتشار هذا الخبر، واستنكر كثيرون تصرف الرجل بالتخلص من ابنته، حيث اعتبروا أنّه لا يحق للرجل التخلص منها مهما كانت الظروف، وأنّه ليس الوحيد الذي يعاني من الوضع المعيشي الصعب، في حين انتقد آخرون سياسة الحكومة في التعامل مع الأزمات التي يعيشها المدنيون والتي يعانون بسببها على المستوى المادي والنفسي.

وتعتبر العلاقات غير الشرعية التي تتم سراً هي المسبب الأكبر لرمي الأطفال في الشوارع وأمام الأبنية والمساجد وحتى قرب حاويات القمامة، حيث تخاف النساء بعد هذه العلاقات من “الفضيحة”، و من تبعاتها التي قد تودي بحياتهنّ، لا سيما مع انتشار أفكار خاطئة كثيرة في المجتمع، وسهولة الحصول على السلاح في ظل الأوضاع الأمنية السيئة.

الدكتورة سميرة الحسين (أخصائية نفسية) قالت “للحل” إنّ مسببات هذه الظاهرة لا تقتصر على العلاقات غير الشرعية، وتدهور الوضع المعيشي، بل هناك حالات خداع كبيرة تتعرض لها النساء، أبرزها الزواج العرفي، و الزواج الثاني السري، حيث تستمر هذه العلاقات لفترة قصيرة، ثم يتبرّأ الرجال من الزوجة والطفل، ويتركون النساء في مواجهة المجتمع بموقف ضعيف للغاية، يكنّ فيه متهمات بارتكاب “الرذيلة”، حسب قولها.

وأضافت الحسين أنّ الحلول موجودة لكن تطبيقها يجب أن يتم بتضافر جهود أفراد المجتمع، لإنصاف النساء ومساعدتهنّ على تجاوز أزماتهنّ المترتبة على مثل هذه العلاقات، وعدم دفعهنّ بشكل غير مباشر للتخلص من أطفالهنّ أو إيذاء أنفسهنّ، وتابعت أنّ الحلول تكون عبر نشر ثقافة قانونية لإيصال الطريقة الصحيحة بالتعامل مع هذه الحالات في حال حدوثها.

من جهته اعتبر الأستاذ علي عبد الجواد (مسؤول في دار أيتام في العاصمة) أنّ ملف الأطفال “مجهولي النسب” يجب أن يحظى باهتمام كبير، حيث أنّ المجتمع ينظر إليهم نظرة المذنب، على الرغم من أنّهم ضحية لأزمات اجتماعية، مشيراً إلى أنّه يجب تقديم رعاية خاصة لهم على كافة المستويات، بدايةً بالتربية والتعليم ووصولاً لمنحهم حقوقهم الأساسية في الحياة.

وأشار عبد الجواد إلى أنّ التعامل مع هؤلاء الأطفال يتفاوت من حالة لأخرى، حيث أنّه في بعض الحالات يتم رعايتهم من قبل أسر “متفهمة” دون تمييزهم عن أطفالهم الأصليين، والحالات الأخرى تترك لدور رعاية الأيتام أو لأسر تعاملهم كأشخاص من طبقة أدنى، ما يسبب أزمات نفسية لهم ترافقهم مدى الحياة، ونقص في احتياجاتهم الأساسية من التعليم والرعاية الصحية وغيرها، حسب قوله.

ويبقى أطفال سوريا من بين الفئات الأكثر تضرراً خلال السنوات الأخيرة، فلم يبق “مرٌ” لم يتجرعوه، وعلى الرغم من براءتهم من كل الأحداث التي تدور من حولهم، إلّا أنّهم يدفعون ثمن كل الأخطاء.

تقرير: سليمان مطر – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.