النازحون في إدلب…بين الهرب من القصف والبحث عن أبسط المقوّمات

النازحون في إدلب…بين الهرب من القصف والبحث عن أبسط المقوّمات

يعزم “أبو حسام صبّاغ” أخيراً فتح بقاليته في مدينة جرجناز بريف إدلب، والتي بقيت مغلقة طوال الشهرين الماضيين نتيجة القصف العنيف الذي تتعرض له المدينة، ورغم إعلان الهدنة قبل أيام، ما تزال بقالية أبو حسام إلى جانب عشرات المحال التجاريّة مغلقة، فالأهالي هنا لا يأمنون لإعلانات الهدنة الروسيّة التي سبق وأن خرقتها الطائرات الحربيّة في عديد من المناسبات في وقت سابق.

ومنذ أسابيع عادت وتيرة القصف المدفعي من قبل “الجيش السوري”، حيث تتعرض المحافظة لقصف يمدفعي يومي، يؤرق حياة الأهالي، وذلك رغم سريان ما تمسى بـ”الهدنة الأحاديّة”، التي أعلنت عنها وزارة الدفاع الروسيّة نهاية شهر آب الماضي.

ويقول أبو حسام في حديثه لموقع الحل إنه اضطر إلى ترك منزله وعمله في جرجناز منذ نحو شهر، وقد نزح إلى قرية كفرتخاريم شمال إدلب، بحثاً عن مسكن آمن لعائلته، لكنه فشل في الحصول على عمل في المكان الجديد ما جعله يفكر بالعودة على بلدته ومنزله.

عائلة أبو حسام كما مئات العائلات النازحة من المناطق الجنوبيّة في إدلب، تخشى العودة إلى منازلها تخوّفاً من عودة الحملة العسكريّة، وبالتالي عودة القصف الجوّي بشكل يومي الذي يستهدف بالدرجة الأولى المناطق السكنيّة الخاضعة لسيطرة المعارضة.

لكن ومع الهدوء النسبي في بعض المناطق وغياب الطيران الحربي بدأت بعض العائلات بالعودة إلى قرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي، والتي أضحت شبه فارغة خلال الأسابيع الماضية، عاد بعض الأهالي حاملين معهم خوفهم من تكرار سيناريو رحلة النزوح الذي بات عنواناًً تتبدل فصوله مع تبدّل الأوضاع العسكريّة والميدانيّة في المنطقة.

تقول هنادي الأحمد وهي أم لأربعة أطفال إنها مضطرة للعودة إلى منزلها في معرّة النعمان، فهي لم تستطع تحمّل تكلفة النزوح والإيجارات المرتفعة في القرى والبلدات الشمالية، وتضيف “أنا أعود الآن إلى منزلي القديم، لكني أخشى من عودة القصف، سمعت عن هدنة تم إعلانها، لم تتعرض مدينتي للقصف خلال الأيام الماضية، أتمنى استمرار الهدوء في المنطقة”.

ويتنفس أهالي محافظة إدلب الصعداء بعد الهدوء الذي عاشته مدينتهم خلال الأسابيع القليلة الماضية، الجميع في إدلب يترقبون استمرار الهدنة، فالهدنة الحقيقية ستسمح لعشرات الآلاف من النازحين بالعودة إلى منازلهم من شمال محافظة إدلب إلى جنوبها.

ولدى حديث موقع الحل مع حسن الأنور (أحد متطوعي الدفاع المدني) أكد بأن البلدات الجنوبيّة، شهدت عودةً خجولة لبعض الأهالي، مشيراً إلى أن هناك تخوفاً حقيقياً من المرحلة التي ستلي الهدنة، لأن الأهالي يعملون على نقل أغراضهم مستغلين الهدوء.

ويضيف الأنور “في جولة سريعة على شوارع معرة النعمان التي أنهكتها الصواريخ والقذائف، لاحظنا بعض العوائل تدخل منازلها، البعض يود العودة، والبعض جاء ليأخذ بعضاً من حاجياته، رغم الدمار الكبير الذي أصاب المنطقة إلا أن الكثير من الأهالي فضلوا العودة على البقاء في مناطق النزوح والمخيّمات”.

وأصدر فريق “منسقو الاستجابة” في إدلب بياناً قدم خلاله تفاصيل عن أعداد النازحين العائدين في ظل الهدنة الروسيّة، وقال إن نحو ١٣ ألف من النازحين عادوا إلى مناطقهم خلال الشهر الماضي، كما توقع الفريق عودة المزيد من النازحين فيما إذا استمر وقف إطلاق النار أو على الأقل غياب الطيران في محافظة إدلب

وقبل إعلان روسيا عن وقف أحادي لإطلاق النار ، تجاوز عدد النازحين حاجز المليون نسمة، وحذّرت حينها المنظمات الإنسانيّة من أن العمليّات العسكريّة في الشمال السوري قد تؤدي لمزيد من موجات النزوح، والكوارث الإنسانيّة لا سيما مع قدوم فصل الشتاء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.