نشرت وكالة فرانس برس تقريراً عن كتيبة “النُخبة” في الجيش السوري التي تم إحداثها مؤخراً ويتولى المستشارون الروس تدريبها وقيادتها عملياً.

فبالرغم من درجات الحرارة المرتفعة، يقف عشرات الجنود بالعتاد الكامل الثقيل بلباسهم المموه بالأخضر والبيج، بينما ترتفع موجات الغبار مع كل طلقة يطلقونها وهم يتدربون بالقرب من العاصمة السورية دمشق ضمن صفوف هذه الكتيبة الفتية من الجيش العربي السوري والتي تحظى بدعمٍ كبير من الخبراء الروس.

ويبين التقرير أن هذه الكتيبة مزوّدة بكل ما يلزم من أسلحة وعتاد من مدافع هاون وقناصة ومزيلو الألغام وحتى مركبات إطلاق الصواريخ.

حيث تظهر جلياً التدريبات والمهارات الجديدة التي اكتسبتها هذه الكتيبة من جيش النظام السوري بفضل “الصديق الروسي”، بعيداً عن صعوبات وهزائم السنوات الأولى من الحرب التي اندلعت بعد قيام الثورة السورية في شهر آذار من العام 2011. فمن خلال هذه الكتيبة المتعددة المهام، يمكننا رؤية وجه جديد للجيش السوري.

وهو الأمر الذي يحرص الجيش الروسي على إظهاره من خلال استقدامه لمجموعة من وسائل الإعلام العالمية، بما فيها وكالة فرانس برس، لحضور تدريبهم في قاعدة تقع في منطقة يعفور، حوالي 30 كيلو متر غرب دمشق.

فبفضل التدخل العسكري الروسي في سوريا في شهر أيلول من العام 2015، تمكنت روسيا من الحفاظ على بقاء بشار الأسد في السلطة.

وهو الأمر الذي سمح كذلك لقوات النظام السوري باستعادة مساحات شاسعة من الأراضي التي كان قد فقدت السيطرة عليها لصالح المعارضة المسلحة.

كما تمكنت كذلك قوات النظام من مطاردة المعارضة المسلحة والجهاديين على حدّ سواء من خلال القصف الممنهج والتدمير الشامل لمناطقهم.

وإن كانوا بالعادة كتومين في كل ما يتعلق بأنشطتهم التدريبية في سوريا، فإن الخبراء الروس لم يترددوا هذه المرة في إظهار أنفسهم وإن استمروا بإخفاء وجوههم بغطاء رأس أخضر اللون ونظارات شمسية كبيرة. فترى أحد هؤلاء الخبراء وهو يقوم بالشرح باللغة الروسية، ومن ثم تتم ترجمته إلى العربية، لبعض الجنود كيفية التعرف على اللغم ونزع فتيله. في حين يشرح لهم خبير آخر كيف تتم الإسعافات الأولية ومداواة الجروح. وكل ذلك أمام كاميرات الصحافة.

ويقول عمر محمد، قائد كتيبة “النُخبة” المذكورة، موضحاً: “لقد تم إحداث هذه الكتيبة في العاشر من شهر آب الماضي. وقد بدأت تدريباتها في اليوم ذاته”. ويضيف مؤكداً: “بفضل المستشارين الروس، ارتفع مستوى إعداد جنودنا، وهم الآن قادرون على استخدام كافة أنواع الأسلحة”.

ويشير التقرير إلى أنه وبعد التدريب الفردي لمدة شهرين سوف يتوجب على هذه الكتيبة التدرب على العمل ضمن مجموعة أكبر.

حتى أن بعض قادتها يقولون بأنهم لا يستبعدون أن يتم إرسال هذه الكتيبة لاحقاً إلى منطقة إدلب، آخر معاقل المعارضة المسلحة والفصائل الجهادية في شمال غرب البلاد. فقد تم التفاوض على اتفاق أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه هش بين موسكو وأنقرة، التي تدعم بعض فصائل المعارضة على الأرض هناك، لتجنب هجوم كبير يحضر له النظام السوري على المنطقة. لكن وفي الأشهر الأخيرة، فإن السلطة في دمشق لم تتردد في القيام بالعديد من الغارات والقصف المميتين في تلك المنطقة، وقد بدأت بالفعل بالسيطرة على العديد من المناطق في ريف إدلب.

وقد صرّح أحد قادة كتيبة “النُخبة” هذه للصحفيين قائلاً: “نحن نبني آمالاً كبيرة على المسار السياسي، لكن إن لم نحصل على ما نريد، فإننا سنلجئ للحل العسكري دون شك”. أما اللواء حسن حسن، رئيس الإدارة السياسية في جيش النظام السوري، فقد بدا أكثر تشدداً فيما إذا خذلهم الحليف الروسي. فيقول اللواء حسن جازماً: “سيتم تحرير إدلب في كل الأحوال. وسنحتفل بالنصر هناك قريباً جداً”.

وتختم فرانس برس تقريرها بالتذكير بأن هذه الحرب، التي تلت اندلاع الثورة السورية في العام 2011 والتي قمعها بشدة من قبل سلطة دمشق، قد تطوّرت على مر السنين الثمانية الماضية لتصبح حرباً معقدة أودت بحياة أكثر من 370 ألف شخصاً ونزوح ملايين السوريين سواء في الداخل السوري أو إلى خارج الحدود.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.