يستمر الجدل حول مستقبل الأحزاب والميلشيات الموالية لإيران في العراق، بعد إمكانية قبول الطرفين الإيراني والأميركي العودة إلى الاتفاق النووي، وطي صفحة من الخلافات، التي استمرت لسنين طوال.

ويرى عدد من المراقبين أن #إيران قد تتخلى، بشكل جزئي أو كلي، عن دعم الميلشيات الموالية لها في العراق، مقابل الحصول على مكاسب من الأميركيين، أو ستقوم بكبح جماحها، على الأقل، وتمنعها من استهداف المصالح الأميركية. فيما يؤكد آخرون أن بنية الميلشيات الولائية في العراق باتت معقدة، لدرجة يصعب معها ضبطها، حتى من قبل القيادة الإيرانية.

 

المكاسب فوق كل الاعتبارات

بحسب الكاتب والمحلل السياسي “علي الحيدري” فإن «الواقع التفاوضي بين أميركا وإيران أثبت أن المصالح في عالم السياسة مقدّمة على كل شيء، وعليه فمن الطبيعي أن تتنازل إيران عن كثير من حلفائها، مقابل تحقيق هدف أسمى وأكبر، من وجهة نظرها». مضيفاً أن «ورقة التخلي عن دعم الأحزاب الموالية، مطروحة على طاولة القيادة الإيرانية في أي وقت».

وقال “الحيدري” لموقع «الحل نت» إن «تشكيل المليشيات، من قبل الإيرانيين، جاء لتحقيق أهداف وغايات سياسية، وطالما تحققت تلك الأهداف فمن الطبيعي جداً التخلّي عن أدواتها، وهذا أمر معروف في عالم السياسة».

«تحوّل العراق إلى ساحة صراع إقليمي، وفقدانه القدرة على المشاركة في إحداث تأثير بأي من الملفات الإقليمية»، واقع يؤكده “ناصر دريد”، المستشار في “مركز العراق للدراسات الاستراتيجية”.

“دريد” توقّع أن «يدور التفاوض بين الإيرانيين والأمريكيين على كل الملفات الإقليمية، وقد تكون الساحة العراقية واحدة من أوراق التفاوض»، مبيّناً أن «أغلب النخب العراقية واقعة تحت النفوذ الإيراني، وتأتمر بأوامره، ولذلك فإيران قادرة على اللعب بالورقة العراقية ببراعة، في مفاوضاتها مع الأميركيين».

 

 العراق أول المتضررين

وأبدت إدارة الرئيس الأميركي الجديد #جو_بايدن عزمها العودة إلى الاتفاق النووي، لكنها تشترط احترام #طهران لكامل الالتزامات المفروضة عليها وفق الاتفاق، في المقابل تؤكد إيران ضرورة رفع العقوبات أولاً، قبل عودتها إلى المفاوضات.

وكان “ريتشارد ميلز”، القائم بأعمال السفير الأميركي لدى #الأمم_المتحدة، قد أبلغ #مجلس_الأمن الدولي، عقب تسلّم جو بايدن مقاليد السلطة، أن «بلاده سحبت طلب إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب لإعادة فرض العقوبات على إيران»، مؤكداً «وجود فرصة، للمرة الأولى منذ سنوات، لإنهاء سياسة الضغوط القصوى، والعودة للدبلوماسية مع إيران».

وفي الداخل العراقي تبدي تيارات محلية امتعاضاً شديداً من التدخّلات الإيرانية في البلاد، التي أنتجت، بحسبها، «الميليشيات، ونشرت المُخدرات، وأسهمت في تدهور الوضع الاقتصادي»، ويتهم كثير من العراقيين إيران بنقل معاركها الدولية إلى العراق، من خلال السيطرة على اقتصاده وقراره الأمني، وكذلك تعزيز نفوذها العسكري، عبر الميلشيات التي استقوت على الجيش والمؤسسة العسكرية العراقية.

من جهته يرى الخبير في الشؤون الإيرانية “نجاح محمد علي” أن «أية تطورات إيجابية، تؤدي لاستقرار العلاقة بين إيران والولايات المتحدة، ستنعكس على العراق، الذي تضرّر عندما انسحب الامريكيون من الاتفاق النووي، وفرضوا عقوباتهم على إيران».

ويتابع “محمد علي” في حديثه لموقع «الحل نت»: «تضرّر العراق اقتصادياً ومعنوياً، وتحوّل إلى ساحة لتصفية خلافات البلدين، وانعكست عليه حالات الشد والجذب، ونتائجها، بين البلدين المتصارعين».

 

«طهران قادرة على ضبط ميلشياتها»

وحول انفلات الميلشيات الولائية من سيطرة القيادة الإيرانية يقول “ناصر دريد”: «بعض الفصائل المسلّحة تحاول التقرّب من إيران، وتقوم برمي الصواريخ على المصالح الأميركية، حتى من دون علم طهران في بعض الأحيان، ولذلك قد تسحب إيران دعمها للمليشيات في أية لحظة، وهو الدعم الذي قلّ أصلاً بعد الحصار الأميركي، الذي فُرض على الإيرانيين».

إلى ذلك يتوقع أستاذ العلوم السياسية “صالح توفيق الباسط” إمكانية أن «تلعب إيران دوراً محورياً في كبح جماح الميلشيات، التي تدعمها في كل مكان»، معتقداً أن الميلشيات «لا تقوى على الاستمرار، في حال انقطاع الدعم الإيراني عنها».

وقال في اتصال هاتفي مع موقع «الحل نت»: «توسّعت القواعد الشعبية والسياسية للميلشيات الولائية، وأجنحتها العسكرية، وهذا قد يؤدي إلى تعذّر ضبطها من جهة، ولكنه يؤشر، من جهة أخرى، إلى صعوبة  استمرارها، والنهوض وحدها بكل متطلباتها المالية، في حال لم تحصل على دعم إيراني، ولذلك فما زال بإمكان طهران ضبط ميلشياتها العراقية».

واختتم حديثه بالقول: «من الصحيح أن هذه الميلشيات تسيطر على المقدرات الاقتصادية لبعض المرافق الحكومية العراقية، لكن كل ما تحصل عليه لا يمنع انهيارها، أمام أي قرار إيراني بالتخلي عنها، مقابل تحقيق مكاسب مع الأميركيين».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.