نساء من الرقة يخضن غمار العمل في مجالات كانت حكراً على الرجال

نساء من الرقة يخضن غمار العمل في مجالات كانت حكراً على الرجال

الرقة (الحل) – أثبتت المرأة الرقاوية بعد خلاصها من الحقبة السوداء التي عاشتها خلال سيطرة تنظيم «داعش» على المدينة، بأنها قادرة على المساهمة في بناء المجتمع وتطويره وبأن دورها لا يقل أهمية عن الرجل، فقد برهنت من خلال ما تقوم به الآن من أعمال في المدينة، بأنها عنصر فاعل في بناء المدينة التي دمرها الإرهاب. فقد انخرطت الكثير من نساء الرقة في شتى مجالات الحياة، إذ عملت بعض النسوة في البيع والشراء والبعض منهن أخذ دوراً حتى في مجال الحرف اليدوية وأعمال أخرى كانت بسبب قيود المجتمع، حكراً على الرجال .

حنان الخالد من سكان حي الطيار تتحدث لموقع «الحل» عن عملها في مساندة زوجها في مهنته (السباكة) قائلة، إنها «كانت تراقب زواجها عند قيامه بإصلاح وترميم منزلهم عند عودتهم إلى المدينة بعد سنة نزوح عنها فيما مضى، كما كانت تسانده في بعض الأمور البسيطة أثناء عمله كونه يعاني من إصابة قديمة في يده اليسرى، ونتيجة لضيق الحال وعدم وجود معيل آخر للعائلة غيره إلى جانب الظروف الصعبة التي مروا بها ، اقنعت زوجها بمشاركته العمل في مجال السباكة بعد مناقشات طويلة، حيث يعملان الآن سوية في توزيع الأنابيب الخاصة بالصرف الصحي والمياه والتدفئة وسخانات المياه أيضاً في معظم البيوت في أحياء المدينة».

وعن المشاكل التي تواجهها في العمل، تضيف، بأنها «لا تواجه إي مشاكل سوى نظرة المجتمع المحيط بها كونه لم يصدف أن عملت امرأة في الرقة من قبل في مجال السباكة، مشيرة إلى أنها مستمرة بالعمل وتحظى بدعم زوجها لتخطي هذه المشكلة».

لم يختلف حال رؤى عبد السميع عن حال حنان، كونها الأخرى تعمل في مجال الموبيليا برفقة والدها في المدينة، إذ تحدث لموقع «الحل»، قائلة، إن «العمل برفقة والدي في تجارة وترميم الموبيليا أهم خطوة في حياتي، كوني لم أعمل من قبل وبحيث أن نظرة المجتمع للمرأة العاملة ليست إيجابية كون المجتمع الرقاوي ذو طابع عشائري مقيد لحرية المرأة وحقوقها، إلا أن الدورات التوعوية والثقافية التي أقامتها دار المرأة في المدينة، ساعدني كثيراً في اتخاذ قراري بمساندة أبي في مهنته».

وأوضحت أنها «تقوم بالإطلاع على كافة تفاصيل العمل في الورشة وتعمل على إتقان الصنعة من والدها الذي يهتم كثيراً في إعطائها أدق التفاصيل لكي تتقنها بسرعة، بهدف مساندته وحمل العبء عنه كونه أصبح كبيراً في السن ويعاني من أمراض عدة».

نساء عاملات في مجال الزراعة
منع التنظيم أثناء فترة سيطرته النسوة من العمل في الزراعة والتي تعد من المهن القديمة التي عملت بها المرأة في الأرياف جنباً إلى جنب مع الرجل، حيث كان خروج المرأة من منزلها للعمل أو حتى لشراء حاجاتها الضرورية بمثابة العدو اللدود لعناصر التنظيم المتشدد، إلا أن ذلك تغير بعد طردهم من عموم المنطقة.

تقول صباح الأحمد (صاحبة قطعة أرض في الطبقة) لموقع «الحل»، إنني «أعمل في أرضي على مدار العام حسب أوقات زراعة المحاصيل، ويساعدني في العمل أحياناً أخوتي وأسرتي كون زوجي مفقود منذ 4 أعوام، حيث تؤمن لي الأرض الاحتياجات اليومية من الخضار، ومبلغ مالي ينتج عن بيع محاصيلي للتجار في المدينة».

تضيف الأحمد أن «التنظيم كان يمنعنا نحن النسوة من العمل سواء في الأرض أو بأعمال أخرى “منعا للاختلاط المحرّم”، وفقاً للتنظيم، ومن كانت تخالف القوانين وتعمل، كان عناصره المتشددون يعاقبون المسؤول عنها (زوجها أو أبيها أو أخيها أو ابنها)، جلداً في السوط بساحات المدينة تطبيقاً لما يسمى (بالمحاسبة الشرعية)»، وفق تسميتهم.

عاملات في مفاصل الحياة الضرورية
عليا المحمد (عاملة مخبز بالمدينة) قالت لموقع «الحل»، «بدأت بالعمل في مخبز الروضان قبل 9 أشهر لأثبت لكل المجتمع أن المرأة قادرة على مشاركة الرجل بكافة الأعمال، حيث أعمل في اليوم ما يقارب السبع ساعات ابتداءاً من 5 الفجر حتى 12 الظهر، ويعمل في المخبز 7 عمال ذكور وأنا الانثى الوحيدة بينهم ولم تواجهني أي مشاكل طول فترة عملي، سوى مشكلة وحيدة وهي نظرة الناس، كون الأمر لايزال جديداً عليهم».

أما عن دورها في المخبز تقول، إنها «تعمل مع عامل آلة (العجانه) والتي تعد أهم خطوة في إعداد الخبز، حيث تشرف المحمد على إعداد العجين وعلى عيارات المكونات الأساسية له (كالماء والطحين والخميرة)، مشيرة إلى انها تتقاضي 9500 ليرة سورية، في الأسبوع وتعطل يوم الأحد».

أم ليلى (صاحبة بسطة خضرة) قالت لموقع «الحل»، «أعمل في البسطة منذ أيام سيطرة الفصائل المعارضة على الرقة، وعند دخول داعش إلى المدينة أجبروني على إغلاق البسطة ومنعوني من العمل لكوني امرأة، دون الاكتراث بعدم وجود معيل لدي سوى ابنتي ليلى صاحبة الـ 17عام، أما زوجي فتوفي بمرض القلب منذ ثمانية سنوات».

تضيف أم ليلى «عدت للعمل بعد سيطرة قسد على المدينة وبنفس مكاني في السوق بمساعدة ابنتي ليلى، حيث اتبضع للبسطة كل يومين من سوق الهال وأبيع ما أقوم بتبضعه وفقاً للأسعار التي تعلن عنها اللجنة الاقتصادية بشكل أسبوعي، ولا أواجه أي صعوبات أو مشاكل بالعمل لأن أصحاب المحال التجارية وأصحاب البسطات أيضاً يعرفونني جيداً حتى من قبل “داعش”» كما نشطت المرأة بعدة أعمال اخرى حسب هوايتها كتربية النحل، رائدة الحاج (مربية نحل من الرقة) قالت لموقع «الحل»، أنها «تمتلك 10 خليات كانت تضم كل واحدة ما يقارب 65 ألف نحلة اغلبها هلكت أثناء فترة سيطرة داعش على المدينة، كوني لم اعد أملك حرية الحركة للاعتناء بهم، وبسبب شح الغذاء الملكي وارتفاع سعره، حيث بلغ سعر الغرام منه 1200 ليرة سورية، إن وجد، ما دفع بأغلب النحالين لترك هوايتهم وأعمالهم».

تضيف الحاج «عقب سيطرة “قسد” على المدينة وتشكيل عدة لجان مهمتها الإشراف على الثروة الحيوانية، ودار المرأة التي تهتم بشؤون المرأة وتدعم أعمالها، عدت للعمل وبدأت ب 5 خلايا نحل ضمت كل واحدة مايقارب 20 ألف نحلة، ومع توفر الغذاء الملكي وسلالات النحل المهجنة عادت المهنة من جديد، وعاد أغلب النحالين لمزاولتها، حيث يمد النحالين أغلب أسواق الرقة بالعسل الأصلي غير المغشوش وتتراوح أسعاره بين 5 أو 8 ألاف ليرة.

مساعدة المرأة وضمان حقوقها عملت إدارة المرأة التابعة لـ #الإدارة_الذاتية، على ضمان حقوق المرأة والحفاظ على دورها في المجتمع وتنميته، وذلك من خلال تنظيم دورات توعوية وتثقيفية تزيد من وعي المرأة وحثها على الانخراط في كافة مجالات الحياة، كما عملت الإدارة على القضاء على أهم وباء تعاني منه المرأة وهو زواج القاصرات التي شجع عليه متشددو التنظيم أثناء فترة سيطرتهم على المدينة.

كما عملت الإدارة على دعم المرأة من خلال افتتاح عدة مشاريع لتأمين فرص عمل للمرأة ولمساعدتها على أثبات دورها في المجتمع، كمشاريع ورشات الخياطة وأفران المعجنات وصالونات التجميل ومعاهد التمريض، حيث تمنح لكل امرأة شهادة تخولها للعمل في أي مؤسسة مدنية أو حكومية.

علي ابراهيم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.