يبدو أن الرئيس السوري #بشار_الأسد قد رَضِي بسيطرةٍ محدودة على بلاده، بعد أن تنازل عن وجود قواته على حدود سوريا البرية على حساب جهاتٍ أجنبية عدة، في مقدمتها إيران وميلشياتها الموزّعة بين سوريا ولبنان والعراق.

إذ أوضح تقريرٌ لـ موقع (The Washington Instituteأنه رغم استعادة القوات الحكومية سيطرتها على ثلثي الأراضي السورية، بعكس ما كان عليه الحال ربيع عام 2013، عندما كانت تسيطر على خُمس مساحة البلاد؛ إلا أنها تسيطر على 15% فقط من الحدود البرية، أما ما تبقى؛ فهو مقسّم بين جهات أجنبية مختلفة.

فحزب الله والميليشيات الشيعية الأخرى المدعومة من إيران، تسيطر حالياً على نحو 20 بالمائة من حدود البلاد، وقد أقام قواعده على الحدود اللبنانية السورية على الجانب السوري في كل من الزبداني والقصير، التي يسيطر من خلالها على منطقة القلمون الجبلية.

وبالمثل، تدير الميليشيات الشيعية العراقية كلا جانبي حدودها من البوكمال إلى التنف، وتمتد قبضة القوات الموالية لإيران كذلك إلى العديد من المطارات العسكرية السورية، والتي غالباً ما تكون بمثابة مستودعات للأسلحة الإيرانية المتجهة إلى حزب الله ومرتفعات الجولان على الحدود مع إسرائيل، وضعٌ يكشف عن اندماج سوريا الكامل في المحور الإيراني.

أما في الجنوب السوري، فقد عادت القوات الحكومية إلى الحدود الأردنية وأعادت فتح معبر نصيب، لكن حركة المرور لا تزال محدودة جداً اليوم، ووجود الجيش في محافظة درعا سطحي.

أما في الشمال، فبدأت تركيا منذ عام 2013، ببناء جدار حدودي في منطقة قامشلي، على طول الحدود الشمالية بأكملها، لمنع تدفق المزيد من اللاجئين السوريين إلى أراضيها.

وهي اليوم (تركيا) تُسيّر دوريات برفقة القوات الروسية على خطوط التماس بين أنقرة وقوات سوريا الديمقراطية من جهة، وبين مناطق تواجد الجيش النظامي وفصائل المعارضة من جهة أخرى.

في حين يبقى الجزء الوحيد من الحدود الشمالية الخاضعة لسيطرة الأسد هو معبر كسب شمال اللاذقية والذي أُغلِق من الجانب التركي منذ عام 2012، فمن كسب إلى أقصى الحدود الشرقية، يخضع الجانب السوري من الحدود مع تركيا وفق التسلسل الآتي:

  • من قبل الفصائل التركمانية الموالية لتركيا حتى خربة الجوز
  • من قبل التنظيم الجهادي هيئة تحرير الشام بين جسر الشغور وباب الهوى
  • من قبل الفصائل الموالية لتركيا والمنضوية تحت ما يسمى “الجيش الوطني السوري” حتى نهر الفرات
  • من قبل الجيش الروسي وقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الكُرد حول كوباني
  • من قبل “الجيش الوطني السوري” بين تل أبيض ورأس العين
  • من قبل الجيش الروسي وقوات سوريا الديمقراطية من رأس العين حتى نهر دجلة

استمرار إغلاق جميع المعابر الشمالية إلى تركيا، جعل سيمالكا / بيشخابور النافذة الدولية الوحيدة المفتوحة أمام الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا.

فعلى الجانب العراقي من الحدود الشرقية لسوريا، تسيطر الميليشيات الشيعية على معظم المناطق منذ خريف عام 2017.

أما معبر بيشخابور المائي، فتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على الجانب السوري من الحدود (سيمالكا) بدعم من القوات الأميركية، حيث يمثل المعبر نقطة الدخول الوحيدة للعديد من المنظمات غير الحكومية التي تعمل هناك وتقدم دعماً لا غنى عنه للسكان المحليين ضمن مناطق الإدارة الذاتية.

كما لعبت الدبلوماسية الروسية دوراً في إغلاق المعابر أمام الكُرد، فعلى سبيل المثال، أُغلِق معبر اليعربية الحدودي الرسمي أمام المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة منذ أن استخدمت روسيا حق النقض “الفيتو” ضد تجديد مدة فتح المعبر في مجلس الأمن كانون الأول 2019.

مستقبل السيادة المحدودة 

بالإضافة إلى التنازل عن معظم حدوده البرية لروسيا وتركيا وإيران والولايات المتحدة، فشل بشار الأسد أيضاً في إعادة بسط سيطرته على سماء سوريا ومياهها الإقليمية.

فاليوم، تخضع مناطق سوريا البحرية للمراقبة من قبل قوات من القاعدة الروسية في طرطوس، ويتم التحكم في معظم مجالها الجوي من القاعدة الروسية في حميميم.

وتعتمد إيران على الدفاعات الجوية لموسكو للحماية من الضربات الإسرائيلية. وهي ضمانة محدودة في أحسن الأحوال، لأن روسيا لا تحمي أنشطة طهران الأكثر استفزازاً مثل نقل الصواريخ إلى حزب الله أو تعزيز مواقعها في الجولان.

ومن جانبها، تحتفظ الولايات المتحدة بممر جوي بين نهر الخابور والحدود العراقية، حيث توجد آخر قواتها البرية.

وبالرغم من تصريحاتها العلنية بين الحين والآخر حول إعادة بسط سيطرتها على سوريا بأكملها، يبدو أن دمشق راضية عن الخضوع لهذه اللعبة من القوى الأجنبية.

وذلك بامتلاكها سيادة محدودة على الأراضي التي قُلّصت على المدى الطويل، فحتى لو انسحبت القوات الأميركية بالكامل من الشرق السوري، ستبقى البلاد في أيدي “ثلاثية أستانا” روسيا إيران تركيا، لذلك ليس لدى الأسد خيار في هذا الشأن.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.